عُقدة المغرب... تكشف عمق الأزمة الجزائرية


ليست الحملة التي يشنّها النظام الجزائري على المغرب، ملكاً ومملكة وشعباً، سوى تعبير صارخ عن عمق الأزمة التي يعيش هذا النظام في ظلّها. ومنهاالعجز عن القيام بأيّ مراجعة تتسم بحد أدنى من الجرأة تتضمّن تقييماً موضوعياً للأسباب التي أوصلت الجزائر إلى الحال المزرية التي وجدت نفسها فيها.

لم يكن ينقص الجزائر في يوم من الأيّام ما كان يمكن أن يجعل منها دولة ناجحة منذ استقلّت في العام 1962 ومنذ الانقلاب العسكري في العام 1965، وهو الانقلاب الذي قاده هواري بومدين الذي خلق كلّ العقد الجزائرية المستمرّة إلى يومنا هذا، بما في ذلك عقدة المغرب.

المجتمع الرقمي
حاجة المواطن واستراتيجية الحكومة!

ما قد يفيد النظام الجزائري هو التصالح مع الجزائر والجزائريين أولاً بدل متابعة سياسة الهروب إلى الخارج تفادياً لمعالجة مشاكل الداخل.

لا ينفع الهروب الى الخارج في شيء بمقدار ما أنّه يؤكّد عمق الأزمة التي يعيش في ظلّها هذا النظام الذي يبحث في دفاتره القديمة لعلّه يجد فيها ما يجعله يلتقط أنفاسه. هذا ما يفسّر إطلاق المسؤول السابق للمخابرات العسكرية الجنرال محمد مدين (توفيق) من سجنه والسماح للجنرال خالد نزار، وزير الدفاع السابق، بالعودة من منفاه في إسبانيا ووقف كلّ الملاحقات في حقّه.

ينتمي الرجلان الى زمن آخر كان فيه تحميل الآخر مسؤولية الفشل الجزائري بمثابة مخرج لنظام يظنّ أن في الإمكان معالجة السرطان عن طريق أدوية متداولة لوجع لرأس لا يحتاج إلى وصفة طبيّة.

بعض الشجاعة ضروري بين حين وآخر. تعني الشجاعة بين ما تعنيه ان لا وجود لمشكلة للجزائر مع المغرب. كل ما هناك هو عدوان عن طريق افتعال قضيّة اسمها الصحراء. حسنا، ربح المغرب الحرب العسكرية والديبلوماسيّة التي تشنّها عليه الجزائر منذ العام 1975 عن طريق أداة اسمها جبهة «بوليساريو».

استطاع المغرب الحصول على اعتراف أميركي بمغربيّة الصحراء. مثل هذا الاعتراف تكريس لواقع كان أفضل من عبّر عنه الملك الراحل الحسن الثاني الذي قال يوماً: «لا نريد للعالم أن يعترف بمغربيّة الصحراء، فنحن في صحرائنا. بل نريد من العالم ان يعرف من هم الجيران الذين حشرنا الله بجانبهم».

كان يفترض في النظام الجزائري التمتّع بحدّ أدنى من الروح الرياضية في تعاطيه مع المغرب الذي عرف كيف يحقّق خطوات كبيرة الى أمام في مجال التنمية أو في مجال تكريس وحدته الترابيّة. كلّ ما قام به الملك محمّد السادس منذ 21 عاماً صبّ في مجال تحسين وضع المواطن المغربي وجعله أكثر تعلّقاً ببلده. لعلّ أكثر ما يخيف النظام الجزائري إعادة فتح الحدود مع المغرب وهي حدود مغلقة منذ العام 1994. لماذا يخشى ذلك على الرغم من كلّ الدعوات الى التعاون والتفاهم التي وجّهها محمّد السادس؟ السبب واضح. يعود السبب الى خوف النظام من مشاهدة الجزائريين ما تحقّق في المغرب، على الرغم من عدم امتلاكه أي ثروات طبيعية.

تكفي عودة الى الماضي القريب للتأكّد من أنّ الشعب الجزائري سيكون بالمرصاد. أوقف الشعب الجزائري تلك المهزلة التي كان عنوانها ترشيح الرجل المقعد عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة. اضطر بوتفليقة الى الاستقالة قبيل انتهاء ولايته الرابعة. من فرض الاستقالة كان الشعب الجزائري بعد حراك استمر أشهراً عدّة. قطف العسكر ثمار إسقاط بوتفليقة ووظفوه لمصلحتهم بعدما لعب أحمد قايد صالح، رئيس الأركان وقتذاك، الدور المطلوب منه.

آن أوان وضع نهاية لهذا التزوير للتاريخ وللاحداث خصوصا أن الجزائريين يستحقون نظاماً أفضل ومستقبلاً أفضل. يستحقون أوّل ما يستحقون أن يعود بلدهم بلداً طبيعياً تطرح فيه تساؤلات عن السبب الذي جعل الجزائر أسيرة الدخل من النفط والغاز طوال هذه السنين الطويلة. لماذا لم تطور اقتصادها لماذا كان هذا الفشل لكلّ «الثورات» التي قام بها النظام بدءاً بالتعريب وصولاً الى الزراعة، مروراً بالصناعة الثقيلة التي استثمر فيها مليارات الدولارات من دون أن يبذل جهد معرفة أين يمكن تصريف ما تنتجه المصانع الجزائرية.

ركّز النظام الجزائري منذ الاستقلال على أمور كثيرة باستثناء رفاه الجزائريين الذين يحقّ لهم التساؤل أين ذهبت أموال النفط والغاز ولماذا لم يجر تطوير أي ثروات أخرى مثل السياحة والصناعات الخفيفة مثلاً.

رفعت الجزائر الشعارات الكبيرة من نوع حق تقرير المصير للشعوب. لم تخدم الفلسطينيين في شيء، اللهمّ إلّا إذا كان إيواء جماعة «أبو نضال» الإرهابيّة في الجزائر، وهي جماعة قتلت أفضل الديبلوماسيين الفلسطينيين، مثل سعيد حمامي وعزّ الدين قلق ونعيم خضر وغيرهم، يعتبر إنجازاً بحد ذاته! تستحقّ الجزائر أفضل مما هو موجود، خصوصا أنّ الثروة الأفضل التي لم تستثمر فيها، هي ثروة الإنسان. معركة الجزائر في الداخل الجزائري وليست مع المغرب الذي كان أوّل من ساعد الجزائر وحاول دعم الاستقرار فيها، بكلّ أنواع المساعدات، لدى اندلاع الانتفاضة الشعبية في أكتوبر من العام 1988 في عهد الشاذلي بن جديد.

مرّة أخرى، آن أوان تخلّص النظام الجزائري من عقدة المغرب. لن يفيده العداء للمغرب في شيء. يكشف هذا العداء كم أنّ عقدة المغرب متجذّرة في بعض النفوس الجزائرية. إذا أخذنا تاريخ العلاقة بين البلدين، منذ كان عبد العزيز بوتفليقة وآخرون من المحيطين ببومدين في وجدة المغربيّة ابان حرب الاستقلال، يفرض المنطق قيام أفضل العلاقات بين البلدين. يفرض دعم المغرب للجزائريين ابان حرب الاستقلال أن تفرح الجزائر بتكريس مغربيّة الصحراء بدل أن يطلق النظام العنان لأبشع أنواع البذاءات.

تاريخ الخبر: 2021-02-16 19:34:36
المصدر: الراي - الكويت
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 55%
الأهمية: 60%

آخر الأخبار حول العالم

أفضل حوافز استثمارية.. 4 مزايا للرخصة الذهبية في مصر - أخبار مصر

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-25 09:20:52
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 56%

بسمة: المخرج يسري نصرالله أول من آمن بموهبتي - فن

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-25 09:20:54
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية