تكنولوجيا لتحصين أماكن العمل ضد فيروس كورونا


مع خروج الاقتصادات من السبات، يهرع أرباب العمل لجعل أماكن العمل آمنة باستخدام أدوات بدائية مثل معقم اليدين والكمامات واستخدام السلالم بدلا من المصاعد. لكن في الوقت نفسه يعكف مهندسون على تطوير تكنولوجيات ‏أكثر جذرية لإبعاد الفيروس عن المكاتب.
التحديات الكبيرة التي يفرضها الفيروس في الداخل هي تجمع الجزيئات على الأسطح وتدفق الهواء بين الأفراد. قال شون فيتزجيرالد، الأستاذ الزائر في جامعة كامبريدج: "الأوبئة التي مثل هذا يمكن أن توفر أرضية خصبة للعقول المبدعة للتفكير في كيفية إنجاز الأمور بشكل مختلف". لكن كثيرا من الابتكارات المنتظرة لن تكون زهيدة الثمن.
يمكن للفيروسات والبكتيريا أن تعيش فترة طويلة على الأسطح ويمكن أن تكون مقاومة بعناد للتنظيف. مثلا، فيروس كورونا المستجد يستطيع العيش على البلاستيك والصلب مدة تصل إلى 72 ساعة.
في المقابل، من المعروف أن الفضة والنحاس يقضيان على الفيروسات والبكتيريا في غضون أربع ساعات. تقول فيليسيتي دي كوجان، زميلة البحوث في جامعة برمنجهام: "الإطار الزمني الذي نحتاج إليه هو ثوان إلى دقائق، ويجب أن يتم دمجه في المواد".
دي جوجان هي أيضا مؤسسة NitroPep، وهي شركة تعمل على تطوير طبقات من المواد بجزيئات شوكية الشكل صغيرة للغاية، تخترق الفيروسات وتقتلها في غضون دقائق.
أشواك NitroPep هي عوامل صغيرة مضادة للميكروبات يمكن إضافتها إلى المكاتب والجدران والأسطح الأخرى وهي تمزق أي شيء بغشاء يسقط عليها.
قالت دي كوجان: "هي لا تتطلب تغييرا في السلوك، فهي تبقى هناك فقط وتقتل أي شيء يسقط عليها". لا يمكن استشعار هذه الأشواك من قبل أي شخص يمرر يده عبر السطح الموجودة عليه.
لم يتم اختبار هذه التكنولوجيا ضد فيروس كورونا، لكن عندما تمت تجربتها لمدة عام على متن سفينة تابعة للبحرية الملكية البريطانية، أزالت أكثر من 95 في المائة من البكتيريا مثل E.coli وMRSA، التي تقاوم كثيرا من أشكال المضادات الحيوية. لكن مدى فاعلية هذه التكنولوجيا في قتل الفيروسات مثل Sars-Cov-2 التي تسبب كوفيد - 19، لا يزال غير معروف.
إذا تم اعتبارها فعالة في القضاء على فيروس كورونا المستجد، كما تقول دي كوجان، فإنها ستبحث في تطبيق الأشواك المجهرية على المقابض وأماكن الجلوس في وسائل النقل العام واستخدامها في التنظيف الذاتي لمعدات الحماية.
قالت دي كوجان إنه على الرغم من عدم التحديد الدقيق للأسعار، فقد تم تصميم التكنولوجيا لتكون "اقتصادية للغاية بحيث يمكن استخدامها على أوسع نطاق ممكن".
بعض الخبراء لديهم تحفظات حول ذلك. قال جوزيف جاردنر ألان، الأستاذ المساعد في كلية تي إتش تشان للصحة العامة في جامعة هارفارد: "لن نكون قادرين على تغطية كل منتج ومادة نلمسها بأسطح التنظيف الذاتي".
جلب فيروس كورونا فرصة جديدة للحياة لتكنولوجيا عمرها عقود من الزمن تعرف باسم "الأشعة فوق البنفسجية المبيدة للجراثيم" - وهي أشعة فوق البنفسجية تقتل الكائنات الدقيقة عن طريق تشويه الحمض النووي الريبي في الفيروسات والحمض النووي DNA في البكتيريا والفطريات.
لدى هذه التكنولوجيا سجل حافل: خلال سلسلة من حالات تفشي مرض السل المقاوم للأدوية في الثمانينيات، وجد الباحثون أن وضع مصابيح الأشعة فوق البنفسجية على سقف الغرف الكبيرة أوقف من الناحية العملية انتقال المرض. ويوصى بها بشكل خاص في البيئات المزدحمة وذات التهوية السيئة مثل مرافق تصنيع الأغذية والمستودعات والمطارات.
بل إن فيروس كورونا زاد من الطلب الشديد على الروبوتات المطهرة التي تستخدم الأشعة فوق البنفسجية. كانت شركة الروبوتات الدنماركية UVD Robots أول شركة تخترع هذه الآلات، التي تتنقل في أنحاء المباني وتنبعث منها الأشعة فوق البنفسجية التي تتسبب في تلف البكتيريا والفيروسات بشكل كبير يعطل قدرتها على العمل. يمكن العثور على هذه الروبوتات التي تباع مقابل 60 ألف يورو تقريبا، في المستشفيات والفنادق والمكاتب والمطارات في أنحاء العالم، بما في ذلك مطار هيثرو في لندن.
لكن هناك مخاوف حقيقية بشأن الأشعة فوق البنفسجية التي تسبب تلف الجلد والعيون. وهذا يعني أنه يجب وضعها في مكان مرتفع وتغطيتها ضمن تركيبات الإضاءة أو أنظمة تكييف الهواء، في حين أن هذه الروبوتات مبرمجة للعمل فقط في الليل عندما لا يكون هناك أحد.
أجهزة المراقبة البيئية في الوقت الحقيقي التي "تفحص نبض" أي مبنى موجودة لتقييم أشياء مثل مستويات ثاني أكسيد الكربون ويمكن إعادة توجيهها للتركيز على الفيروس.
يحاول بعض الباحثين في سويسرا تطوير أجهزة استشعار تكشف عن الفيروس نفسه. كما طور باحثون في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا ETH في زيوريخ، والمختبرات الفيدرالية السويسرية لعلوم المواد والتكنولوجيا، جهاز استشعار يتم تركيبه داخل الغرفة، تنبعث منه إشارة ضوئية إذا تلامس مع الحمض النووي الريبي للفيروس.
سيبدأ الاختبار في بيئات الحياة الواقعية - بما في ذلك المستشفيات ومحطات القطار ومراكز التسوق - في الأشهر القليلة المقبلة.
في حين أن الحلول التكنولوجية العالية تبدو مبشرة بالخير، يجادل بعض المهندسين بأن تكلفة التنفيذ وسرعة التسليم تعني أن التركيز الآن يجب أن يكون على تحديثات أبسط للأنظمة الحالية. وأهمها أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء.
وهذه يمكنها أن تلعب دورا رئيسا في منع تراكم الميكروبات الدقيقة المحمولة جوا، المعروفة باسم "الهباء الجوي"، لكن في كثير من الحالات هناك مجال للتحسين. عادة ما يكون الحد الأدنى لمعدل تدفق التهوية خمسة إلى عشرة لترات من الهواء النقي لكل شخص في الثانية، لكن يمكن أن تحتوي بعض المباني على لتر واحد فقط لكل شخص في الثانية.
تعمل كثير من أنظمة التهوية أيضا على تدوير الهواء من مكان داخلي إلى آخر، ما يزيد من خطر العدوى المنقولة بالهواء. بدلا من ذلك، تحتاج كل غرفة إلى ضخ كامل للهواء الطلق بنسبة 100 في المائة حيثما أمكن ذلك، بحسب ما يقوله المهندسون.
قال ألان: "نريد دائما أن ينتقل الهواء من نظيف إلى متسخ ومن ثم يذهب إلى الخارج. في الحمام، أنت تريده أن ينتقل من داخل المنزل إلى الحمام ثم يخرج عن طريق مروحة الشفط".
تعمل شركة ويرث ريسيرش ـ مقرها أكسفورد ـ التي أنشأها نيكولاس ويرث، وهو مدير فني سابق للفورمولا وان، على تطوير نظام لتدمير الجزيئات المحمولة جوا من بعض الأماكن الأقل تهوية - ولا سيما مصاعد الركاب والطائرات.
يتم تدوير الهواء الداخلي البارد من الفضاء إلى "فرن فيروسي" حيث يتم تسخينه إلى أكثر من 95 درجة مئوية لقتل أي مسببات للأمراض ثم تبريده وتصفيته مرة أخرى. ويقدر ويرث أن تركيب النظام في مساحة صغيرة مثل المصعد سيكلف عدة آلاف من الجنيهات.
عملية التسخين ثم تبريد الهواء تتطلب كثيرا من الطاقة إلى حد ما، لكن ويرث يرى أنها ستكون ضرورية لضمان سلامة بعض البيئات الأكثر ركودا.

تاريخ الخبر: 2020-07-06 22:23:09
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 36%
الأهمية: 35%

آخر الأخبار حول العالم

مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون يتعلق بنظام الضمان الاجتماعي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-25 18:26:07
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 64%

اتساع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جديدة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-25 18:26:00
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 60%

رغم الإخفاقات.. تشافي مستمر مع برشلونة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-25 18:26:44
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 61%

رغم الإخفاقات.. تشافي مستمر مع برشلونة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-25 18:26:46
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 56%

اتساع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جديدة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-25 18:25:54
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 64%

على غرار الأشهر الماضية.. لا زيادة في سعر "البوطا"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-25 18:25:45
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 69%

مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون يتعلق بنظام الضمان الاجتماعي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-25 18:26:03
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية