ضيّعت ثروات كبيرة وتعاني الإفلاس


نجوم معتزلة هوت بها الأقدار إلى واد سحيق
يعاني عدد من نجوم كرة القدم السابقين في صمت، جراء الأوضاع والظروف المعيشية المزرية التي ألمت بهم وبعائلاتهم، بسبب حالة الإفلاس المادي التي يعانون منها، بمجرد اعتزال كرة القدم، والابتعاد عن عالم الشهرة والأضواء.
وتعددت أسباب الوضعية الصعبة والأليمة، التي يمر بها عدد كبير من نجوم الرياضة السابقين، غير أن القاسم المشترك بينهم هو عدم التفكير في المستقبل خلال فترة نجوميتهم، أين كانوا يتقاضون رواتب ضخمة، غير أنها ذهبت في «مهب الريح»،  ما جعل مرحلة ما بعد اعتزال «الكرة» بائسة.
ورغم أن البعض من الفئة التي خصها هذا التقرير، فضلوا التعايش مع وضعيتهم الجديدة، وبحثوا عن امتهان أي شيء لتحصيل قوت يومهم، وتجاوز المرحلة الصعبة التي يعيشونها منذ الابتعاد عن عالم الساحرة المستديرة، في صورة الدولي السابق عمر بلباي، الذي أوقفت الإصابة الخطيرة مشواره الكروي، وجعلته يلجأ للعمل كسائق شاحنات في فرنسا، إلا أن آخرين لم يترددوا في طلب المساعدة عبر وسائل الإعلام المختلفة، على غرار ما حدث مع الثنائي الدولي السابق مراد فوضيلي ومحمد مسعود، اللذان بعثا بنداء استغاثة للقائمين على شؤون كرة القدم الجزائرية، بعد أن وجدوا أنفسهم يعانون، فمنهم من طلب الإعانة لمشاكل صحية وحاجته المستعجلة لعملية جراحية، وهناك من كان رجاؤه توفير منصب عمل يقيه وعائلته السؤال.
وأماطت التصريحات الأخيرة للهداف السابق لجمعية الشلف والبطولة الوطنية محمد مسعود، اللثام عن الواقع البائس للكثير من اللاعبين الذين لم يحسنوا تسيير مشوارهم الكروي، فرغم أنهم قبضوا ونالوا الملايير، إلا أن نهايتهم كانت مؤسفة بعد اعتزال الميادين.
وارتأت النصر، أن ترصد في هذا الملف أبرز نجوم الكرة الذين خسروا أموالهم قبل وبعد اعتزالهم اللعب، حيث تعددت الأسباب التي أدت بهم إلى هذا الحال الصعب والمزري، فهناك من فشل في تسيير مشواره أخلاقيا وانضباطيا، ما انعكس بالسلب على مستقبله وحياته الشخصية، وهناك من أهدر الأموال التي كان يتقاضاها.
ويعيش بعض النجوم السابقين، ممن رسموا البسمة على وجوه الجماهير المحبة لكرة القدم، في نهاية التسعينيات وبداية الألفين وضعا صعبا، فيما عبر آخرون على ندمهم الشديد على الأخطاء الجسيمة التي ارتكبوها، حينما كانوا في أوّج عطائهم مع أنديتهم أو المنتخب الوطني، والأكثر من هذا، فإن الكثير منهم قد صرح مؤخرا عن أخطائه وانحرافاته علنيا عبر الجرائد والقنوات التلفزيونية، على غرار المهاجم حميد مراكشي والحارس عبدوني وعلي مصابيح والقائمة طويلة.
وكان بمقدور البعض من اللاعبين الذين أدار لهم الحظ ظهره، بسبب «طيش الصغر» أو ظروف معاكسة أو مرض لحق بهم بشكل مفاجئ، الذهاب بعيدا في أعلى مستويات الاحتراف، إلا أنهم ضيّعوا هذا المكسب، بسبب عديد المعطيات السالفة الذكر أو بداعي بعض التصرفات  ، وحتى أن هناك بعض المواهب ضيّعت فرصا كبيرة للاحتراف، بسبب عديد الأساليب الخاطئة، فيما يعاني البعض من ذهنية «الهاوي»، رغم إمكاناتهم الفنية الكبيرة، وهو ما ذهب إليه الناخب الوطني جمال بلماضي، الذي انتقد يوسف بلايلي الذي لم يحسن حسب قوله وجهته الكروية المناسبة، من أجل مواصلة التألق والتميز.
هدّاف البطولة لم يستطع اقتناء الأدوات المدرسية لأبنائه!
وعلى رأس الأسماء التي تعيش أوضاعا مزرية، جراء إهدار الأموال في فترة العطاء، هداف البطولة الوطنية السابق محمد مسعود، الذي صدم الجميع في آخر ظهور إعلامي له، حينما أكد بأنه يتخبط في شبح البطالة ولا يملك قوته اليومي، مضيفا بأنه لم يستطع اقتناء الأدوات المدرسية لأبنائه، تزامنا مع الدخول المدرسي، وهو ما خلف العديد من ردود الأفعال حول الأسباب التي أدت بهذا النجم الكبير لهذا الوضع المؤسف، وهو الذي كان يتقاضى في بداية 2010 ، أكبر الرواتب في الرابطة المحترفة الأولى، بسبب المستوى الكبير الذي كان يتمتع به.
الهداف التاريخي للبطولة منذ ولوج عالم الاحتراف، صنع الحدث بتصريحاته الصادمة، عند نزوله ضيفا على إحدى القنوات الخاصة قبل شهرين من الآن، أين لقي تعاطفا كبيرا من محبي كرة القدم، خاصة عندما قال بأنه بصدد البحث منذ فترة، عن عمل يُعيل به أسرته، ولو كعون أمن في إحدى المؤسسات، إلا أن مسعاه قوبل بالرفض مرات كثيرة، وحتى بعض الوعود ذهبت أدراج الرياح، على حد قوله، وأردف هداف الرابطة المحترفة سابقا مع «الجوارح»، بأنه يدين بأموال ضخمة لإدارة فريقيه السابقين أولمبي الشلف وشبيبة تيارت، لم يكشف عن قيمتها، ولم يتحصل عليها إلى يومنا هذا، لأسباب قال إنه لم يفهمها إطلاقا.
وعبر المتحدث ذاته عن استيائه الكبير، لعدم حصوله على المكافأة المالية الخاصة بالتأهل إلى مونديال جنوب إفريقيا سنة 2010، بما أنه كان رفقة القائمة الموسعة للمنتخب الوطني آنذاك، وقال مسعود إنه الوحيد الذي لم يقبض مبلغ المكافأة، من بين جميع زملائه الذين كانوا في القائمة الموسعة.
وتأتي تصريحات الدولي السابق لتثير الكثير من الجدل، بخصوص الأسباب التي أدت ببعض نجوم الرياضة السابقين لهذا الوضع المؤسف والمزري، سيما وأن محمد مسعود تقاضى على مدار المواسم التي حمل فيها ألوان شبيبة تيارت وجمعية الشلف واتحاد عنابة وشباب بلوزداد ومولودية وهران، أموالا ضخمة يبدو أنه لم يدخر منها شيئا لفترة ما بعد الاعتزال.
المرض ضاعف معاناة فوضيلي
كان المرض والوضع الصحي الصعب، قد دفع بعض نجوم الكرة السابقين لطلب المساعدة علنا عبر مختلف وسائل الإعلام، خاصة وأن أوضاعهم المادية سيئة للغاية، وجُل هذه الأسماء تعاني الإفلاس، رغم ما كانوا يتقاضونه من رواتب مرتفعة، خلال فترة تواجدهم بالميادين، ومن بين الأسماء التي دفعها المرض لطلب الاستغاثة الدولي السابق مراد فوضيلي.
وصنع فوضيلي الدولي السابق ومدلل «الحراكتة» و»السنافر» و»الشناوة» أفراح العديد من النوادي الجزائرية وحمل قميص الخضر، قبل أن يجد نفسه في وضع معيشي مزري، بعد اعتزال كرة القدم، حيث لم يقو على مجابهة المرض الذي ألم به، خاصة مع صعوبة توفير المبلغ الذي يسمح له بإجراء عملية جراحية مستعجلة لزراعة الكبد.
ويعاني فوضيلي منذ 2015، ما جعله يناشد السلطات الرسمية، بضرورة مد يد العون له، و قال في تصريحات سابقة للنصر: « أعاني في صمت، وبحاجة إلى عملية جراحية مستعجلة، ولكن لا حياة لمن تنادي، هذه هي كرة القدم، فلما تكون لاعبا الجميع يحترمك ويسعى للتقرب منك، وعندما تعتزل تتحول إلى نكرة، ولا أحد يهتم لحالك، حتى ولو كنت تحتاج المساعدة».
وقدم رئيس الاتحادية الجزائرية خير الدين زطشي سابقا مبلغا من ماله الخاص (10 ملايين سنتيم) لمراد فوضيلي خلال اليوم التضامني، الذي نظمه قدماء مولودية الجزائر.
ويحتاج فوضيلي لعملية جراحية لزراعة الكبد تصل تكلفتها إلى نحو 150 ألف دولار أي ما يعادل 1.5 مليار سنتيم، حيث لم ينجح الأخير في تجميع هذا المبلغ، رغم نداءاته المتكررة عبر «بلاطوهات» التلفزيون وصفحات الجرائد.
مصابيح يحلم بمنصب شغل يقتات منه !
نجم آخر يعاني في صمت منذ عدة سنوات، جراء أوضاعه المادية المزرية، والتي جعلته يطلب المساعدة علنا، ويتعلق الأمر بالدولي السابق علي مصابيح، الذي قدم الكثير لكرة القدم الجزائرية، سواء مع الأندية التي حمل ألوانها، أو المنتخب الوطني الذي بصم معه على مشوار طيب، بدليل الأهداف التي سجلها، لعل أبرزها مقصيته الرائعة في مرمى منتخب الفراعنة بتاريخ 11 مارس 2001، لحساب تصفيات مونديال كوريا الجنوبية واليابان الذي أقيم سنة 2002.
مصابيح الذي صنع أفراح فريق مولودية وهران في التسعينيات، تعرض لموقف صعب ومُحرج، بعد أن دخل

 السجن، أين خسر كافة أمواله، إلى درجة جعلته في وضع جد مؤسف مؤخرا، إذ بات يحلم بمنصب عمل فقط يقتات منه.
وكانت ودادية اللاعبين القدامى، قد نظمت بولاية وهران حفلا على شرف المهاجم مصابيح، بعد مغادرته السجن، من أجل مساعدته، وهو الذي لم يجد ما يُعيل به عائلته، وقال مصابيح في هذا الخصوص بأنه يشكر كل من فكر به، مضيفا:» وضعي المادي صعب للغاية، وأنا بحاجة لمنصب شغل لكي أقتات منه، وأتجاوز كل المشاكل التي اعترضتني، لقد دخلت في أزمة، والحمد لله خرجت منها، وأنا الآن أقطن بولاية وهران، بفضل مساعدة بعض الأصدقاء والأحباء، ولا أريد العودة إلى حمام بوحجر، حتى لا يتكرر معي نفس المشهد».
وتأتي تصريحات مصابيح الذي عُرف ببساطته، لتؤكد الوضع الأليم الذي بات يعيشه عديد النجوم السابقين، سيما أولئك الذين لم يفكروا في المستقبل، بعد الاعتزال، فالدولي السابق أصبح يحلم بوظيفة بسيطة فقط تُجنبه طلب الحاجة، بعد أن كان ينال الملايير في فترة سابقة، غير أنه أنفقها دون رقيب أو حسيب.
دوليون سابقون «يكافحون» وراء البحار  
لم تقتصر الأوضاع المعيشية الصعبة والمزرية على لاعبي البطولة المحلية فقط، فحتى بعض المغتربين، ممن دافعوا عن ألوان المنتخب الوطني في فترات سابقة يتخبطون في ذات المشاكل المادية التي عكّرت صفو حياتهم، يتقدمهم متوسط ميدان نادي نيم الأسبق عمر بلباي، الذي وجد نفسه مرغما على العمل كسائق شاحنة بفرنسا، بعد أن أجبرته الإصابة اللعينة التي تعرض لها مع الخضر في نهائيات «كان» مالي للاعتزال المبكر، كما يكافح زميله السابق معمر ماموني لتوفير قوت يومه في فرنسا، واضطر للعمل كبائع في متجر للألبسة الرياضية.
بالمقابل، علمت جريدة النصر، بأن نجم خط الوسط الأسبق نصر الدين كراوش يعيش وضعية أليمة، بعد أن خسر كافة أمواله التي ربحها من تجاربه الاحترافية الكثيرة وخاصة في الدوري البلجيكي.
يأتي هذا، في الوقت الذي صدمت الصور الأخيرة للمهاجم الدولي الأسبق محمد شعلالي، عبر مواقع التواصل الاجتماعي محبي كرة القدم الجزائرية، بعد أن شوهد الأخير يبيع الخضر والفواكه في إحدى الأسواق بالعاصمة الفرنسية باريس، ويلعب شعلالي مع فريق نوازي لوسيك في قسم الهواة بفرنسا، وقد أكدت مصادرنا، بأنه اضطر لبيع الخضار من أجل تحسين دخله ووضعه المادي.
وكان قائد المنتخب الأولمبي الأسبق مرشحا ليكون من أبرز نجوم الخضر، حيث لعب في فرق محترمة ومعروفة، على غرار لوهافر وشاتورو وإبردين وخاض تجارب في البطولة المحلية مع وفاق سطيف وشبيبة بجاية، قبل العودة من جديد إلى فرنسا.  
«المعاناة» طالت رياضات أخرى
و لم يطل الإفلاس وشبح البطالة لاعبي كرة القدم فحسب، بل امتد إلى باقي الرياضات الأخرى، حيث فجر البطل الأولمبي السابق في رياضة الجودو عمار بن يخلف مفاجأة من العيار الثقيل الأسبوع الماضي، عندما أعلن عن رغبته في اعتزال التدريب والخروج نهائيا من عالم الرياضة، بسبب تعرضه لما أسماه بالإقصاء والتهميش، رغم الألقاب العديدة التي منحها للجزائر.
ويعد بن يخلف من أبرز أبطال الرياضة الجزائرية، وتُوّج بفضية أولمبياد «بكين 2008» في فئة 90 كلغ لرياضة الجودو، كما نال العديد من الألقاب الإفريقية والعربية في فئته، والتي سيطر عليها لسنوات، كما عمل مدربا للمنتخب الوطني للجودو.
ونشر المصارع الجزائري فيديو، تم تداوله على نطاق واسع  أشار فيه   أنه قرر التفرغ لبيع الفواكه لكسب قوت عيشه، لأن الرياضة لا توفر له ظروف العيش الكريم.
سمير. ك

تاريخ الخبر: 2021-03-02 14:26:19
المصدر: جريدة النصر - الجزائر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية