يواصل ملايين الأمريكيين التوجه منذ صباح الثلاثاء إلى صناديق الاقتراع في آخر يوم للتصويت من أجل اختيار رئيس جديد للبلاد. وتميزت الساعات الأخيرة من الحملة الانتخابية بتنافس شديد بين الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن الذي كثف من خطاباته ونداءاته لسكان الولايات المتأرجحة بالتصويت له.
في شيكاغو، ورغم البرد القارس، استيقظ عدد كبير من الناخبين وتوجهوا إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم. وقامت فرانس 24 بمواكبة هذا الحدث إذ تمكنت من الدخول إلى مركز"أوغدن" الذي يقع في شارع "فولتون" بالقرب من نهج ميشيغان السياحي لرصد الأجواء من الداخل، حيث احترم الناخبون الإجراءات الوقائية اللازمة بسبب وباء فيروس كورونا.
وبدأت العملية الانتخابية في مدينة شيكاغو في 14 تشرين الأول/أكتوبر الماضي في كل مراكز التصويت (50 مركزا موزعا على المدينة) وستنتهي اليوم الثلاثاء في حدود السابعة مساء.
وفي حوار مع فرانس24، قال زكري كاينارد (32 عاما) وهوأحد المشرفين على مركز التصويت "شعرت بأن المشاركة هذه المرة مرتفعة للغاية"، مرجحا ذلك "إلى طبيعة المرشحين والظروف الاستثنائية التي تمر بها الولايات المتحدة الأمريكية، وفي مقدمتها أزمة كوفيد 19 والتدهور الاقتصادي الذي طال البلد" حسب رأيه.
التصويت في شيكاغو بدأ منذ 14 اكتوبر وينتهي غدا الثلاثاء في المراكز ال50 التي فتحت لهذا الغرض. @France24_ar رصدت أجواء الانتخابات في مركز أغدون قرب شارع مشيغان حيث يجري التصويت في جو يسوده الحذر بسبب انتشار وباء كوفيد 19 #الولايات_المتحدة pic.twitter.com/zhVus7soyp
— Tahar Hani (@taharhani) November 2, 2020
وأضاف" الناخبون ينتظرون ساعة أو ساعتين خارج المركز قبل أن يتسنى لهم التصويت. هي المرة الأولى التي أرى فيها مثل هذا الإقبال الكثيف". فيما عبر عن تخوفاته من "وقوع أعمال عنف ليل الثلاثاء الأربعاء بعد نهاية التصويت" و"لهذا السبب"، كما قال "عدد كبيرمن أصحاب المحلات والبنوك قاموا بحماية واجهة محلاتهم بلوحات خشبية لكي لا يستهدفها المتظاهرون الغاضبون كما يحتمل ذلك".
ويكفي أن تتجول في شوارع شيكاغو، خاصة تلك التي تقع في الأحياء الفاخرة مثل شارع ميشيغات أو حديقة ملنيوم لترى أبواب وواجهات العديد من المحلات والمصارف وشركات الموضة مغطاة بلوحات خشبية للحيلولة دون استهدافها من قبل متظاهرين.
وقالت مالكة محل للتجميل من أصل صيني" لقد تعرضت نوافد المحل الذي أديره مرتين إلى التكسير. المرة الأخيرة كانت في شهر يونيو/تموز خلال المظاهرات التي نظمت عقب مقتل جورج فلويد من قبل الشرطة. أعمال الترميم كلفتني غاليا، لذلك قررت هذه المرة أن أحمي واجهة المحل بأبواب من الخشب لعلها تصمد في حال تعرضت لمحاولة تخريب".
تجار أخرون قاموا بنفس الشيء "لأن الشرطة لا تحمي ممتلاكاتنا حسب تاجر آخر، قرر هو كذلك حماية مدخل محله بلوحات حديدية سوداء".
وجرت عملية التصويت في ظروف عادية وباحترام الإجرءات الصحية بشكل صارم. لكن كارولين (24 عاما) التي صوتت لصالح المرشح الديمقراطي عبرت عن خشيتها من تردى الأوضاع في حال خسر دونالد ترامب الانتخابات. وقالت "أنا قلقة جدا إزاء التصرف الذي قد يظهره دونالد ترامب في حال لم يفز بالانتخابات. خاصة وأنه أكد من خلال التصريحات في الأيام القليلة الماضية أنه سيطعن في نتائج التصويت. فهو يريد الفوز بعهدة ثانية إما بشكل قانوني أو بسرقة نتائج الانتخابات".
صباح الخير من مدينة شيكاغو. الحياة هنا شبه متوقفة بسبب جائحة كوفيد19. بعض المحلات اغلقت خوفا من وقوع اعمال عنف في حال خسر ترامب. فيما تم فرض حظر التجوال من الساعة 11 ليلا لغاية 6 صباحا. #الانتخابات_الاميركية pic.twitter.com/b7CPe70oaf
— Tahar Hani (@taharhani) November 2, 2020
وتابعت "الوضع سيىء في شيكاغو بسبب الانتخابات الرئاسية وانتشار وباء كوفيد 19، فيما أخشى أن تفرض سلطات المدينة الحجر المنزلي من جديد". وانهت بشأن الأسباب التي دفعتها إلى التصويت "قررت التصويت ليس فقط لمعاقبة الإدارة الأمريكية الحالية عن الطريقة التي أدارت بها أزمة كوفيد 19، لكن دفاعا وحفاظا على البيئة ولمنع التغير المناخي وإعطاء حقوق أكثر للنساء".
وقالت ماري (68 عاما) التي صوتت لصالح دونالد ترامب "أخشى طبعا من وقوع أعمال عنف. لكن أتساءل لماذا مثل هذه الأعمال؟. المعسكر الذي سيفوز بالانتخابات لديه الحق أن يتظاهر ويعبر عن فرحته كما يضمن له الدستور، لكن ليس لديه الحق أن يكسر أبواب ونوافذ المحلات ويتعدى على المواطنين والشرطة. فلماذا يقوم بذلك؟"، مضيفة "في الستينيات الأمريكيون السود كانوا ينظمون مظاهرات شعبية كبيرة في شيكاغو للمطالبة بحقوقهم والمساواة مع البيض دون أن يرتكبوا أعمال عنف أو يكسروا المحلات".
ومن الأحياء الفاخرة بشيكاغو، انتقلنا رفقة مالك عبد الصمد (32 عاما) وهو مواطن أمريكي من أصول سورية إلى حي "ألباني بارك" الذي يبعد عن مدينة شيكاغو 6 كيلومترات شمالا.
الحياة في هذا الحي شبه متوقفة حيث لا يتسنى لأحد أن يشرب كأس قهوة أو يتناول وجبة غذائية داخل المقاهى أو المطاعم. عليه فقط أن يشتري ما يريده ثم يغادر المكان.
هذا الوضع تسبب فيه وباء كوفيد 19 الذي بدأ ينتشر بقوة في المدينة. وبالرغم من أن غالبية عرب شيكاغو لا يبالون عادة بالانتخابات الأمريكية أو هم منقسمون بين أنصار الحزب الجمهوري والديمقراطي، فإن المعادلة تغيرت نوعا ما هذه المرة، إذ قررت غالبية المهاجرين العرب التصويت لصالح جو بايدن.
ومن بين الأسباب الرئيسية التي أدت إلى ذلك حسب مالك عبد الصمد "معاداة دونالد ترامب والمهاجرين والمسلمين، فضلا عن أنه منع العديد من الطلبة العرب الذين تحصلوا على منح دراسية من الالتحاق بالجامعات الأمريكية أو الذهاب لزيارة عائلاتهم في بلدانهم الأصلية". وأكد عبد الصمد بأنه صوت لصالح جو بايدن لأنه "وعد العرب والمهاجرين بإزالة كل القوانين التي تعوق تنقلهم أو تمنعهم من المجيء إلى الولايات المتحدة للدراسة فيها أو لطلب اللجوء".
مالك عبد الصمد، أمريكي من أصل سوري يتحدث عن تصويت العرب في الانتخابات ل@France24_ar وً يقول “عادة هناك عرب يصوتون لصالح الجمهوريين وأخرون لصالح الديمقراطيين.لكن هذه المرة غالبيتهم صوتوا لصالح جو بايدن بسبب مواقف ترامب المعادية للمهاجرين والاسلام “#الانتخابات_الاميركية pic.twitter.com/xn4ArxmTNL
— Tahar Hani (@taharhani) November 2, 2020
ولم تشهد الولايات المتحدة في تاريخها المعاصر انتخابات حماسية ومقلقة في آن واحد مثل تلك التي تجري اليوم. وأشارت الجمعية الأمريكية لعلم النفس أن 68 بالمئة من الذين تتعدى أعمارهم 18 سنة يرون في هذه الانتخابات "مصدرا للتوتر في حياتهم".
وأضافت الدراسة أن 76 بالمئة من الديمقراطيين يشعرون بالتوتر والقلق إزاء نتائج الانتخابات مقابل 64 بالمئة لصالح الجمهوريين. ومن بين الأسباب التي تبعث على القلق "غياب الرعاية الصحية وانتشار وباء كوفيد 19 بكثرة فضلا عن انتشار الأسلحة وسوء استخدامها إضافة إلى التغير المناخي".
وبينما صوت أكثر من 90 مليون ناخب عبر البريد، يتوقع الخبراء أن يصل العدد الإجمالي للناخبين إلى أكثر من 138 مليون شخص من أصل 230 مليون تحق لهم المشاركة في التصويت.
وفي 2016، أدلى حوالي 58 مليون ناخب بصوته بشكل مبكر وهو عدد منخفض مقارنة بانتخابات 2020. فيما يتوقع أن يتسبب الإقبال الكبير على صناديق الاقتراع في تأخير تاريخ نشر النتائج النهائية.
طاهر هاني، موفد فرانس24 إلى الولايات المتحدة الأمريكية
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم