واقع قطاع الترجمة في ظل الجائحة وما بعدها .. أربعة أسئلة للمترجم المحلف خالد ليف


 (أجرى الحوار : عبد الحكيم خيران)

الرباط -  أرخت جائحة فيروس كورونا المستجد بظلال قاتمة على عدد هائل من القطاعات والأنشطة التي تضررت بشدة من تداعيات توقف قسري أملته الإجراءات والتدابير الاستثنائية الرامية إلى احتواء الوباء.

في الحوار التالي يقدم المترجم المحلف خالد ليف تشخيصا لواقع قطاع الترجمة التحريرية والفورية في ظل الجائحة، ويستشرف آفاق ما بعد هذه الأزمة غير المسبوقة، ويستخلص بعض الدروس التي أفرزها الواقع الجديد، تحسبا لأزمات أخرى محتملة:

1 - لم يسلم قطاع الترجمة التحريرية والفورية من تداعيات جائحة كورونا بسبب إلغاء أو تأجيل عدد من التظاهرات وطنيا ودوليا، كيف تقيّمون تأثير الجائحة على القطاع ؟

-- لقد شهد قطاع الترجمة، بشقيها الفوري والتحريري، بالفعل نكسة حقيقية في زمن كورونا، لاسيما خلال الأسابيع والأشهر الأولى التي تلت تفعيل إجراءات الحجر الصحي وإغلاق الحدود. فكما هو معلوم، ينشط قطاع الترجمة، لا سيما الترجمة الفورية، في ظل المنتديات واللقاءات والاجتماعات التي تُعقد إما بصفة دورية سنوية أو مناسباتية، بحضور ثلة من المتخصصين أو العاملين في قطاع بعينه يتحدثون لغات مختلفة.

وكان من تبعات الإجراءات الاحترازية التي أقرتها السلطات، ومنها منع التجمعات واللقاءات، أن صارت إمكانية الاشتغال وفق النمط الكلاسيكي متعذرة، بل ومحظورة. وعلاوة على ذلك، تسبب قرار إغلاق الحدود، وما استتبعه من إلغاء الملتقيات التي كانت مبرمجة، في تعطيل عجلة القطاع برمته.

وقد توقف نشاط الترجمة الفورية تماما خلال فترة الحجر الصحي، ثم بدأ القطاع يستعيد نشاطه بالتزامن مع مختلف مراحل رفع إجراءات الحجر أو التخفيف منها. ومع ذلك، ما يزال القطاع يئن تحت وطأة تداعيات الجائحة، حيث إن نسب تضرر المشتغلين فيه تتراوح في الوقت الراهن بين 80 و90 في المائة.

وبدوره، عاش قطاع الترجمة التحريرية -وما يزال- أزمة خانقة من جراء الجائحة، مردها بالأساس إلى إغلاق الحدود وتوقف السفر من المغرب وإليه، وتوقف تدفق المهاجرين، لا سيما المغاربة المقيمون بالخارج. ونتيجة لذلك، ضاعت على القطاع كل المعاملات التي كان يعول عليها خلال مدة الإغلاق، خاصة أن هذه الفترة هي أهم فترات السنة للتراجمة الذين يعولون عليها في إنعاش رقم معاملاتهم.

ومع أن هذا النشاط لا يعتمد، كما هو حال الترجمة الفورية، على المؤتمرات واللقاءات، فإنه تأثر بقرار توقيف الأنشطة بمقتضى الإجراءات الحكومية الرامية إلى تطويق تفشي الوباء. وهنا برزت جملة من الصعوبات والإشكالات ترتبط بإمكانية الاشتغال عن بعد والتأقلم مع الوضع الجديد حسب الإمكانات المتاحة.

وكما هو شأن أي قطاع آخر، لم تكن تداعيات الأزمة المرتبطة بتفشي جائحة كوفيد-19 على قطاع الترجمة متساوية الوقع على المشتغلين فيه، إذ من البديهي أن حجم الخسائر المتكبدة يختلف من ترجمان إلى آخر تبعا لاعتبارات كثيرة. لكن كان من الواضح أن الدفعات الأخيرة من التراجمة المحلفين، الذين التحقوا بالقطاع في متم العام الفارط وتزامنت بداية مشوارهم المهني -مع يستتبعه ذلك من التزامات تعاقدية وضريبية وغيرها- مع الأزمة التي أفرزتها الجائحة، كانت أشد تضررا. وتحاول هذه الفئة التعايش مع الأزمة، لاسيما في ظل عدم استفادتها من أي امتيازات اجتماعية كما هو الشأن في أغلب للمهن الحرة. كما تأثر المترجمون الأحرار بدورهم من توقف النشاط.

2 – ما هي البدائل والأنشطة التي اضطر المترجم الفوري أو التحريري إلى اللجوء إليها في ظل الأزمة ؟

-- لقد فرضت الجائحة واقعا جديدا لا يقبل أنماط الاشتغال التقليدية، مما دفع بالعديد من التراجمة والمترجمين، كما في قطاعات أخرى، إلى استكشاف بدائل تتيح مواصلة العمل.

وتشمل هذه البدائل توفير المكان المناسب للاشتغال بديلا عن مقصورة الترجمة، وتوفير المعدات اللازمة بما فيها وسائل عزل الصوت، وحواسيب عالية الأداء، وصبيب أنترنت عال، وهي كلها أمور مكلفة انضافت إلى أعباء المترجم، في ظل توقفه عن العمل لمدة معتبرة من الزمن.

كما لجأ بعض المترجمين والتراجمة إلى استخدام منصات خاصة ببعض المنظمات أو منصات تواصل متاحة على الأنترنت.

وكان لزاما أيضا التمرس على استخدام تقنيات التواصل عن بعد. فكان بديهيا أن تضيع فرص على من تعوزهم المعدات اللازمة لذلك، أو الذين لا يحسنون استخدام وسائل التواصل الحديثة.

3 - كيف تستشرفون آفاق القطاع في الفترة المقبلة ؟

-- في غمرة الحديث عن قرب توافر اللقاح، من المتوقع أن يستأنف القطاع نشاطه وحيويته، لكن من المستبعد أن يتم ذلك بنفس الوتيرة التي كان عليها من قبل. ومن المؤكد أن العديد من المنظمات والهيئات قد استساغت فكرة العمل عن بعد بل واستثمرت فيها خلال فترة الحجر، خصوصا وأن العمل عن بعد يوفر عليها التكاليف المرتبطة بالتنظيم، وما يستتبعه ذلك من ترتيبات وتنسيق مع العديد من المتدخلين.

وفي ظل هذا الوضع، يسود الاعتقاد بأن خيار الترجمة عن بعد، الذي فرض نفسه قسرا في ظل الجائحة، سيستمر، لكن هذه المرة اختيارا، في المرحلة القادمة. ومن ثم، سيكون لزاما على المترجم التأقلم مع هذا الوضع الجديد والتزود بما يلزم من معدات الاشتغال والإلمام بها.

ومن المتوقع أيضا اعتماد خيار العمل وفق ما يصطلح عليه بالندوات الهجينة أو "الفيجيتال" (Phygital)، التي تزاوج بين الشق الحضوري الكلاسيكي والعمل عن بعد.

وفي الشق التحريري، يتعين التفكير في بدائل جديدة تؤدي نفس الخدمة، مثل اعتماد التوقيع الإلكتروني كما هو معمول به في بعض الإدارات، واعتماد الحامل الرقمي بدل الورقي.

4 - ما هي الدروس والعبر التي يتعين استخلاصها من هذه الأزمة تحسبا لحدوث أزمات أخرى ؟

-- بالإمكان استخلاص عدد من الدروس والعبر والبناءُ عليها تحسبا لحدوث أزمات أخرى مستقبلا، يمكن إجمالها في ما يلي :

- الانفتاح أكثر على التكنولوجيات الحديثة في سبيل العمل على تقريب قطاع الترجمة مما يصطلح عليه بكفاءات المستقبل، لا سيما الذكاء الاصطناعي والمعلومات الضخمة وكل ما له علاقة بالثورة الصناعية الرابعة، بحيث بات لزاما على المترجم أن يعكف على الإلمام بها في سبيل تسخيرها في أداء مهامه، وإلا سيجد المترجم نفسه متأخرا عن الركب وفي عجز تام عن مجاراة نظرائه.

- ضرورة تجاوز العمل الفرداني والاشتغال بدلا من ذلك في إطار هيئات أو مجامع تمثيلية تتولى التأطير المحكم للمهنة.

- الانفتاح على مجامع وهيئات دولية تعنى بالترجمة من أجل التعريف بالمترجم المغربي وفتح آفاق أخرى في وجهه.

- تحسين شروط وظروف اشتغال المترجم لتمكينه من تجاوز الأزمات الطارئة وتبعاتها.

- وضع إطار قانوني منظم للمهنة، بما يتيح للمترجمين الاستفادة من الامتيازات الاجتماعية، لا سيما التغطية الصحية والتقاعد.

تاريخ الخبر: 2020-12-08 15:23:37
المصدر: MAP ANTI-CORONA - المغرب
التصنيف: صحة
مستوى الصحة: 94%
الأهمية: 98%

آخر الأخبار حول العالم

سنن يوم الجمعة.. الاغتسال والتطيب وقراءة سورة الكهف ولبس أحسن الثياب

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-29 09:22:36
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 39%

88% من القراء يطالبون بتشديد الرقابة على مراكز العلاج من الإدمان

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-29 09:22:34
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 36%

6 نصائح سحرية للحفاظ على جهازك التنفسى من العدوى فى رمضان

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-29 09:22:40
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 37%

الحكومة: رفع نسبة الاكتفاء الذاتى من القمح لـ45% عام 2026/2025

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-29 09:22:38
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 42%

متى تفيد الثقة المتداول في سوق الأسهم؟ ومتى تؤذيه؟

المصدر: أرقام - الإمارات التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-03-29 09:25:04
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 48%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية