حركة النّهضة… الرّحى التي تسحق كلّ من يدخل في تحالف معها… كيف سيكون مصير حزب قلب تونس و حكومة المشيشي؟


0 مشاركة

ينصّب اهتمام مراقبي الشّأن السّياسي اليوم على مصير حزب قلب تونس و كتلته البرلمانيّة و ذلك بعد أن تمّ يوم أمس إيداع رئيسه نبيل القروي السّجن على خلفيّة قضيّة رفعتها ضدّه منظّمة أنا يقظ تتهمه بتبييض الأموال و التّهرب الضّريبي ليجد القروي نفسه مطالبا بإثبات مصدر 134 مليون دينار بعد أن عاين 3 خبراء عدم وجود أي سند أو وثيقة تدعم القروي في هذا الملف.

الأيّام القادمة من الممكن أن تكشف عدّة تفاصيل و تعرّي جملة من المعطيات حول إمكانيّة بناء تحالفات جديدة سياسية، خاصة و انّ حزب قلب تونس أصبح مهدّدا اليوم… قلب تونس الذّي دخل منذ تشكيل حكومة هشام المشيشي في تحالف برلماني مع كتلة حركة النّهضة و كتلة إئتلاف الكرامة لضمان أغلبيّة برلمانية و حزام سياسي لهذه الحكومة التي روّج رئيسها لكونها مستقّلة و بدون غوّاصات…

ليست هذه النّقطة المهمة الآن ربّما الأهم مصير التحالف البرلماني الجديد كيف سيكون…؟

و بعودتنا على تاريخ الحكومات و التحالفات السّياسيّة بعد الثّورة من السّهل جدا ملاحظة أنّ كلّ حزب يدخل في تحالف مع حركة النّهضة إلا و يكون مصيره التلاشي بشكل أو بآخر، ما جعل عددا كبير من المحّللين السّياسيين يأخذون هذه النقّطة بعين الاعتبار و يسلّطون الضوء على سياسة حركة النّهضة في اختيار حلفائها و التي ترتكز أساسا على التّلوّن و التّغير بمنطق ان تستغّل حليفها لتمرير مرحلة أو أزمة و من ثمّ يندثر هذا الحليف لتجد لنفسها مخارج أخرى حسب الحاجة أكيد و تحت غطاء “المصلحة الوطنيّة و المرحلة اليوم تقتضي هذا… و فرض علينا هذا الخيار لإخراج تونس من أزمتها…”

ففي مرحلة اولى و تحديدا في أكتوبر 2011 دخلت حركة النّهضة بعد فوزها في أوّل انتخابات في تحالف مع حزبي المؤتمر من أجل الجمهوريّة و التكتل الدّيمقراطي من أجل العمل والحريات ليكون وقتها المنصف المرزوقي رئيسا للجمهورية و مصطفى بن جعفر رئيسا للبرلمان و حمّادي الجبالي رئيسا للحكومة، و لكن هذا التّحالف الذي كان يمثّل أغلبية برلمانية بدأ أشهر قليلة بعد تأسسه بالتفتت و ذلك باستقالة عدد من نواب حزبي المؤتمر و التكتل، ليتمّ فيما بعد تعيين علي العريض على رأس حكومة الترويكا الثّانية الأمر الذّي لم يخفف من تصدّع المشهد السّياسي و لم يحافظ على نواب كتلتي حزبي المؤتمر و التكتل بل خسر الحزبين نصف نوابهما تقريبا و حافظت النّهضة على وزنها كاملا بالبرلمان.

الأمر الذّي استدعى حوارا وطنيا وقتها شاركت فيه كلّ الاحزاب و انبثقت عنه حكومة تكنوقراط مستقّلة في 29 جانفي 2014 رئيسها مهدي جمعة، و تلاشى حينها الحزبين المحسوبين على العائلة الوسطيّة الدّيمقراطية التّقدمية مع مواصلة هيمنة حركة النهضة في المقابل .

بالتّوازي مع مختلف هذه الأحداث البرلمانية كان حزب نداء تونس و الذّي أسّسه الباجي قائد السّبسي في 16 جوان 2012، يستقطب عددا من القياديين السّياسين الذّين أرعبتهم فكرة سيطرة النّهضة على المشهد السّياسي، خاصة و أنّ تاريخها الأوّل في الحكم شهد 3 إغتيالات سياسية و هي إغتيال الشّهيد شكري بلعيد و الشّهيد محمد البراهي و الشهيد لطفي نقض، و عدد كبير من العمليات الإرهابيّة لم تعشه تونس من قبل، هذه المعطيات جعلت من نداء تونس المخرج و سبيل النّجاة من هذا الدّهليز المظلم، ليفوز الحزب المذكور في الانتخابات التشّريعية لسنة 2014 بـ 86 مقعدا و من ثمّ يفوز رئيسه الباجي قائد السّبسي برئاسة الجمهوريّة.

الاغلبية البرلمانيّة لم تكن مريحة و لم تمكّن النّداء من تشكيل الحكومة حينها لنجد “الخطّان المتوازيان اللّذان لا يلتقيان” و هي المقولة المشهورة للباجي قائد السّبسي يلتقيان في نهاية الامر و يشكّلان تحالفا برلمانيا فيما بعد فيه الـ 86 نائبا عن النّداء و 69 نائبا عن حركة النهضة، مكّن من تمرير حكومة الحبيب الصّيد في 06 فيفري 2015.

و لكن و بعد أشهر بدأت الانشقاقات تجتاح نداء تونس ايضا، باندلاع حرب ضروس داخله حول الزّعامة و خلافة الباجي قائد السّبسي و انقسم الحزب بين مناصرين لحافظ نجل الباجي قائد السّبسي و الذّي اعتبر “الباتيندا” من حقّه و محسن مرزوق اليد اليمنى وقتها للباجي و انشق الحزب فعلا و توسّعت دائرة هذه الشّقوق لتفرز عددا كبيرا من الأحزاب أبرزها مشروع تونس و آفاق تونس و بني وطني و غيرها…

في المقابل عملت حركة النّهضة على رصّ صفوفها و اعادت لملمة شمل قواعدها و تسبّبت في استقالة و انهيار حكومة الحبيب الصّيد الذّي صرّح في خطابه أمام البرلمان أنّه تلقى تهديدا حتى يستقيل “أخرج و إلا نمرمدوك” هذه العبارة التي تساءل كثيرون عن قائلها كشف الصّيد منذ أيّام غير بعيدة أنّ رئيس حركة النهضة هو صاحبها و من هدّده حينها… و لكن هذا العامل لعب دورا هاما في إضعاف نداء تونس “الحزب الأمل ” الذي ازداد خرابه الدّاخلي شدّة بعد تعيين الباجي قائد السّبسي ليوسف الشّاهد كرئيس حكومة استمرّت لـ 3 سنوات… الإبن الذّي كانت له مطامع رئاسيّة و لم يكن الوحيد بل نبيل القروي أيضا و هو الفكر المدبّر للحملة الانتخابيّة للباجي قائد السّبسي كانت له مطامع رئاسية ايضا تعرّت بتأسيس حزب قلب تونس و الانشقاق عن نداء تونس و من جانبه يوسف الشّاهد انشقّ ايضا و أسّس حزب تحيا تونس ليدخل به تحت جلباب حركة النّهضة…

كانت هذه الضّربة القاضية التي تلقّاها النّداء… و لأنّ كلّ من يدخل تحت جلباب النّهضة يبتلعه هذا الرّداء الأسود لم يحالف الحظ يوسف الشّاهد بالوصول إلى السّلطة و لا بالضّفر بكتلة برلمانية وازنة ربّما يكون مصيرها التلاشي مستقبلا… في حين أنّ قلب تونس و الذّي لم يكن في السّلطة حينها، لعب هذا العامل لصالحه و فاز بالمرتبة الثّانية بمجلس نواب الشّعب في انتخابات 2019 و ضمن تمثيلية برلمانية بـ 38 نائبا حينها، رغم عدم نجاح رئيسه نبيل القروي في الوصول إلى سدة الحكم و خسر معركة الانتخابات الرّئاسية أمام قيس سعيد، مما جعله يتحوّل إلى متحكّم في خيوط اللعبة السّياسية ايضا عبر البرلمان و تمرير القوانين…

حركة النّهضة و كما أشرنا في بداية المقال تحالفاتها كانت تبنى دائما على مصالحها و رغم تقلّص نواب قلب تونس إلى 27 نائبا فقط إلا أنّها دخلت في حلف معه و مع ائتلاف الكرامة لضمان تمرير الحكومة التي تكون خادمة لمصالحها بطريقة أو باخرى و قامت بإسقاط حكومة الفخفاخ و من ثمّ الضغط بأشكال مختلفة على حكومة هشام المشيشي، هذا الأخير الذّي اعتبره البعض تنكّر لرئيس الجمهورية قيس سعيد، اي من اقترحه لمنصب رئيس حكومة و دخل تحت “جلباب” حركة النّهضة و قلب تونس و ائتلاف الكرامة حتى يضمن أغلبية برلمانية تمكّن حكومته من الاستمرار فماهو مصيره اليوم…؟

مع مختلف التّغيّرات و الأحداث التي جدّت يوم أمس السّؤال المطروح الآن هل ستسحق رحى حركة النّهضة اليوم كتلة قلب تونس و من خلفها الحزب… الذّي تحالف مؤخّرا معها لتتخلّص في نهاية المطاف من حكومة هشام المشيشي و تعيد فيما بعد ترتيب الملعب و تصفيف المشاركين في اللّعبة حسب مصالحها طبعا؟

و هل أنّ تشبّث الغنوشي بمنصبه كرئيس للحركة من بين المعطيات الغير واضحة للعيان و التي هي اللّغز الخفي لما يحصل على السّاحة السياسية…؟

 

 

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

0 مشاركة

تعليقات

تاريخ الخبر: 2020-12-25 13:33:02
المصدر: تونس الرقمية - تونس
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 53%
الأهمية: 54%

آخر الأخبار حول العالم

بطلة برنامج “المواعدة العمياء” ممنوعة من مغادرة المغرب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-19 18:26:17
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 69%

بطلة برنامج “المواعدة العمياء” ممنوعة من مغادرة المغرب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-19 18:26:13
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية