«كتاب الحياة».. رواية تُشرّح المجتمع الصيني


قد تبدو فى البداية قصة حياة عادية، فقط هى مليئة بالتفاصيل والأسماء صعبة النطق؛ لكن، هذه الصفحات التى تضمنها «كتاب الحياة»، ليست مجرد رحلة لفتى ريفى استطاع أن يُثبّت أقدامه فى المدينة، بل رحلة حياة كاملة، خرج صاحبها من أحلك المآسى حتى صار اسمًا كبيرًا ذى قيمة، يتفاخر به أهل قريته، واجه الكثير وعرف الأكثر.
فى الرواية التى يحكى فيها الأديب الصينى «لى باى فو»، الحاصل على جوائزة أدبية عديدة فى بلاده، والتى صدرت نسختها العربية بترجمة آلاء إبراهيم ومراجعة الدكتور أحمد السعيد، نجد الفتى الريفى «ديو»، قد تحول عالمه بعدما خرج من قريته الفقيرة الواقعة فى شمال غرب الصين إلى المدينة القريبة، ثم إلى العاصمة بكين المليئة بالضجيج. لتدور حكاية شيقة مليئة بالتفاصيل التى تدفع قارئها للشعور بأنه يتحرك وسط الأكواخ الخشبية، وينتظر فى خوف تعليمات الحزب، ويُطالع مؤشرات البورصة وهو يضع يده على قلبه خشية أن يتوقف مع هبوط الأسهم، بينما تُبهره فى المساء أضواء المدن، والفتيات ذوات المعاطف الجلدية المتألقة تحت ندف الثلوج.
تبدأ الرواية مع أولى خطوات «ديو» إلى المدينة، الموضع الذى يُجسّد كافة أحلامه، والتى كانت من الكثرة والدفء بحيث إنها أغنته عن الملابس الثقيلة فى ليلته الأولى التى اتسمت ببرودتها الشديدة، حتى أنه كان يرى كل مصباح فى الطريق الأسفلتى المُغطى بالثلوج وكأنه منارة تُضيء له طريقه نحو مستقبل أفضل.
ورغم سعيه الحثيث إلى الابتعاد عن قريته التى كانت بالنسبة إليه ثلاثة آلاف فم لا تكف عن الثرثرة حول ما تراه ستة آلاف عين هم مجمل أهل قريته البسيطة؛ إلا أن هؤلاء البسطاء اعتبروه سفيرهم إلى العالم المتحضر. هكذا انهالت عليه المكالمات الهاتفية من أجل قضاء مصالحهم المُعطلّة، بينما لا يعرف كيف يُخبرهم بأنه لا يزال لا شيء، مجرد باحث عن نفسه وسط ملايين الباحثين؛ لكنه خرج من تلك التجربة وهو يُعانى من رهاب الهاتف، يكره رنينه الذى صار يعنى بالنسبة له مصيبة ما، أو طلب لا يُمكنه تحقيقه.
وفى ربط لحياته السابقة بحياته الجديدة، يقوم الكاتب لى باى فو بأسلوب رشيق تشريحًا دقيقًا للمجتمع الصينى فى الريف والمدن؛ عبر تقديمه شخصيات من أهل القرية أثّرت فى حياة «ديو»- الذى صار فيما بعد «المدير وو»- ليحكى عنها، وكيف كانت تُعامل هذا الفتى اليتيم الذى صار أستاذًا جامعيًا، ثم رجل أعمال كبير. عبر هذه الشخصيات يبرز تنظيم وتغلغل الحزب الشيوعى الصينى فى أصغر وأبسط الأماكن، ومدى السلطة التى يتمتع بها المنتمين للحزب، والرهبة التى يتعامل بها الفلاحون معهم. كذلك يُبرز تلك النظرة المُنبهرة التى يرى بها الفلاحون وأهالى المقاطعات الصغيرة قاطنى المدن؛ وتفاصيل التعاملات بينهم وبعض، كيف يرى كل منهم الآخر، وما الذى تتضمنه جلسات نساء القرية، ورجالها الذين لا يُمانعون القيام بالفواحش بشرط ألا يُمسكهم أحد متلبسين بها، عندها -شأنهم كشأن كل القرويين فى العالم- يسرعون لارتداء دروع الشرف والصياح بأعلى أصواتهم ورجم المُخطئ، ومنهم من لا يتحمل الخطيئة على نفسه، مثل «تشون تساى» الذى «نزل النهر»، فصار مثلًا يُردده الفلاحون فيما بينهم. أمّا المدينة، فيقدمها لى باى فو مُبرزًا قسوتها رغم أضوائها المُبهرة ولافتاتها اللامعة، والتى عاش «ديو» فى كل مستوياتها، بداية من جحر حقير زامل فيه مجموعة من الحالمين، واضطر فيه لكتابة روايات جنسية باسم مستعار لتدر ربحًا ضئيلًا، وحتى صار شريكًا فى واحدة من أكبر شركات الصناعة ودخل سوق تداول الأسهم الصينية، وهى الأعمال التى استخدم فيها أيضًا الكثير من الطرق المشروعة وغير المشروعة من أجل الحفاظ على الأرباح، حتى بعدما أدى هذا الطريق إلى انتحار «لوه توه» شريكه وأقرب أصدقائه.
تاريخ الخبر: 2020-11-24 20:23:11
المصدر: البوابة نيوز - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 58%

آخر الأخبار حول العالم

الخنوس ينافس على جائزة أفضل لاعب إفريقي بالدوري البلجيكي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-25 21:26:04
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 57%

الخنوس ينافس على جائزة أفضل لاعب إفريقي بالدوري البلجيكي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-25 21:25:58
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 50%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية