د.أمينة مدرك

كنا ونحن اطفالا نرى مروضي الافاعي في بعض الساحات الشعبية او آكلي العقارب أو غيرهم من دجالي عروض "البارانورمال"؛ فننبهر بانجازاتهم وقوتهم ونعتقد انهم فعلا شجعان جدا؛ او من ذوي الكرامات خصوصا واني كنت انظر هذه الكوبرا التي تنفخ أوداجها و تطلق فحيحا يَشْدَه له جمع الاطفال؛!! وأرى مُرَوِّضَها في حركة تحسبية يزمر لها بالمزمار ولكن في نفس الوقت يهرج.!!خوف وثقة!! أمران غير منسجمين!!!
كبرت بشك المفارقة الى أن أكدت لي الأشرطة الوثائقية ان كل حركات الرجل كانت تمويهية موهمة الاطفال أنه بطل أمام غريم قاتل ولكن الحقيقة أن هذه الأفعى تم اقتلاع غددها السامة و أنيابها ولم يبق لها من الثعبان او الافعى سوى الشكل المخنث البارد .
للأسف كل هذه الدروس التي مرت أمامنا لم نستفد منها وبقينا حتى ونحن كبارا و خريجين من مدارس المعرفة ومدرجات الحياة ؛لانفقه شيئا ونَشْدَه كما السذج امام ساحات العرض البارنورمال و مشاهد الميتافيزيقا ..!!
ما زلنا مثلا نصدق ان هناك معارضات في الساحات السياسية للدول.!! وآمنا ان هناك احزاب معارضة وصلت سدة الحكم او قبة البرلمان او مقاليد السياسة عموما.!!
● يا سادتي اؤكد لكم ان المعارضات الحقيقية لم تصل ابدا ولن تصل . وان كل عروض التمويه التي قدمت لكم في المشهد في عهدكم وما زالت تقدم في عهدنا هي تضليلات مضحكة تماما كما الثعبان البارد والمزمار الحامي.
لاتوجد هناك مناورة اطلاقا ولا تحسب ولا مواجهة ولا معارضة. انها مجرد عرض مسلي بين الحكومة وافاع تم استئصال غددها من "اللغلوغ" او أُسود سيرك تم اخصاؤها او نمور دجنت وصارت قططا كبيرة فقط. كلها اشاوس ترجع الى اقفاصها بعد العرض.
•هذا كل ما في القضية: لا توجد معارضة أبدا وصلت الى حكم ابدا في أي بلد أبدا.
لا يوجد شيء اسمه حكم الاخوان او الآباء او الابناء مثلا او حزب البعث والتجديد او النهضة او الاصالة او الطليعة و غيرها من اسامي وهمية. كل من وصل فهو في حالة ائتلاف تام سواء طوعا او كراهية.
•طبعا لا أقول أنه لم يوجد أبدا شخص معارض. كلا يوجد وبكثافة ولكنه مزجوج في غياهب السجون وسراديب التهميش. توجد شعوب معارضة بأكملها ولكنها غيبت عن العرض لانها ليس لها ثمن تذكرته ..تم تفقيرها بشراسة حتى لا تشارك.. كل برعم بدأ ينمو ، صبوا عليه تلفيق الشبهة او الفضيحة او درهم حشيش يبدد خلاياه الى الأبد.
● أعيد و اكرر : المعارضات لم تصل ولن تصل وكل من كان بالمشهد فهو ولاء تام يرقص أمام المزمار مقابل وجبة لا تتطلب أنيابا.
•اما من لا زال يؤمن ان هناك مواجهة او معارضة فهو أغبى ممن يصدق ان الساحر يصوب السهام الى جسد محبوبته او يفصل رأسها عن جسمها.