خبراء أفارقة يحللون أسباب العنف وانتشار الإرهاب في إفريقيا


كشف خبراء أفارقة خلال المؤتمر الإفريقي السنوي للسلام والأمن في إفريقيا، أو ما يعرف بمحادثاتAPSACO، أن الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل استغلت استشراء الوباء لإعادة تنظيم استراتيجيتها وتموقعها، وأن الهجمات الإرهابية مستمرة بوثيرة 170 هجمة في الشهر.

وفي سياق أزمة  "كوفيد – 19"  التي اجتاحت إفريقيا منذ شهر مارس المُنْصَرم،  نظم مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد دورة خاصة دامت ثلاثة أيام حول "خوصصة العنف في إفريقيا: المجموعات المُسَلَّحة غير التابعة للدولة، والأمن الخاص".

"جماعات الدفاع الذاتي المبنية على أُسس عرقية"

اعتبر رضى لياموري، باحث بارز بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، بكون منطقة الساحل قد عرفت سنة 2019 أثقل حصيلة من العنف والموت؛ وبأنها ما زالت تمر في سنة 2020 من منُعطف لا يختلف كثيراً عما واجهته السنة الماضية.

ويكمن السبب وراء المنحى التصاعُدي للعُنف في الصراع المُتَعَدِّد الأبعاد والذي يشمل العديد من الفاعلين، ويعتقد لياموري أن العامل الأول المُفْضي إلى عدم الاستقرار في منطقة الساحل يتجلى في المجموعات الجهادية المُنتَسبة إلى تنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية، والحاضرة في مالي، والنيجر، وبوركينفاسو، مع تكتل لهذين التنظيمين على  منطقة   "ليبتاكو غورما" (LiptakoGourma) الحدودية.

ويقول "لقد امتد العنف، الذي بدأ في مالي سنة 2012، إلى مناطق أُخرى مثل ساحل العاج، وشمال بينين، وشمال غرب نيجيريا، وتدخل عوامل أخرى على الخط بخصوص عدد القتلى والمفقودين، من بينها الجيوش الإقليمية والوطنية والمجموعة الخُماسية لمنطقة الساحل  (the Sahel G5)، والمُتَّهمة بارتكابها لعمليات قتل خارج نطاق القانون، فضلاً عن عملية "برخان" الفرنسية التي تقوم بها القوات الفرنسية الخاصة، وهناك كذلك مجموعات الدفاع الذاتي (Vigilante Groups) التي تنشط في كل من مالي وبوركينا فاسو، حيث يتم تسليح المدنيين من طرف الدولة، بهدف توفير الأمن شمال البلاد".

وحسب الخبير الإفريقي فإن هذا يمثل خطرا، اعتباراً لكون بعض المجموعات مُكَوَّنة على أساس عرقي وتحملُ –في طياتها– أجندات تتجاوز مُجَرَّد الدفاع عن الجماعات التي تُمَثِّلها، حيثُ يتجلى ذلك في نُزوع تلك المجموعات للقيام بعمليات انتقامية، أو في إظهار اهتمامها بالولوج إلى بعض المصالح الاقتصادية.

يرى لياموري أن الحل يكمن في إنشاء مناخ يتعذر فيه تنامي العُنف أو الإرهاب، وحيثُ يكون هناك دعمٌ للمؤسسات المحلية مع توفير الإمكانيات والقُدُرات على رصد وتحليل المعلومات. ويُمكن هنا للشركاء الوطنيين والدوليين التركيز على عمليات تهميش الأفراد، أو على الشبكات الإجرامية التي تُساهم في زعزعة الاستقرار بالمنطقة.

الفساد يصنع دولا ضعيفة

من جانبه أكد دانكن أوموندي غومبا كبير الباحثين بمركز الدراسات الأمنية (من ساحل العاج) على وجود أشخاص فاسدين داخل بعض الحكومات، لن يتورعوا عن التورط في بعض الأنشطة المشبوهة التي تديرها الشبكات المحلية أو الخارجية لعصابات المافيا.

كما أشار المتدخل إلى التأثير السلبي لعصابات الجريمة المنظمة في دول مثل جنوب إفريقيا، والصومال، ونيجيريا، ومالي، فإلى جانب التعاون مع المؤسسات التابعة للدولة، هناك نوعا من التنافُس القائم بين الهيئات الحكومية وبعض الجهات التي ترى في نفسها هيئات أكثر فعالية في تقديم الخدمات للسكان. ويقول "هكذا توجد بعض مظاهر الاستغلال الاقتصادي المُنَظَّم من طرف بعض الجهات، حيثُ يُمثل ذلك ظاهرة مألوفة في شمال شرق جمهورية الكونغو الديمُقراطية؛ بينما يوجَدُ في نيجيريا تنظيم المشاريع بشكل إجرامي على مُستوى كل ولاية من الولايات المُكَوِّنة للاتحاد الفيدرالي. ومن المألوف رصد مظاهر الفساد والزبونية - على أعلى مستوى– في دول مثل مالي والصومال. كما أن بعض الفاعلين الأساسيين في تجارة العُنف قد أصبحوا من الفاعلين الرئيسيين للعنف  "التابع للقطاع الخاص" حيثُ امتدت أنشطتُهُم لتجعل منهم مُقاولين سياسيين في دول مثل التشاد، والموزمبيق، وأوغندة، وجنوب إفريقيا، وكينيا. ولعل وجود مثل تلك المجموعات في الدول السالفة الذكر يزيد من تفاقم أوضاعها، حيث اختلال العمل داخل دواليب الدولة، بل إفلاسها".

كوفيد 19 والإرهابيين وهذه أسباب العنف

بالنسبة لمُصطفى الرزرازي، باحث بارز بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، فلقد انكب على التأمل في فرضيتين: أولهما تقول بأنه لا يوجد أي أثر لـ "كوفيد 19" على العنْف المُتَواصل، حيث يتواصلُ هذا الأخير بوثيرة تُناهِزُ 170 هَجَمة شهرياً.

أما الفرضية الثانية فتَتَحَدَّثُ عن أن المجموعة الإرهابية قد استغلت استشراء الوباء لإعادة تنظيم استراتيجيتها وتموقعها.

يقول الرزرازي "لقد تم إرسال بعض الرسائل التحذيرية في وسائل الإعلام العنيفة والمُتَطَرِّفة، والتي يجب تتبعها ورصدها، علما بأن المجموعات المُشار إليها تُتابِعُ عن كَتَبٍ التحليلات للتي نُنْجِزُها عنها. وهذه الرسائل تظهر إذا ما كانت تلك المجموعات ما زالت تمثّل خطرا أم لا، وإذا ما كان ذلك سيُفضي للاعتقالات.

وقدمت آفوا بواطيما ياكوهيني (غانا)، وهي باحثة في مركز ليجون للشؤون الدولية والدبلوماسية (LECIAD) [Legon Centre for International Affairs and Diplomacy] بمراجعة تشكيلة متنوعة من  الفاعلين الذين يلجئون إلى العُنف الخاص،  ويقصد  به ذلك "الخارج عن نطاق الدولة" والذي يتعدد مرتكبوه ما بين الإرهابيين، والمُقاتلين من أجل الحرية، وعصابات الجريمة المنظمة، فضلا عن وكالات إنفاذ القانون التي تدعم اللجوء للعُنف  الخاص.

وتقول الخبيرة أنه منذ البدء، فإن تلك المجموعات استغلت غياب البنيات التحتية وعدم امتثال الدولة لتقديم الخدمات الأساسية، مما حدا بتلك المجموعات  لسلوك طريق العنف كوسيلة  لتسوية المشاكل المُرتبطة بانعدام الأمن، والتهميش، وصعوبة الولوج إلى المدارس، فضلاً عن الفقر المُدقع، وغياب الدعم للقطاع الخاص، وانسداد الأفق بالنسبة للشباب؛ هذا بالإضافة إلى ارتفاع نسبة العطالة.

وتوضح ياكوهيني "يُفضي ذلك إلى استهداف بعض المجموعات للمناطق الغنية داخل بلدانهم، كما هو الشأن بالنسبة للمجموعات الإسلامية التي تُقاتل لتأسيس دولها المُستقلة؛ حيث يُمْكِنُ ذكر  منطقة  "كابو ديلغادو"     (Cabo Delgado).

وحسب ياكوهيني  فإن اللجوء إلى العُنف الخاص (private violence) ينتشر بين أوساط أحزاب المعارضة التي تستأجر "فتيان الأحزاب"  (party boys) ليُقاتلوا بالنيابة عن الكوادر الحزبية، أما السبب الرئيسي فهو عدم ثقة تلك الأحزاب بالقوات النظامية للأمن، كما أنهم لن يُفاجِـئوا أي أحد باختيارهم لذلك الحل في سياق الظروف الاجتماعية الراهنة. فالسياق الاجتماعي الراهن قد أفضى إلى نشوء منصة لتجنيد الشباب، وازدياد التعاطف من قبل الساكنة نحو الجماعات الإرهابية.

 

تاريخ الخبر: 2020-09-25 14:13:12
المصدر: تيل كيل عربي - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 60%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية