أن تلتئم 15 هيئة سياسية ومدنية وحقوقية لتأسيس جبهة موحدة للدفاع عن القضية الفلسطينية، ولرفض القرار الرسمي المغربي التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني، فهذا حدث كبير حقا يستدعي الوقوف عنده وقراءة أبعاده.
أول ما يسترعي الانتباه وينبغي التنويه به، تعدّد وتنوع الجهات التي انخرطت في تأسيس “الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع”، فإلقاء نظرة سريعة على لائحة الهيآت المؤسِّسة يضعنا أولا أمام العدد (15) وهو رقم مهم حقا، يكشف أن رفض قرار التطبيع ليس رأي أقلية بل هو قناعة العديد من هيئات المجتمع وفعالياته، كما أن استعراض أسماء التنظيمات المشاركة يجعلنا أمام تنوع في الاهتمامات بين السياسية والحقوقية والمدنية من جهة وتنوع في الإيديولوجيات والقناعات من جهة ثانية.
وفيما يلي لائحة الهيئات المؤسسة لـ”الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع”:
1. الحزب الاشتراكي الموحد
2. الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان
3. حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي
4. حزب النهج الديمقراطي
5. حزب المؤتمر الوطني الاتحادي
6. الكونفدرالية الديمقراطية للشغل
7. الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي
8. الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
9. العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان
10. حركة “ب د س” المغرب
11. الائتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان
12. الهيأة المغربية لنصرة قضايا الأمة
13. لجنة التضامن مع الشعب الفلسطيني بالبيضاء
14. الحملة المغربية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية، لإسرائيل
15. الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب.
ثاني ما يشد الأنظار أن هذه الخطوة التي جرى تنفيذها يوم الأحد 28 فبراير 2021، بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في الرباط، جاءت لتعطي عمقا أكبر للسياق الشعبي الرافض لقرار التطبيع الانفرادي، ولتشدّد على أن خطوة الدولة المغربية كانت معزولة شعبيا وخاطئة سياسيا، ولتؤكد أن سيل ما تم تنظيمه من وقفات واحتجاجات ومحاضرات ومناظرات ومواقف وبيانات وتعبيرات متنوعة ومختلفة تشكلُ حقيقةَ موقف الشعب المغربي إزاء أرض الإسراء والمعراج.
إن الإطلالة على الموقف الشعبي الحر، الذي استطاع التعبير عن نفسه رغم كل القيود والتضييق، ورغم التلبيس الذي جرى حين ألبس قرار التطبيع لبوس قضية الصحراء، ورغم كل البروباغندا الإعلامية والدعائية التي جرت، يكشف أننا إزاء موقف راسخ تجاه القضية الفلسطينية، وموقف ثابت من العدو الصهيوني، لا يمكن محوه بجرة قلم مرتجف، أو بقرار طائش في لحظة هوان، أو بحسابات صاغرة في زمن تخاذل.
ثالث ما يمكن قراءته من تأسيس “الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع” هو انكشاف وهم النظام السياسي المغربي؛ ففي الوقت الذي ظن أن القرار، وما أحيط به من “هالة رسمية” وما أعقبها من حملة إعلامية وسياسية كبيرة، يمكنه إسكات الأصوات وإلجام الأفواه، جاءت المواقف الشجاعة والآراء الحرة تترى. فحذر الأحرار الغيورون على المغرب وطنا وشعبا من الانخراط في مسلسل الخيانة (صفقة القرن) تصفية للقضية المقدسة في فلسطين وتطبيعا مع كيان احتلال قاتل، وعبروا بمختلف أساليب التعبير السلمية عن موقفهم الصريح القوي هذا، ووقفوا سدّا منيعا أمام المحاولة المكشوفة تبييض فعلة النظام الشنيعة، بل واحتشدوا في مبادرات رمزية وميدانية آخرها هذه الجبهة التي يتوقع أن يكون لها شأن قوي في إسقاط قرار التطبيع الساقط.