في حين تتخبط الدول الغربية مع فيروس كورونا، الصين تعزز نفوذها الاقتصادي: اتفاق تاريخي للتبادل الحر بين دول منطقة آسيا والمحيط الهادي


التي تمكنت من إبرام اتفاق جهوي للتبادل الحر أطلق عليه اسم «الاتفاقية الجهوية الاقتصادية الشاملة» بين 15 بلدا من المنطقة وهي دول مجموعة دول جنوب شرق آسيا (أندونيسيا وتايلند وسنغافورة وماليزيا والفيليبين وفيتنام وبورما والكمبودج و لاوس وبروناي) وخمس دول أخرى هي الصين واليابان و كوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا. وتهدف الاتفاقية التي تخص ملياري نسمة إلى رفع 90 % من الحواجز الجمركية بين البلدان المشاركة خلال العشرين سنة القادمة وفتح أسواقها تدريجيا أمام التجارة الحرة.
الاتفاقية الممضاة خلاصة مفاوضات بدأت عام 2011 في القمة 19 ببالي وانتهت هذا الشهر بعد أن شهدت العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب اضطرابات بخروجه من الاتفاقيات العالمية وفرضه رفع لرسوم جمركية على الصين في حرب اقتصادية غير مسبوقة. وتصدر خطاب الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي أعلن، عقب توقيع أول اتفاقية اقتصادية متعددة الجوانب لبلده، أن «الانفتاح يسمح للبلد أن يمضي قدما في حين أن الانعزال يشده إلى الوراء. في عالمنا اليوم، حيث أصبحت العولمة الاقتصادية بدون رجعة، لا يمكن لأي بلد أن يتقدم تاركا أبوابه مغلقة.
الخروج من جائحة كورونا
وتشهد الصين التي خرجت بنجاح من جائحة كورونا بعد أن كانت البلد الأول الذي أصيب بها نموا مستمرا قدر ب 4،9% من الناتج الداخلي العام في شهر أكتوبر من قبل المكتب الوطني للإحصائيات في حين لا زالت الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، الخصم الأول للصين، تعاني من الجائحة ومن النزاع على الرئاسة بسبب عدم قبول دونالد ترامب لنتائج انتخابات 3 نوفمبر الرئاسية. وتعاني دول جنوب شرق آسيا هي الأخرى من الجائحة وتأمل في فتح آفاق اقتصادية جديدة لسلعها وتنمية اقتصاداتها لمجابهة تداعيات الأزمة الصحية.
وليست مجموعة دول جنوب آسيا متجانسة اقتصاديا بل تضم دولا نامية تحتاج إلى دعم مالي واستثمارات في الميدان الصحي. وتسعى بيكين في هذه الظروف إلى تقديم المساعدات الصحية وفي مقدمتها الكمامات وآلات التنفس. وحرصت في الأسابيع الأخيرة على التفتح على المنطقة لتقديم التلقيح ضد فيروس كورونا خاصة أن المخابر الصينية تعمل منذ أشهر على 10 مشاريع مختلفة للتلقيح ضد كوفيد 19 في استراتيجية صحية مكملة للسياسات الاقتصادية المبرمجة.
غنائم الرئيس الصيني
بتوقيع اتفاقية التبادل الحر تتقدم الصين على منافسها الأمريكي بعد أن أبطل دونالد ترامب عام 2017 مشروع «الشراكة عبر المحيط» الذي بدأ في ارسائه الرئيس السابق باراك أوباما مع الدول الآسيوية في محاولة للتصدي للنفوذ الصيني. لكن نجاح بيكين بعد سنتين من التخلي الأمريكي يبرز بداية نجاح الصين فب تفعيل استراتيجيتها الاقتصادية الرامية إلى الهيمنة على السوق العالمية. ويظهر ذلك جليا في «الغنائم» التي حصل عليها الرئيس الصيني بإقناعه كوريا الجنوبية واليابان التي لها مشاكل سياسية و ترابية مع الصين للدخول في شراكة اقتصادية.
ويبقى أهم رمز للنجاح الصيني في دخول دولتين من «الفضاء الغربي» وهما أستراليا ونيوزيلندا في الحلف مع الصين. وعملت بيكين منذ سنين على فتح المجال أمام البلدين لتطوير علاقات اقتصادية مع دول الجوار الآسيوية. بدخول بيكين في عملية تبادل ضخمة تبني طريقا نحو دعم نفوذها الاقتصادي في جنوب شرق آسيا و تعمل على سد الطريق أمام الإدارة الأمريكية الجديدة التي سوف تجد صعوبة في إعادة ترميم ما أفسده دونالد ترامب.
دعم استراتيجية طريق الحرير الجديدة
اتفاق التبادل الحر يندرج في استراتيجية طريق الحرير الجديدة التي أسسها الرئيس سي جين بينغ. وسوف تشكل درعا أساسيا للاستثمارات الصينية في المنطقة. تشير التقارير الاقتصادية إلى أن الصين تريد الحفاظ على منتوجها الإستراتيجي على أراضيها في حين تهدف إلى استثمار ما تبقى من الإنتاج في البلدان الآسيوية لدعم نسيجها الاقتصادي الإقليمي علما وأن البلدان الأسيوية النامية في حاجة إلى استثمارات مباشرة. وسوف يسهل الاتفاق الجديد انتشار الصين في محيطها الجغرافي الطبيعي الذي يشكل 30% من الناتج العالمي، وهو ما يشكل الخطوة الأولى نحو تحرير السوق والاستثمارات في نظام معولم سوف يكون لبيكين فيه الدور الأساسي.
الاتفاق الذي يطرأ في ظروف أزمة صحية عالمية يمثل خطوة مهمة في تنمية الاقتصاد العالمي بعد أن اشارت الإحصائيات أن اقتصاد المنطقة بالإضافة إلى الصين والولايات المتحدة يشكل 60 % من الاقتصاد العالمي وأن ثلث الصادرات الصينية تذهب إلى المنطقة الآسيوية. مع دخول نيوزيلندا وأستراليا في هذا الفضاء يمتد «التوسع الصيني» إلى جنوب الكرة الأرضية وسوف يشكل عائقا إضافيا امام التوسع الأمريكي الذي أظهر في السنوات الأخيرة تقهقرا ملحوظا.
ولئن شارك الرئيس دونالد ترامب في اليوم الختامي للمنتدى لكن حضوره الافتراضي لم يكن إلا صورة رمزية لم تؤثر على مجرى الأحداث. ويبقى السؤال مطروحا على العملاق الهندي الذي انسحب من الاتفاق عام 2017، ربما تماشيا مع استراتيجية حليفه الأمريكي. الخبراء في المنطقة يعتقدون أن مستقبل الهند هو في المنطقة وأن رجوعه للمنتدى أمر حتمي خاصة أن البلدان التي تكونه في صراع سياسي واقتصادي منذ عقودوقد وصلت إلى الاقتناع أن مستقبلها في تعاونهافي ما بينها. العملاق الأمريكي المنافس في حالة ترد اقتصادي جراء جائحة كورونا التي خلفت أكثر من 250000 قتيل و10 ملايين من المصابين وأن الخروج من الركود سيدوم على الأقل أربع سنوات قادمة في وجود تحديات جسيمة أمام الإدارة الأمريكية الجديدة.

تاريخ الخبر: 2020-11-23 11:16:32
المصدر: جريدة المغرب - تونس
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 52%

آخر الأخبار حول العالم

الإبراهيم: إستراتيجياتنا تحدث نقلة اقتصادية هيكلية - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-25 03:23:44
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 68%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية