خاص: نوايا التصويت في التشريعية والرئاسية - جانفي 2021 الدستوري الحرّ يعمق الفارق مع النهضة بصفة غير مسبوقة


• تعمق الفارق غير المسبوق في التشريعية بين الدستوري الحرّ (%41.0) وحركة النهضة (%15.4)
• التقدم النسبي لائتلاف الكرامة (%9.1) والذي أضحى ينافس النهضة على المرتبة الثانية وخاصة على تمثيل الإسلام السياسي في تونس
• تراجع نوايا التصويت في الرئاسية بعشر نقاط للرئيس قيس سعيد والذي ينزل لأول مرّة بوضوح عن عتبة %50 (%40.8) ويكون بذلك مضطرا – افتراضيا بالطبع - إلى دور ثان مع عبير موسي (%15.9)
• تواصل المفارقة بين منطقي التشريعية والرئاسية وعدم قدرة المتصدر في واحدة منهما على تحويل هذا الزخم إلى الانتخابات الثانية .
نقدم لكم اليوم نتائج سبر آراء نوايا التصويت الذي قامت به مؤسسة سيغما كونساي بالتعاون مع جريدة «المغرب» ،وننوه هنا أن العينة شملت أكثر من ألفي شخص وذلك لمزيد الدقة والتمثيلية كما أن الدراسة قد أنجزت بين 9 و13 جانفي الجاري أي قبل الأيام الأربعة للحجر الصحي وما رافقها من احتجاجات وعمليات تخريب ليلية وكذلك قبل إصدار رئيس مجلس نواب الشعب للبيان الذي أدان فيه عناصر من كتلة ائتلاف الكرامة ورفعت بموجبه الكتلة الديمقراطية اعتصامها في البرلمان.
يتراجع عدد غير المصرحين بنوايا تصويت ايجابية بنقطتين خلال شهر واحد ولكنه يبقى مرتفعا للغاية بأكثر من ثلثي العينة (%68.7) وهي نسبة قريبة جدا من تلك التي لم تذهب إلى الصندوق في تشريعية 2019 إذا ما احتسبنا الجسم الانتخابي الإجمالي لا فقط المسجلين في السجلات الانتخابية .
أهم عنصر لافت للنظر هو اتساع الفارق بين قطبي الصراع السياسي القائم في تونس الآن فالدستوري الحرّ بتجاوز لأول مرة في الباروميتر السياسي الشهري لسيغما /المغرب عتبة %40 (%41.0) كما ان حركة النهضة تشارف النزول ، ولأول مرّة كذلك ، عتبة %15 (%15.4) .
لو أخذنا النتائج المطلقة لهذين الحزبين نجد أن الدستوري الحرّ يتجاوز مليون صوت افتراضيا (حوالي 1.075.000 صوتا) بينما تتراجع حركة النهضة إلى حوالي أربعمائة ألف صوت (403.000).
وهذا يطرح مسألة «سقف الزجاج» لكل حزب أي إلى أي حد يمكن أن يصل الدستوري الحرّ والى أي حدّ يمكن أن تنزل حركة النهضة وهل وصل كل واحد منهما إلى مداه الأقصى أو الأدنى أم نحن أمام ديناميكية سياسية مازالت في طور التشكل والنموّ ؟
• في ديناميكية انتشار الدستوري الحرّ:
بهذا المستوى من نوايا التصويت لم يعد للدستوري الحرّ من مناطق ضعف انتخابية قوية ولكن رغم هذا نجد أن حزب عبير موسي يحقق نتائج قريبة جدّا من معدله الوطني في الشمال الشرقي (بنزرت وزغوان ونابل)والشمال الغربي (باجة وجندوبة والكاف وسليانة) وبدرجة اقل في الوسط الغربي (سيدي بوزيد والقيروان والقصرين) ولكنه في المقابل يتجاوز نصف نوايا التصويت في كل من تونس الكبرى (تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة) وفي ولايات الساحل كذلك (سوسة والمنستير المهدية) وهو يتقدم على النهضة كذلك في صفاقس وفي الجنوب الغربي (قفصة وتوزر وقبلي) رغم تسجيله أكثر من عشر نقاط دون معدله الوطني ،والنهضة لا تتفوق على حزب عبير موسي إلا في ولايات الجنوب الشرقي (قابس ومدنين وتطاوين) حيث تحرز على المرتبة الثالثة بـ%13.4 بعد كل من النهضة (%25.6) وائتلاف الكرامة (%19.4) .
ويتقدم الدستوري الحر على منافسيه عند كل الفئات الاجتماعية وخاصة في الطبقة المرفهة والطبقة الوسطى العليا (المهن الحرّة والإطارات في القطاعين العام والخاص والجامعيين وأيضا في الطبقة الشعبية ولا ينزل عن معدلاته الوطنية إلا في الطبقة الوسطى السفلى (الحرفيون وصغار التجار واعوان التنفيذ ...)
-هنالك أيضا عنصر لافت في نوايا التصويت للدستوري الحرّ وهو غلبة التصويت الرجالي على النسائي (%43 مقابل %38.4) وكأن العنصر الجندري لا يلعب درا هاما في دواعي التصويت فنحن هنا لسنا أمام تصويت نسائي لحزب تتزعمه امرأة بل أمام ما يمكن أن نسميه بنوع من الانجذاب الرجالي للمرأة الحديدية وهذا ما شوهد في تجارب أخرى أبرزها انديرا غاندي في الهند ومارغريت تاتشر في المملكة المتحدة .
-يتفوق الدستوري الحرّ على النهضة في كل الفئات العمرية ولكننا نلاحظ تطورا طراديا مع التقدم في السن فعند فئة الشباب (18-25 سنة) لا يزن الدستوري الحرّ سوى %19.8 من نوايا التصويت وتصل هذه النسبة عند الذين تجاوزوا الستين %63.8.
-وعندما نرى نوايا التصويت من زاوية المستوى التعليمي نرى أن الفوارق هامة جدا بين قطبي المشهد السياسي عند كل المستويات ولا يتراجع هذا الفارق قليلا إلا عند ذوي مستوى التعليم الثانوي .
• النهضة على مرمى حجر .. ائتلاف الكرامة ؟
على امتداد هذه العشرية وفي كل الانتخابات التي تنافست فيها الأحزاب (التأسيسية والتشريعية والبلدية) تحصلت النهضة على المرتبة الأولى في ثلاث مناسبات (التأسيسي في 2011 والبلدية في 2018 والتشريعية في 2019 ) ومرّة واحدة على المرتبة الثانية في تشريعية 2014 ، ولكننا بصدد مشاهدة تحول بطيء ولكنه مستمر بين نزول النهضة وصعود ائتلاف الكرامة .
صحيح أن الفرق بين هذين الحزبين مازال هاما نسبيا %15.4 للأول و%9.1 للثاني كما أن الهيكلة التنظيمية لهما لا تقارن ولكن من الواضح أن ائتلاف الكرامة الذي تأسس على عجل قبيل الانتخابات الأمة في 2019 بصدد افتكاك جزء هام من القاعدة الاسلاموية الراديكالية كما أن ائتلاف الكرامة يتفوق على النهضة في بعض معاقلها الأساسية كصفاقس (%15.7 لائتلاف الكرامة و%13.0 للنهضة) والجنوب الغربي (%16.2 مقابل %14.4).
كما أن ائتلاف الكرامة يتساوى مع النهضة في تصويت الطبقة المتوسطة العليا وكذلك عند صغار الكهول (من 26 إلى 44 سنة ).
إلى حدّ الآن ظهر هذين الحزبين كحليفين استراتيجيين وأن مياههما تصب في بعضهما البعض ولكن ماذا لو حصل تنافس بين الاثنين واضطرت القاعدة الاسلاموية إلى الاختيار بين خطين سياسيين متنافرتين إلى حدّ ما ؟ مع من ستميل الكفة ؟ مع نوع من الاسلاموية التي تريد التصالح مع «الاعتدال التونسي» أم مع اسلاموية راديكالية غير معقدة ؟ سوف تأتينا الأشهر القادمة ببداية إجابة عن هذا السؤال .
• والبقية ؟
يبدو أن حزب قلب تونس هو من أكبر المتضررين من الصعود الصاروخي للدستوري الحرّ وأن هويته الانتخابية التي سعى إلى نحتها في الحملة الانتخابية في 2019 بصدد التبخر لا فقط نتيجة الصعوبات القضائية لرئيسه نبيل القروي بل وكذلك للتحالفات الانتهازية وللمواقف المتذبذبة لقياداته ولكتلته البرلمانية ،ولسنا نرى – اليوم على الأقل – ماهي العناصر البسيكولوجية والسياسية التي ستسمح له بالصعود في نوايا التصويت من جديد .
كما نلاحظ أن الأحزاب التي سجلت تقدما نسبيا في الانتخابات الماضية وبخاصة التيار الديمقراطي وحركة الشعب هي بصدد المراوحة في مكانها في أحسن الأحوال وهي بعيدة كل البعد – الآن – على لعب الأدوار السياسية الأولى لو جرت الانتخابات التشريعية غدا .
والغريب كل الغرابة أن التونسيين الذين مازالوا يثقون بنسبة هامة في رئيس الدولة لا يرون له ولمشروعه من وجود في انتخابات تشريعية على عكس ما يحصل مع الصافي سعيد حيث يجمع حزبه المفترض حوالي %4 من نوايا التصويت التلقائية مقابل %1 فقط للحزب المفترض لقيس سعيد ..

نوايا التصويت في الرئاسية:
قيس سعيد يواصل النزول ودور ثان مفترض بينه وبين عبير موسي

في ظرف شهر واحد خسر قيس سعيد عشر نقاط كاملة في نوايا التصويت فمن %51.3 في ديسمبر 2020 ينزل قيس سعيد إلى %40.8 في جانفي 2021.
في ظرف سبعة أشهر خسر ساكن قرطاج ثلاثين نقطة كاملة (%71 في جوان 2020) والسؤال هنا هل سيتواصل هذا التدحرج المستمر أم سيتمكن ساكن قرطاج من كسر هذا الاتجاه العام ؟
في المقابل يتواصل الصعود التدريجي لعبير موسي التي تحرز على المرتبة الثانية بـ%15.9 من نوايا الأصوات لتكون المنافسة الافتراضية لقيس سعيد لو جرت الانتخابات الرئاسية اليوم .
ولكن المرتبة الثانية لزعيمة الدستوري الحرّ غير مضمونة لأنها ملاحقة من قرب من قبل الصافي سعي بـ%13.2 محققا قفزة بأكثر من ست نقاط في شهر واحد مقابل ثلاث نقاط فقط لعبير موسي .
ما الذي يفسر هذا التدحرج المستمر لنوايا التصويت لرئيس الجمهورية خاصة في مدخل السنة الثانية لعهدته الرئاسية ؟
يبدو لنا أن أهم عنصر لهذا التراجع الهام هو بروز خيبة أمل نسبية عند جزء من ناخبي قيس سعيد الذين توقعوا تغييرا فعليا في سياسة البلاد فوجدوا عند ساكن قرطاج أقوالا كثيرة ولكن دون أية ترجمة عملية في حياة الناس إلى حدّ اليوم ..يبدو أن من بقي وفيا لقيس سعيد من ناخبيه علاوة من صوت له باقتناع في الدور الأول هم من يرون أن المنظومة الحزبية والبرلمانية هي التي تمنع قيس سعيد من القيام بالإصلاحات الضرورية ولكن أعدادا متزايدة لم تعد مقتنعة تماما بهذه الحجة .
في المقابل لِمَ لم تتمكن عبير موسي من تحويل الزخم الهائل الذي تحققه في التشريعية إلى شيء مماثل في الرئاسية ؟ الجواب على هذا السؤال ليس هينا بالمرّة ولذلك سنكتفي بتقديم فرضيتين :
1 - بالنسبة للتونسيين الذين يريدون إنهاء حكم النهضة المباشر أو الضمني يبدو لهم أن الدستوري الحرّ هو الحل الأيسر والأكثر نجاعة وراديكالية وهم يعتقدون أنها لن تتنكر لعهدها كما فعل ذلك النداء وزعيمه التاريخي الراحل الباجي قائد السبسي .
2 - في الانتخابات الرئاسية تجد عبير موسي أمامها عائقين اثنين :
أ - وجود قيس سعيد الذي لن ينهي فقط حكم النهضة بل وكذلك حكم الأحزاب وهو بهذه الصفة الحلّ الأكثر جذرية لغلق قوس هذه السنوات العشر.
ب- هنالك حاجز جندري واضح يلعب ضدّ عبير موسي باعتبارها امرأة إذ تفقد في الرئاسية جزءا هاما من قاعدتها الانتخابية في التشريعية لا فقط في صفوف الرجال بل وعند النساء بالخصوص كما تكاد تنهار انتخابيا عند جلّ المحافظين والمحافظات في كل الجهات وعند جلّ الفئات الاجتماعية باستثناء الطبقة المرفهة .
في المقابل لم يمنع هذان الحاجزان زعيمة الدستوري الحرّ من التقدم ولكنه تقدم بطيء وكسره يحتاج إلى انهيار الخصم أكثر منه إلى تفوقها الشخصي ..
يبقى أن حوالي أربع سنوات مازالت تفصلنا – نظريا – عن الاستحقاق الرئاسي وهذه المعطيات السيوسولوجية قد تتحول تحت ضغط الأحداث وصلابة أهم الشخصيات تجاهها.
وإن نسينا فلا ننسى أن الموعد الانتخابي القادم (الانتخابات البلدية في 2023 أو الجهوية في 2022 ؟) سوف يحدد ولاشك مشهدا سياسيا جديدا وسوف ينعكس بكل قوة على الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية في 2024..هذا بالطبع إذا لم يدع التونسيات والتونسيون قبلها إلى حسم هذا المشهد السياسي الممزق ..
• الجذاذة التقنية للدراسة

• العينة: عينة ممثلة للسكان في الوسط الحضري والريفي مكونة من 2013 تونسيا تتراوح أعمارهم بين 18 سنة وأكثر.
• تم تصميم العينة وفق طريقة الحصص (Quotas) حسب الفئة العمرية ، الولاية، الوسط الحضري أو الريفي.
• طريقة جمع البيانات: بالهاتـــف
CATI (Computer Assisted Telephone Interviewing, Call-Center)
• نسبة الخطأ القصوى: %2.2
• تاريخ الدراسة: من 9 إلى 13 جانفي 2021

تاريخ الخبر: 2021-01-20 10:17:43
المصدر: جريدة المغرب - تونس
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 48%
الأهمية: 69%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية