بداية أخرى.. وماذا بعد كورونا؟


بعد أن أغلقت المساجد والمرافق أبوابها، وبعد أن انعزل الناس إجباريا في بيوتهم لمدة لم تكن بالهينة أبدا. بعد أن أوصدت القلوب على ما اختلج مكانها ووصد البعض بعض الآمال في بعض في انتظار الفرح الآجل.

وجاء هذا الفرج ولو بشكل نسبي وبدأت تعود الحياة لما كانت عليه بعد أشهر من الفطام والحرمان، وعاد الإنسان ليعيث في الأرض فسادا.

يدور ويعيد الدوران، ينتظر بأسى جوابا يشفي غليله، للمرور إلى النقطة التالية: ما الذي عليه تخريبه بعد يا ترى؟

بداية جديدة حلت بعد الجائحة التي ما زالت تتربص بالشعوب القوي منها والضعيف.

حلت وما زالت أسئلتنا معلقة واقتناعاتنا بين الشك واليقين.

الشك في عودة الحياة لما كانت عليه واليقين في ضرورة التغيير.

جالسين الآن بين ثنايا المتناقضات الكبرى التي تمزقها وتقطعها إلى أشلاء متناهية في الصغر أمام معترك الحياة القادمة.

نتوجع الآن في زوايانا.. نحلل ونناقش، ونجزم بكون المسألة مؤامرة أو مجرد إشاعة خلقتها الرأسمالية لقضاء مصالحها.

نعربد لوحدنا ونقرر الانتفاضة على القوانين في الغد.

يأتي الغد ونتراجع ونطوي الصفحة لأجل غير مسمى... ليس لأننا جبناء، بل أن صوتنا لن يسمع ولن يستوعب ولن يفهموه أو حتى يتفهموه.

حلت بداية جديدة وما زالت الحروب تعتمر البسيطة والشعوب تحتضر والحكومات أفرطت في شمولياتها.

حلت هذه البداية الجديدة ووجدتنا مختلفين ونادرين في عالم متطابق لا يعترف سوى بالنسخ المتكررة، ووجدتنا قادرين على أن ننور من حولنا كأساتذة حقيقيين، ولا نثير في أحد مشاعر محايدة.. فإما إعجابا جامحا أو كرها عميقا أو غيرة مشتعلة...

حلت هذه البداية ووجدتنا أطفالا ينقصها الكثير من النضج... يعترينا الشعور بالندم حينا ويتسلل إلينا الشعور أحيانا أخرى.. تقتحم أفكارنا رغبة في البقاء والمغادرة في نفس الوقت، وفي الإيمان والإخلاص بأفكارنا كلها، وفي المبادرة والتنازل، ورغبة في التخلي والتشبت، وفي النزوح والخضوع...

جاءت هذه البداية الجديدة التي صنعها تراكم الظروف، ونذكر أنه ليس على العبد أن يقنط من رحمة ربه، أو يظن أنه غافل عنه، وليتيقن أن كل ما هو عند الله جميل، ويغتنم الفرصة ويراجع نفسه، ويتأكد من أن التغيير ثابث وعلى الإنسان أن يصبح مرنا، يتماشى والظروف ويتأقلم معها، وأن يتقبل المتغيرات من حوله، وإن لم يتغير الإنسان على النحو الإيجابي بإرادته ستأتيه ظروف ترغمه على التغير رغما عن أنفه.

ونستشهد في الأخير بأبيات تنسب لأمير المؤمنين رضي الله عنه:

وكم يسر أتى من بعد عسر * ففرج كربة القلب الشجي

وكم أمر تساء به صباحا * وتأتيك المسرة بالعشي

alharby0111@
تاريخ الخبر: 2020-07-27 23:24:39
المصدر: اليوم - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 68%

آخر الأخبار حول العالم

مولودية وجدة يعلن دعمه لنهضة بركان بعد أحداث الجزائر

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-20 12:25:59
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 60%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية