كتب - محمد عطايا:
منذ العام 1979 تهدد إيران بمحو إسرائيل من على الخريطة.. وعادة ما يطلق القادة في طهران مثل تلك التصريحات لكسب التأييد الشعبي، ولكن رد الفعل لا يزيد عن حروب الوكالة أو القرصنة الإلكترونية، ولكن مستبعد الدخول في حرب مباشرة مع تل أبيب, وفقًا لما ذكرته المحللة في الشؤون الأمنية إيرينا تسوكرمان، ردًا على التهديدات الإيرانية ضد إسرائيل، بعد مقتل العالم المختص في مجال الطاقة النووية الأبرز، محسن فخري زادة، أمس الجمعة.

أعلنت طهران الجمعة، مقتل أرفع عالم نووري إيراني يوم الجمعة، بعد تعرض سيارته لإطلاق نار كثيف، في عملية لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الحادث.

ورغم محاولات الأطباء إنقاذ حياة العالم الإيراني، إلا أن وزارة الدفاع الإيرانية أكدت مقتل محسن فخري زاده، بعد تعرضه لهجوم مسلح وصفته الوزارة بالإرهابي.

وقالت وزارة الدفاع إن فخري زاده كان رئيس مركز الأبحاث العلمية في الوزارة، واعتبر وزير الدفاع أمير حاتمي أن اغتيال العالم البارز يُظهر عمق كراهية الأعداء لإيران.
وشدد مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدفاعية على أن "الكيان الصهيوني" في إشارة إلى إسرائيل، يدفع باتجاه حرب شاملة، وسيدفع ثمن الاغتيال.

من جهتها، أدانت وزارة الخارجية الإيرانية "بشدة" عملية الاغتيال، وقال وزير الخارجية محمد جواد ظريف إن هناك مؤشرات خطيرة عن دور إسرائيلي في مقتل العالم النووي الإيراني.

وطالب ظريف الدول الأوروبية بوضع حد لما وصفها بسياسة المعايير المزدوجة، واستنكار هذه الجريمة التي تعتبر إرهاب دولة.

وقال رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف إن "انتقامنا سيشمل كل من نفّذ ووقف خلف اغتيال محسن فخري زاده".

وتوعد رئيس هيئة الأركان الإيرانية محمد باقري بما وصفه بـ"انتقام صعب سيكون في انتظار الجماعات الإرهابية وقياداتها المسؤولة عن هذا الاغتيال".

وقال باقري: "لن نتوانى عن مطاردة ومعاقبة المسؤولين عن اغتيال العالم محسن فخري زاده".
بدوره، قال القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي إن "اغتيال علمائنا النوويين مواجهة واضحة لمنع إيران من الوصول إلى التقنيات الحديثة".

وكانت وكالة أنباء "تسنيم" شبه الرسمية قالت في وقت سابق إن "إرهابيين فجروا سيارة أخرى"، قبل إطلاق النار على سيارة تقل فخري زاده وحراسه في كمين خارج العاصمة.

ولفتت وسائل إعلام إيرانية إلى أن فخري زاده من علماء الصف الأول في مجال الأبحاث العلمية، وكان على لائحة العقوبات الدولية منذ عام 2007؛ لاتهامه بالضلوع في برنامج التسلح النووي والصاروخي.

وفي ضوء الإشارات الإيرانية لدور إسرائيل في الاغتيال، أفادت وكالة رويترز بأن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يمتنع عن التعليق على الهجوم الذي استهدف العالم النووي الإيراني، وهو الموقف ذاته الذي اتخذته وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاجون)، وفق رويترز أيضا.

خيارات طهران
قالت المحللة الأمريكية في الشؤون الأمنية، في تصريحات لمصراوي، إن اغتيال العالم الإيراني، يمثل ضربة نفسية لطهران، وتهديد حقيقي لطموحاتهم النووية.

وأضافت أن اغتيال العالم الإيراني يبعث برسالة مفادها أنه حتى مع وصول إدارة أمريكية يحتمل أن تكون موالية لإيران، إلا أن الهجمات على علماء طهران وأي شخص آخر يثير قلق أعدائها لن يتوقف، فضلًا عن أن اغتيال فخري زادة أبرز نقاط الضعف الأمنية الداخلية.

وتابعت "لقد رأينا مع تصفية قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، في غارة أمريكية، وكذلك سلسلة التفجيرات الغامضة التي هزت إيران خلال الصيف ودمرت العديد من منشآتها الاستخبارية، أن الاستخبارات الإيرانية ضعيفة ولا تستطيع الصمود أمام أعدائها (واشنطن وتل أبيب)".

وأوضحت أن "اغتيال رجل في مكانة فخري زادة في وضح النهار يعزز الانطباع بأن هناك حدود لقدرات النظام الإيراني الحالي".

وتابعت أن "رد فعل إيران متوقع، حيث سيوجه تهديدات بمحو إسرائيل عن الخريطة.. وفي المستقبل ربما ستحاول شن المزيد من الضربات الإلكترونية ضد المؤسسات الإسرائيلية، وقد ترسل ميليشياتها ووكلائها إلى مناطق لمحاولة شن هجمات".

وقالت تسوكرمان إن إيران "وعدت بتدمير إسرائيل منذ عام 1979 واستهدفوا بالفعل أهدافًا إسرائيلية في جميع أنحاء العالم، لكن محاولة الانخراط في قتال مباشر ضد إسرائيل سيكون بمثابة انتحار للنظام".

وأوضحت أنه "على الأرجح سيستخدمون العمليات الإلكترونية، والحرب بالوكالة، ويحتمل أن يحاولوا شن هجمات إرهابية ضد أهداف إسرائيلية في بلدان أخرى في المستقبل، ولكن من غير المرجح أن تحقق نجاحًا كبيرًا".