يا حمود بالله وين شدّوا عربنا
يا حمود ما جاكم من البدو طرّاش
إذا جزمنا وأحسنا الظن فإن قائل تلك العبارة التي أتت كعنوان (يا مال السيل) يدعو لسامعه أو لمرابعه بالمطر المدرار الصيب النافع الذي يُنبت العشب والمرعى والنماء.
قليل من قصائد النبط في جزيرة العرب لا تستهل بذكر المطر، فقد كان العرب في حلهم وترحالهم يعيشون في صحراء قاحلة مترامية الأطراف إذا ما عثروا على نبع ماء فهم كمن حصل على كنز ثمين، ونظراً لشح ينابيع الماء في الصحراء فقد انصب جُـلَّ اهتمام العرب على المطر وأوقات هطوله، لذا نجد أن هنالك ألفاظا كثيرة أطلقت على المطر.
لكن، لا يخلو الشعر العامي في جزيرة العرب من جعل الوابل استمطارا للموت والدمار على البلدة وقاطنيها.
محمد ابن لعبون ويعد من أشهر أعلام الشعر النبطي في الجزيرة العربية. عاش في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي (الثالث عشر الهجري).
قال يستنزل الهدم والغرق على بلدة طرده وإليها:
يا مال هطالٍ صدوقٍ حقوقهْ
يشبه كما ليلٍ على صبحٍ انساق
إلى أن يقول: -
تسمع ندا زجر الملك في صْعوقهْ
قضىَ القضا والتفّتْ الساق بالساق
والمتتبع يلاحظ الفرق في طلب الغيث بين الأبيات أعلاه وبين شعر عبدالله ابن دويرج (ت 1356هـ) حيث يقول: -
سقا الفيحا رواح بارقة يوضي كما البلور
حقوق والرعد له في قنوب المزن زلزالي
لكن به الطها زول المها اللي بالغلا مذيور
الى هبت ذعاذيع الصبا جاله تِعزّالي
ثمان اوجاب والرايح سنا برقه يقدّ النور
من الجمعة إلى الاثنين والمامور همّالي
حلاوة وعذوبة مفردات ابن دويرج عن المطر، وجفاء وخشونة ابن لعبون أظهرتا قدر الشعر الشعبي على توظيف مخزون الذاكرة عند الشاعرين.
A_Althukair@