حميد زيد كود ////
ما أطيبه.
ما أحلاه وهو يتكلم العربية الفصحى.
ثم وهو يتحدث الدارجة المغربية بطلاقة.
وبلكنة.
كأنه واحد منا.
ما أذكاه.
ما أقربه إلينا وهو يتحدث عن حب دولته للسلام.
وعن إجماع كل مكونات إسرائيل على خيار السلام.
وعن تسامح دولته.
وعن الحب. وعن التعايش.
وعن أكلة السخينة.
وإلا من يحتل أرض فلسطين.
وإلا من شبع في الفلسطينين قتلا.
وإلا من جوعهم.
وإلا من هجرهم.
وإلا من تنكر لكل الاتفاقيات. ولكل القرارات الأممية. ولكل الحقوق.
وإلا من يواصل الاستيطان والضم.
وهل جدتي هي التي فعلت ذلك.
وهل المغاربة.
وهل الهنود.
ما ألطفه.
ويا لخفة دم هذا المسؤول الإسرائيلي وهو يتحدث إلى موقع كود عن أن زمن الكراهية الحروب ولى. وهذا زمن آخر. وأجيال أخرى.
وهل يطلب منا أن ننسى.
وهل يطلب منا أن نستسلم.
وهل يطلب منا أن نفقد الذاكرة. وأن نقبل بالأمر الواقع.
وهل يريد من الفلسطيني والعربي أن يحب قاتله ويستقبله بالأحضان.
وأن يرحب به.
وأن يشجعه.
وأن يدعوه إلى أن يشبع فيه ذبحا.
وأن يقول له اقصفني. واطردني من أرضي.
هل هذا ما يريده المسؤول الإسرائيلي وهو يطل على القراء المغاربة من موقع كود.
وهل يريد منا في المغرب أن نصفق لدولة إسرائيل.
وأن نرقص.
وأن نحتفل مع إسرائيل.
وأن نقول لها واصلي. واحتلي. واقتلي. واقصفي كما يحلو لك.
فهذا موضوع لا يعنينا.
وأن نقول للجيش الإسرائيلي برافو.
يا حمائم السلام.
ويا ملائكة الشرق الأوسط
ويا واحة الديمقراطية
ويا محبي السلام والتمدن الذين يحيط بهم وحوش وهمج من كل جانب.
ولمجرد أنه ينطق دارجتنا المغربية بلكنة.
ولمجرد وجود يهود من أصول مغربية.
ولمجرد أنهم متشبثون بثقافتهم وبلغتهم وبمطبخهم.
وبالغناء المغربي.
وبالتقلية. والكرعين. والسخينة.
ولمجرد أنهم يغنون قفطانك محلول ألالة. وهاكا ماما.
فإنه علينا أن نفرح بذلك. ونبيض كل جرائم إسرائيل.
ونلتزم الصمت.
أو نزغرد.
لا. ليس هكذا.
ولا يمكن لنا أن نسعد بوجود يهود مغاربة إخوة لنا. في وقت يقتل فيه شقيق آخر لنا هو الفلسطيني.
ولست. شخصيا. ضد أن تظهر في الموقع الذي أشتغل فيه.
ولست ضد التطبيع بالمطلق.
ولست كارها لليهود.
ولست ضد وجود دولة إسرائيل.
ولست ضد التعرف على كل ما يحدث عندكم.
ولست ضد قراءة الأدب الإسرائيلي. والاستماع إلى الغناء اليهودي. ومشاهدة السينما.
ولست بالمطلق ضد من يزور دولتكم.
وفي نفس الوقت أنا ضد سياسة النعامة.
وضد الجهل.
وضد أن لا أعرف عن إسرائيل أي شيء.
وضد أن أنكر وجودها.
بينما هي موجودة. وقوية. ومعتدية.
لكني ضد أن يتظاهر مسؤول إسرائيلي باللطف.
وأن يصور نفسه كملاك.
وأن يجمل الوجه البشع لدولته.
فلا بأس.
أن تقول أنا أمثل دولة احتلال.
أنا مع تشريد شعب وتهجيره.
وحينها لن أعترض.
ولا بأس أن تقول أنا اليهودي الذي عانيت طوال التاريخ من الكراهية ومن العنصرية لا أجد حرجا في المضي قدما في إبادة شعب فلسطين.
وإلى جعله يفقد أي أمل في أن تكون له دولة. وأرض. وبيت. وحكومة. ولصوص. وشرفاء. وفقراء. وأغنياء. وكفار. ومؤمنون.
وعاصمة.
مثل كل البشر في العالم.
مثل كل إنسان.
أنا مسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية. ولا أرى عيبا في جرائم دولتي وجيش بلادي.
ولا تكفي الدارجة المغربية يا ليئور بن دور.
لا يكفي حديثك عن التعايش.
ولا تكفي الموسيقى. والغناء. والمسرح المغربي في تل أبيب.
كل هذا لا يكفي
كل هذا لا يغطي على الحقيقة. وعلى أنكم آخر دولة احتلال في هذا الكوكب
وعلى أنكم دولة مغتصبة.
فكل كلمة تقولها تعني ضدها. والسلام يعني القصف. والتسامح يعني القتل.
ولأنكم ماضون في احتلالكم.
ومع ذلك فإنه لا يرف لك جفن. وتتحدث عن الأمن والتعاون.
مع من يا ليئور.
وهل مع المقتول. وهل مع المنهزم. وهل مع الضحية.
أي أمن. وأي تعاون هذا.
وهل نختار شقيقنا القاتل والمحتل. ضدا على شقيقنا المقتول.
هل يعجبك هذا.
وهل هذا هو السلام والتعايش والأمن.
هل هذه هي الحرية.
وصدقني يا ليئور. صدقني. فأنا مع أن نستمع إلى وجهة النظر الإسرائيلية.
وكم دافعت شخصيا عن ذلك.
وكم انتقدت المغاربة الذين يناهضون التطبيع.
والذين يكرهون الهيود.
إنهم خصومي فكريا. وسياسيا. بنفس القدر الذي أرفض فيه ما تمارسه دولة إسرائيل من جرائم في حق شعب أعزل.
ولا أقول هذا من منطلق ديني.
ولا عروبي
بل من منطلق إنساني. ومن منطلق أنه من الواجب الأخلاقي أن أندد بالظلم. وبالاحتلال.
ولا اسم آخر لدولة إسرائيل.
إلا أنها مغتصبة لأرض. ومحتلة لشعب.
وقبل أن تكون دولة اليهود فهي الآن دولة العنف. ودولة الضم. ودولة الاستيطان.
وأي رب كيفما كان
وأي إله
وأي دين
فلن يقبل أن يكون له شعب. وتكون له دولة. ترتكب كل هذه الجرائم.
ولا تتوقف.
ولا تحترم أي قرار.
ولا تحترم المجموعة الدولية. وتتمادى. وتتعجرف. وتستعرض قوتها.
وتعول على ترامب.
وبما أننا حاورناك في كود.
فحبذا لو تشرح لنا. حبذا لو تنور القارىء المغربي.
وهل تتلذذون بالقتل.
وهل يعجبكم منظر الفلسطينيين وهم يسقطون قتلى.
وهل لا تشفقون على أطفالهم.
وهل تنامون.
وهل لا تأتيكم الكوابيس وأنتم تجلسون. وتشخرون. وتتعسون في منازل ليست لكم.
وتفلحون أرضا لغيركم.
وتجنون غلالا ليست لكم.
وتعصرون زيتونا ليس لكم.
هل لا يسبب لكم ذلك أي مشكل.
وهل لا ينغص عليكم حياتكم.
وهل تشعرون في إسرائيل بالفخر لكل هذه الإنجازات التي حققتموها.
وهل لا يذكركم ذلك بالظلم الذي تعرضتم له.
قل لنا.
قل. قل لنا. يا سيد ليئور.
هذا ما نرغب في التعرف عليه في حوارنا معكم.
اشرح لنا.
احك. احك لنا عن الوضع.
قل لنا وجهة نظرك. فما أحوجنا إلى معرفتها. دون لف ولا دوران. ولا استعانة بالعربية.
فهي تبقى مجرد لغة.
ولا تستعن بها. ولا توظفها. ولا تلعب بالدارجة.
قل لنا وجهة نظر دولة إسرائيل. فنحن فعلا نريد أن نتعرف عليها.
نريد أن نعرف كيف يعتدي الفلسطيني عليكم.
وكيف يرهبكم.
وكي يحتل أرضكم. وكيف يمنعكم من ممارسة شعائركم الدينية.
وكيف. وبسببه. لم تعرف المنطقة استقرارا. منذ أكثر من نصف قرن.
قل لنا.
وهذه فرصتك لتشرح لنا كل شيء في موقع كود.
ولتدافع عن نفسك
وعن جرائم دولتك.
وبلكنتك.
وبعربيتك. ولا اعتراض.
وتخيل يا ليئور بن دور. أن الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع. وصفني ذات يوم بالحاخام.
وأني “بوق خدام صهيون”.
وأني “مأجور ومرتزق”
وأني”عميل ساقط يسبح بحمد تل أبيب بكرة وأصيلا”.
تخيل هذا.
تخيل أن أكون حاخاما في نظر هذه الجمعية.
ولك أن تتخيل موقف من يرفض أي تعامل مع إسرائيل كيف سيكون.
فما بالك حين نستقبل مسؤولا رسميا في وزارة خارجيتكم.
ثم تأتي
وتستفزنا بالحديث عن السلام والتعايش والكلام الفضفاض. بينما دولتك مزقت خريطة فلسطين.
ثم تأتي وتطلب منا أن نحب إسرائيل
ونفكر في الأمن والتعاون العلمي والفلاحي
لكن كيف
كيف يا سيد ليئور
قل لنا كيف
قل لنا كيف تطلبون منا أن نعتدل. بينما. ومنذ أكثر من عقد. وأنتم تصوتون لليمين المتطرف.
قل لنا هل أنت جاد
وهل تسخر منا
بينما رئيس حكومتك هو بنيامين نتانياهو.
قل لنا. ألا تمزج. ألا تستهبل قراء كود.
ولن أعترض على ظهورك في موقع كود
ولن أحتج
لكني قررت. ومن الآن فصاعدا. الالتحاق بالمقاومة السلمية في كود.
وكلما كذبت علينا.
وكلما حاولت التغطية على جرائم دولتك
ستجدني واقفا لك بالمرصاد
معترضا
أعزل
مذكرا بكل ما فعلتموه بالسلطة الفلسطينية
وبمحبي السلام
وبمن كان يؤمن بحل الدولتين
حتى لم يبق إلا التطرف الصهيوني
وتطرف الإسلام السياسي.
ولذلك لا تظن لحظة أن هذا الموقع لك
ولا تظن أنك اخترقته
بينما كل ما فعلته هو أنك فضحت نفسك وكشفت دولتك
وحتى أنا الذي أدعى الحاخام حميد زيد
وأتهم بأني مأجور ومرتزق
نرفزتني
وجعلتني أتطرف يا سيد ليئور
وأرفض هذا السلام
وهذا التعايش. وهذا التعاون. وهذا الحب
الذي تقترحه علينا.
