الاستثمار الجماعي بالذهب يثير مخاوف تكرار سيناريو... النصب العقاري



- بيع وحدات استثمارية بالذهب يكشف فراغاً رقابياً بين «الهيئة» و«التجارة»
- الأرباح المكونة من خانتين تفتح شهية أصحاب الثروات على عشوائية المخاطرة
- ضعف الطلب على العقار والأسهم يزيد الإقبال على حمل الذهب
- محافظ الذهب يُفترض أن تعامل مثل وحدات الأسهم والعقارات
- استغلال «كورونا» واضطرابات الأسواق في جذب الزبائن للملاذات الآمنة ولو لم تكن مرخصة

أسعار الذهب آخذةٌ في التحرك - هل أنت مستعد للتداول؟ ما الطريقة المثلى للاستثمار في الذهب؟ هل تود أن تبدأ التداول ولكن لست متأكداً من أين تبدأ؟ أسئلة عديدة انتشرت أخيراً على وسائل التواصل الاجتماعي، متبوعة بأجوبة مشوقة، وبأرقام ربحية تتكون دائماً من خانتين، تتقاطع جميعها على هدف واحد، وهو استقطاب أصحاب الأموال الخاملة الذين يبحثون عن فرص لاستثمارها في محافظ الذهب المنشأة من قبل المعلنين، أو التي يوصون بحمل وحداتها، مع التحذير تلميحاً أو تصريحاً من كنز الدولار والعملات، وضعف الطلب على العقارات والأسهم.

محللو الذهب

لكن المفارقة عند جميع متابعي هذه الحسابات، أنهم لا يجدون بين إعلانات الاستثمار في الذهب التي نشطت أخيراً بكثافة، ما يوضح ما إذا كان مروّجو هذا الاستثمار، والذين يعرّفون أنفسهم على أنهم محللين، مرخصون من هيئة أسواق المال، أو من أي جهة أخرى؟ وما إذا كانت محافظ الذهب نفسها التي ينصحون بالانضمام إليها استثمارياً تعمل تحت سقف رقابي أم من دون ذلك؟ من حيث المبدأ، يبدو أن هناك فراغاً رقابياً، قد يدفع مستثمري الذهب لعشوائية المخاطرة، فوزارة التجارة والصناعة مسؤولة فقط عن تجارة الذهب بيعاً وشراءً ورقابة على مطابقته للمعايير الفنية، وليس الاستثمار بوحداته، وبالنسبة لـ«هيئة الأسواق» لا يوجد وضوح فيما يتعلق برقابتها على سوق المشتقات وتحديداً العملات والذهب.

9 أسئلة تُجيب عنها «هيئة الأسواق» حول تقييم العقارات
إنشاء «أكاديمية أسواق المال»... مؤسسة مستقلة غير هادفة للربح

وتبرز أهمية الإضاءة رقابياً على الاستثمار الجماعي في وحدات محافظ الذهب غير المرخصة، في أنها تعيد إلى الذاكرة قصة النصب العقاري، حيث اكتسب «النصابون» في البداية وهجهم من خلال الإعلانات البراقة والكثيفة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تفتح دائماً للطامحين نوافذ الأرباح المغرية، التي تجاوزت لدى بعض الشركات والأفراد 50 في المئة، مقابل نحو 7 في المئة متأتية من الاستثمار العقاري المباشر.

أموال المساهمين

لكن، وبعد أن امتلأت هذه النوعية من المحافظ العقارية بأموال المساهمين، سرعان ما اكتشف الجميع، ومن بينهم الجهات الرقابية، أن هؤلاء المستثمرين منفلتون من أي عقال رقابي، رغم أن نشاطهم يندرج ضمن الاستثمار الجماعي الذي يتطلب الترخيص من «هيئة الأسواق» أو «التجارة»، على أساس أنها تتضمن قاعدة مساهمين. ونتيجة حتمية لغياب الرقابة توسع هؤلاء «النصابون» في أنشطتهم، بعد ما تمكن غالبيتهم من الهروب قضائياً بسهولة من التهم الموجهة إليهم، دون أن يردوا الأموال التي جمعوها من ضحاياهم.

ومن هنا تبرز مخاطر الاستثمار الجماعي في وحدات الذهب دون ترخيص من «هيئة الأسواق»، حيث تتكرر مخاطر النصب العقاري، مع التأكيد على أن ذلك لا يعني أن هذا القطاع غير آمن، أو لا يستحق الاستثمار فيه، بل يتعين تنظيمه لأهميته.

وما يعزز الحاجة الرقابية لذلك أن الاستثمار في محافظ الذهب يصنف على أنه استثمار جماعي مثله مثل استثمار محافظ وصناديق الأسهم والعقارات التي ترخص من قبل «هيئة الأسواق»، حيث يساعد ذلك في ضمان سلامة أنشطتها للمستثمرين القائمين والمحتملين، وفي عدم استخدامها منصة لتفريغ جيوب المساهمين، أو حتى في مخالفة تعليمات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

اضطراب استثماري

وببساطة ومن دون أي تعقيد، يُخشى من أن يستغل البعض تداعيات أزمة فيروس كورونا، والذي تشهد فيه أسواق المال والاقتصادات العالمية حالات اضطراب مستمرة، وانشغال أصحاب الثروات بمستقبل استثماراتهم والبحث عن استثمارات مريحة، باصطيادهم في استثمارات غير مؤمّنة رقابياً.

فالشهية المفتوحة للاستثمار دائماً تسهّل الإقناع بالتوصية الاستثمارية عموماً، خصوصاً إذا جاء الحديث من المروّج أو المحلل مقنعاً بأن الذهب يشكل استثماراً صاعداً يمكن المراهنة على مستقبله بكل ثقة، لتكون بذلك هذه الخطوة الأولى في مرحلة اصطياد الزبائن، لاسيما الباحثين عن الأرباح السريعة. وما يذكي تسويق الاستثمار في محافظ الذهب أنه مادة محدودة في العالم، ومع ارتفاع أعداد البشر يزيد الطلب عليه وبالتالي استمرار ارتفاع اسعاره، كما يمكن تجزئته عند بيعه، بينما الاستثمارات الأخرى من قبيل العقار لا يستطيع مستثمره تسييله بالغرفة، ما يزيد وهج الاستثمار في الذهب أكثر.

ونتيجة طبيعية لذلك تأتي الخطوة الثانية، وهي إثارة اهتمام الزبائن، حيث يفتح الحديث المتفائل عن مستقبل الاستثمار بالذهب وأرباحه المغرية التي يلوّح بها شهية شريحة واسعة من أصحاب الأموال، الباحثين عن فرص لامتصاصها بعوائد مناسبة، وتحديداً أصحاب الثروات وفي مقدمها المتوسطة، الذين يواجهون تحديات عدم الخبرة، أو قلة العائد، من الاستثمار في مثلث الأسواق التقليدي، والذي يتضمن الأسهم والعقار، والودائع التي تصل فوائدها بالوقت الحالي لـ2 في المئة فقط.

وأثناء ذلك تبرز الخطوة الثالثة والأخيرة، وهي دخول مرحلة الاستفسارات والاستفهامات حول كيفية الاستثمار في محافظ الذهب، وبدهياً يتطلب ذلك تواصلاً مع مروّجي ومحللي الذهب الذين تكررت أسماؤهم أخيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، وعند التواصل معهم يتم توجيه الزبائن المحتملين بتوصيات تدفع بضرورة الاستثمار في هذا القطاع، نظراً لمستقبله الاستثماري باعتباره من أكثر الملاذات أماناً، ليكون السؤال وقتها (وبأي محفظة تحديداً تنصحني أن أستثمر)؟ مروّجو المنصات وهنا تكون مهمة المروّج نجحت، حيث لن يجد صعوبة في اقناع الزبون بأن المحفظة (س) أو (ص) من أفضل الخيارات الاستثمارية أمامه، مع الدفع ببعض الأرقام غير الموثقة والرسوم البيانية التي تشرح للعميل قفزات الربحية التي حققتها هذه المحافظ، وتعداد أوجه الاستفادة التي لن تنحصر حسب التسويق فقط بارتفاع قيمة الاستثمار، بل وبأشكال عدة مثل توزيعات الأرباح التي تقدمها محفظة الذهب لمساهميها.

وفي حين يُعد الذهب من الملاذات الآمنة التي يمكن الاستثمار فيها، من قبل أصحاب رؤوس الأموال للحفاظ على ثرواتهم وقيمة أموالهم، ومن فوائده الحفاظ على الأموال من عوامل التضخم وارتفاع أسعار السلع الأخرى، مثل النفط، والدولار، وغيرهما، كما أنه يعتبر الاستثمار الأكثر استقراراً، إلا أن تطويره محلياً كاستثمار جماعي يتطلب أن يكون محمياً بتنظيمات رقابية، تشترط اقتصار العمل فيه على أصحاب الرخص، مثل محافظ الأسهم وكل الاستثمارات التي تشمل تعاقدات استثمارية على أوراق مالية.

«هيئة الأسواق» تدرس ترخيص المشتقات

كشفت مصادر مطلعة أن نقاشاً مفتوحاً حالياً في «هيئة الأسواق» يتعلق بإمكانية ترخيص جميع سلع المشتقات، بطريقة إجرائية تكون أكثر تحديداً.

وبينت أن الحديث في هذا الخصوص يرتكز حول ما إذا كان الاستثمار الجماعي عموماً يندرج ضمن نظام العقود الاستثمارية، ما يتطلب وضع حدود رقابية له، خصوصاً إذا تم اعتباره أوراقاً مالية.

وعلى سبيل الاستدلال، لو قرر مجموعة أصدقاء تجميع أموال بغرض شراء عقار، من غير المعلوم ما إذا كانوا بحاجة لترخيص، أم لا؟ بالطبع، تعليمات «هيئة الأسواق» عموماً تدفع بأن التداول بعقود السلع أياً كان نوعها يستوجب الترخيص، لكن الإشكالية في تبويب الاستثمار ما إذا كان تداول سلعة تباع بالكمية مثل الذهب والبخور أم عقداً استثمارياً للسلع نفسها.

حتى الفاشينيستات يحتاجون ترخيصاً

ما يستحق الإشارة إليه أنه ضمن التهم التي وجهتها النيابة العامة إلى بعض الفاشينيستات أخيراً على خلفية شبهات قيامهم بعمليات غسل أموال أنهم قدموا إعلانات تجارية على حساباتهم دون الحصول على ترخيص من الجهات المعنية، ويشمل ذلك وزارتي «التجارة» والإعلام، ما يؤسس لمبدأ أن أي إعلان تجاري يحتاج لترخيص وإلا يكون مخالفاً.

ومن ثم يُفترض أن يحتاج مروّجو ومحللو الذهب إلى الترخيص من الجهات الرقابية قبل حديثهم عن أي منتج استثماري، لكن على أرض الواقع هناك شريحة منهم لا تعمل بذلك، وتسوّق منتجات تجارية من دون ترخيص!

تاريخ الخبر: 2021-01-20 20:34:22
المصدر: الراي - الكويت
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 54%

آخر الأخبار حول العالم

إيران وروسيا توقعان مذكرة تفاهم أمنية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-25 03:22:09
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 60%

الإبراهيم: إستراتيجياتنا تحدث نقلة اقتصادية هيكلية - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-25 03:23:44
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 68%

اليمن ينتظر السلام - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-25 03:23:42
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 57%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية