تحت عنوان "الشجرة الهلامية"..رواية ولدت من وحي جائحة"كورونا" - الثقافة المغربية الأوروبية
تحت عنوان "الشجرة الهلامية"..رواية ولدت من وحي جائحة"كورونا" - الثقافة المغربية الأوروبية
حجزت جائحة كورونا مقعدا لها بين الناس دون الاستئذان منهم، فوجدوا أنفسهم مرغمين على قبول شروط استثنائية هناك من لم يعشها من قبل وهي التزام البيوت في ظروف أتت بشكل سريع لتفرض نفسها، لكن الحجر الإجباري رغم قساوته على نفسية الأشخاص إلا أن هناك من أخذه من زاويته الإيجابية واعتبره فرصة للرجوع إلى الذات التي سلبتها مشاغل الحياة اليومية دون إذن هي الأخرى.
*جائحة تعيدك إلى الذات
لجأ “عبد السلام بوطيب” الكاتب المغربي الذي تزاحمت عليه الأيام والليالي في ظل بقائه في منزله بباريس إلى القص عبر حواره مع الشجرة التي كانت مقابل نافذة شقته، التي أحيت فيه الطفولة التي لا تشيخ رغم تجاعيد الجسد، قرر الغوص في ذاكرته التي استدرجته إلى التدوين والكتابة، كتابة رواية تحاكي الشجرة التي تشبه أعماق النفس البشرية كما يقول الكاتب.
أبدع عبد السلام بوطيب في استحضار مونولوج داخلي يسمع من خلاله صوت الشجرة الذي لا يسمعه أحد غيره طيلة ال100 يوم التي عاشها في الحجر الباريسي كما أسماه، حيث كان يبحث فيها عن هويته الأمازيغية خارج دائرة النقاشات الرائجة.
*أمازيغية واعتزاز
قرر الكاتب من خلال روايته تخصيص جزء للحديث عن الهوية الأمازيغية التي يعتز بها من خلال طرح سؤال “دولوريس”عن الأمازيغية فيقول في فقرات روايته وهو: أهل بلدتي في الريف حينما يشكون بأحد يتظاهر بالدهشة، تكون إجابتهم حينئذ مليئة ويتوقفون عند كل حكمة وهم يتابعون عيون المندهش، نعم ، هي أصل …و فصل…وجنس…وعرق…وثقافة …وتقاليد وعادات أبناء شمال أفريقيا الأصليين، وهي منطقة تمتد غربا من جزر الكناري وجزر تكريت المعروفة اليوم بجزر الكناري.
*عالمي مليء بالأسرار
استطرد عبد السلام بوطيب حديثة عن عالمه الذي وصفه بـ المنغلق ولا يفتح بسهولة على الرغم من بساطته لكنه يبقى غامضا مبهما وهو بحاجة الى الجهود استثنائية وإلى المحفزات لفهمه والغوص في أعماقه وأقفاله مصنوعة بدقة لأن خزانته تحتوي على أسرار و خفايا وخبايا ومشاريع تكوينات بصرية وطموحات سياسية.
*ذكريات الأشجار الثلاث
حاول الكاتب من خلال حواره الداخلي مع نفسه موجها إلى الشجرة الهلامية كما أسماها والتي عبر عنها في عبارة يقول : هناك عبرة لها من بلاد الريف والمقصود ليس الجيلاتين، بل المادة الآيونية نسبة إلى اللغة اليونانية ، أي المادة غير قابلة للفناء، وهي لا شكل ولا لون لها وممتدة لا مكانيا ولا ق زمانيا، وتتلامع في ذاكرته سجن الماضي ورحابة الحاضر ، يقول يمكن للذاكرة أن تحول الانسان الى رهينة لها أو حتى ضحية، في حين أن الصفح والغفران والمقصود التسامح يحولها الى شيء ايجابي دون أن يعني ذلك النسيان لما حدث.