في موسم سياسي تهيمن عليه عمليات إعادة الفرز والانتقال الرئاسي الأمريكي، تكون لدى الكونجرس مسؤوليات أوسع من مجرد اتخاذ موقف لتحقيق مكاسب حزبية.

ومع انتهاء الانتخابات، ينبغي على لجنتي المخابرات في مجلسي الشيوخ والنواب التركيزعلى التحقيق في الإخفاقات الاستخباراتية الثلاثة، التي كشفها نزاع «ناغورنو كاراباخ»، لأن نتيجتها تعيق المصالح الأمريكية إلى حد كبير، حيث تتعرض الثورة الديمقراطية في أرمينيا للتهديد. كما أن هناك موجة جديدة من اللاجئين تضغط على المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، نجح النظام المعادي للولايات المتحدة بتركيا في إدخال مرتزقة متشددين في المعركة، بعضهم مرتبطون بالإرهاب.

الأول: اندلاع الحرب

لم تكن المناوشات بين أرمينيا وأذربيجان جديدة، لكن الصراع، الذي اندلع في أواخر سبتمبر، كان أكبر من أي قتال منذ حرب «ناغورنو كاراباخ» الأصلية في 1988-1994.

بعد فوات الأوان، من الواضح أن عاصمة أذربيجان (باكو) نسقت خططها الحربية مع أنقرة.

ففي 26 مارس 2020، وقع نائب وزير الخارجية الأمريكي، ستيفن بيجون، تنازلا عن المادة 907 من قانون دعم الحرية، يشهد أن أذربيجان ملتزمة بحل نزاعاتها دبلوماسيًا، وبالتالي تمكين استمرار تقديم المساعدة العسكرية الأمريكية إلى باكو.

الثاني: روسيا

كان أساس مسار مجموعة مينسك حلا دبلوماسيا، تحت رئاسة روسيا وفرنسا والولايات المتحدة، وتحظى المجموعة بدعم 54 دولة أخرى، بما في ذلك تركيا وأرمينيا وأذربيجان.

وعلى مدى أكثر من ربع قرن من وجودها، حددت مجموعة مينسك إطارًا أساسيًا، لحل النزاع يقوم على: الحكم الذاتي الأساسي لـ«ناغورنو كاراباخ»، وإنهاء الأعمال العدائية بين أذربيجان وأرمينيا، وربما تم تشحيمها بفتح الحدود بين أرمينيا وكل من تركيا وأذربيجان، والعودة التدريجية للمناطق الأذربيجانية خارج «ناغورنو كاراباخ» التي احتلتها القوات الأرمينية مقابل السلام الذي تضمنه قوات حفظ السلام الإسكندنافية.

ويبدو أن حيدر علييف، والد الرئيس الأذربيجاني الحالي، إلهام علييف، وافق على الاتفاق فقط، لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة.

وأدى تدفق المساعدات الأمريكية إلى أذربيجان، بعد انضمام علييف إلى «الحرب على الإرهاب» بعد 11 سبتمبر، إلى تثبيط المزيد من التسوية.

لذا يجب أن تثير نهاية روسيا في الاتفاقية السابقة تساؤلات: هل رأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ببساطة فرصة لإدخال القوات الروسية في المنطقة والاستيلاء عليها؟ أم أنه استخدم مشاركة روسيا في مجموعة مينسك «إستراتيجية حرب» غير متكافئة، لتشتيت انتباه الولايات المتحدة أو تقييدها بدبلوماسية غير صادقة؟.

الثالث: تركيا

بينما يدرس المحللون والدبلوماسيون الأحداث، فإن أحد أكبر أوجه عدم اليقين ينطوي على التعاملات الخفية بين بوتين والرئيس التركي رجب أردوغان.

كما هو معروف، أن الزعيمين توصلا إلى اتفاق وقف إطلاق النار الأساسي في مكالمة هاتفية خاصة، ثم عرضاه على علييف ورئيس الوزراء الأرمني، نيكول باشينيان، كأمر واقع.

ما يبقى غير مؤكد هو ما إذا كان للاتفاق الروسي - التركي أي مكونات أخرى، لقيادة بوتين للتخلي عن أرمينيا.

وفي الواقع، هناك تكهنات متزايدة في أرمينيا بأن الزعيمين قد تبادلا مصالحهما في سوريا: فقد ضمنت تركيا لروسيا مصالح عليا في إدلب مقابل دعم روسيا تركيا في أن يكون لها دور في مركز حفظ سلام مشترك في الأراضي التي تم انتزاعها من السيطرة الأرمينية، فضلا عن إنشاء ممر لعموم أرمينيا، للسماح لتركيا بالتغلغل بشكل أكثر مباشرة في القوقاز وآسيا الوسطى.