"بلومبيرج" : الاقتصاد الأمريكي سيدفع ثمن الاضطرابات السياسية


رغم أن العنف السياسي في أمريكا يمكن أن يؤدي إلى تقليل الثقة في استقرار البلاد وارتفاع تكلفة المخاطر بالنسبة لسندات الخزانة الأمريكية التي تحدث عنها المحلل الأمريكي نواه سميث قبل نحو أسبوع فهو يرى الآن أن هذه ليست التداعيات الاقتصادية الوحيدة المحتملة للهجوم الذي شنه أنصار الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترمب على مبنى الكونجرس (الكابيتول) يوم 6 يناير وتهديداتهم بإثارة المزيد من أعمال المفوضى احتجاجا على ما يقولون إنه تزوير لانتخابات الرئاسة الأمريكية التي خسرها ترمب.

وذكر في تحليل نشرته "بلومبرج" أن بحثا أجراه صندوق النقد الدولي قبل سنوات كشف عن الارتباط الواضح والدائم بين عدم الاستقرار السياسي والتباطؤ الاقتصادي. ففي 2011 درس صندوق النقد أوضاع عينة كبيرة من البلدان خلال الفترة من 1960 إلى 2004 حيث وجد ارتباطا واضحا بين المقاييس المختلفة لعدم الاستقرار السياسي وانخفاض النمو الاقتصادي اللاحق لذلك.

كما وجدت ورقة بحثية سابقة أعدها الخبير الاقتصادي ألبرتو أليسينا نتائج مماثلة. ففي البلدان غير المستقرة يكون الاستثمار أقل ونمو الإنتاجية أبطأ بشكل كبير. وهذا كلام منطقي لأن عدم الاستقرار يزيد من عدم اليقين. فإذا إذا كنت رجل أعمال ولا تعرف من سيكون مسؤولا عن الدولة في غضون عام فمن المنطقي عدم القيام بأي استثمارات كبيرة فيها خوفا من أن تستولي عليها الحكومة أو يتم إزالتها من الوجود أو تدميرها في موجة عنف.

ويحذر نواه سميث وهو أستاذ مساعد المالية في جامعة ستوني بروك الأمريكية من أنه يمكن للخوف من الفوضى أن يقلص بسهولة المشروعات الجديدة في أمريكا. فإذا نظرت إلى المستقبل بعد 5 سنوات مثلا ورأيت احتمال استمرار الاضطرابات حتى لو لم تصل إلى درجة الحرب الأهلية فقد تعيد التفكير في قرار إقامة مشروع اقتصادي بأمريكا.

وهذا الكلام ينطبق بشكل خاص على المستثمرين المهاجرين إلى أمريكا والذين تزيد مشروعاتهم عن مشروعات الشركات الأمريكية والذين غالبا ما يكون لديهم خيار العودة إلى بلدانهم الأصلية. ومعنى تراجع المشروعات الناشئة وريادة الأعمال في أمريكا تراجع الابتكار وتباطؤ التقدم التكنولوجي وانخفاض القدرة التنافسية مقارنة بالصين.

في الوقت نفسه سيضر عدم الاستقرار بالشركات الأمريكية بحرمانها من العمالة الماهرة القادمة من الخارج. إذ من سيريد الانتقال إلى دولة يمكن استهداف الأجانب والاعتداء عليهم فيها ؟. وفي الواقع شهدت حقبة دونالد ترمب بالفعل انخفاضا كبيرا في الهجرة القانونية إلى أمريكا رغم أن أغلب هؤلاء المهاجرين يكونون ممن يمتلكون مهارات متنوعة ومطلوبة.

ويشعر المستثمرون الأجانب أيضا بتدهور مناخ الأعمال في أمريكا وهو أمر شديد الخطورة. فمنذ السبعينيات، تزايد الاستثمار الأجنبي المباشر كجزء من الاقتصاد الأمريكي. ويشمل ذلك مشاريع مثل مصانع سيارات تويوتا اليابانية في كنتاكي ومصانع مكونات طائرات إيرباص الأوروبية في ألاباما ومصانع سيارات فولكس فاجن الألمانية في تينيسي.

هذه الشركات الأجنبية توظف الكثير من العمال الأمريكيين بما يصل إلى حوالي 5.8% من إجمالي القوة العاملة الأمريكية. وإذا نظرت هذه الشركات إلى الولايات المتحدة على أنها مكان غير مستقر فقد تقرر إقامة مصانعها الجديدة في دول أخرى، أو حتى تفكر في الخروج من أمريكا تماما.

كما أن النظر إلى أمريكا كدولة غير مستقرة يمكن أن يسبب المعاناة للشركات الأمريكية في الخارج. فالشركات التي تشتري الصادرات الأمريكية سواء معدات تصنيع أشباه الموصلات أو معدات البناء أو رقائق الكمبيوتر قد تقرر عدم الدخول في علاقات طويلة الأجل مع الموردين الأمريكيين.

فهذه الشركات المستوردة لن ترغب في أن تجد نفسها غير قادرة على الحصول على احتياجاتها المهمة من أمريكا لآن أعمال العنف أو التقلبات السياسية الحادة تضر بالأنشطة الاقتصادية في أمريكا. وبالطبع فإن تراجع الصادرات الأمريكية يعني مرة أخرى وظائف أقل وأجور أقل للأمريكيين. وهذا لا يأخذ بعين الاعتبار العواقب السياسية والمؤسسية لعدم الاستقرار.

وقد أظهر تدخل ترمب في عمل مركز السيطرة على الأمراض أثناء الجائحة كيف يمكن للقادة الذين يراهنون على الصراعات الأهلية وعدم الاستقرار أن يدمروا المؤسسات الحيوية من أجل تحقيق مكاسب سياسية. ويمكن القول إن استيلاء الرئيس الفنزويلي الراحل هوجو شافيز على شركة النفط الفنزويلية المملوكة للدولة وانهيار هذه الشركة بعد ذلك هو المثال الأكثر دراماتيكية على ذلك.

وتعتبر المؤسسات الحكومية مكملا حاسما للقطاع الخاص. فهذه المؤسسات هي التي تحدد المناخ التنظيمي وتوفر خدمات حيوية معينة وتحافظ على البنية التحتية. وبالتالي فإن تعيين الأصدقاء والحلفاء في هذه المؤسسات مع استبعاد المعارضين والمناوئين للسلطة منها يقلل بشكل كبير من كفاءة عمل هذه المؤسسات ويزيد حالة من عدم اليقين التي تواجهها الشركات وهي تتعامل مع هذه المؤسسات.

كما يمكن للفوضى السياسية أيضا أن تمنع الحكومة من القيام بالاستثمارات اللازمة في البنية التحتية. فكلما شعرت الدولة أنها تخوض صراعا أهليا قلت احتمالات ضخ استثمارات جديدة في البنية التحتية.

أخيرا يمكن أن يؤدي هذا إلى نوع التباطؤ الاقتصادي في أمريكا كالذي اعتدنا على رؤيته في بلدان مضطربة مثل فنزويلا أو تايلاند أو تركيا. ومن شأن تراجع الاستثمار وتباطؤ نمو الإنتاجية وريادة الأعمال وانخفاض الطلب على العمالة والكفاءة الحكومية أن يضر بالعمال وأصحاب الأعمال الأمريكيين على حد سواء حتى لو تمكن النظام المالي الأمريكي من الحفاظ على استقراره.

ويختتم تحليله بأنه لكل شخص في أمريكا مصلحة في قمع موجة العنف الحالية التي يغذيها ترامب، حتى يمكن إنهاء حالة عدم اليقين السياسي والصراع بسرعة.

تاريخ الخبر: 2021-01-19 10:23:23
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 38%
الأهمية: 47%

آخر الأخبار حول العالم

وزارة التجهيز والماء تطلق أضخم حملة توعوية لترشيد استهلاك الماء

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-19 06:23:10
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 82%

انفجارات قرب مطار أصفهان.. ومسؤول أمريكي: إسرائيل شنت هجوما

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-19 06:22:54
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 65%

مواعيد القطارات المكيفة والروسى على خط القاهرة - الإسكندرية والعكس

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-19 06:22:26
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 40%

تعرف على الإجراءات والمستندات لاستخراج جواز السفر لأول مرة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-19 06:22:28
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 36%

تقارير: سماع دوي انفجارات بإقليم أصفهان الإيراني

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-19 06:22:59
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 61%

مسؤول إيراني: لم يكن هناك هجوم صاروخي على إيران

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-19 06:22:40
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 52%

وكالة مهر الإيرانية: إلغاء الرحلات الدولية بمطار الخميني بط

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-19 06:22:49
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 59%

تقارير عبرية: إسرائيل أبلغت أمريكا بالهجوم على إيران لكنها

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-19 06:22:35
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 66%

مسؤول أمريكي: الهجوم الإسرائيلي على إيران لم يستهدف مواقع نو

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-19 06:22:44
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 67%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية