الصين .. ضوابط جديدة تضع آنت تحت رحمة البنوك


منذ أعوام ومجموعة آنت التابعة لجاك ما تنافس، وتقوض، وتهين البنوك الصينية الكبيرة المملوكة للدولة. الآن، قلبت الأجهزة المنظمة الوضع على مجموعة التكنولوجيا المالية بعد إجبارها على سحب طرح عام أولي قياسي بقيمة 37 مليار دولار في تشرين الثاني (نوفمبر).
حاليا، تستهدف بكين العلاقة التكافلية التي غيرت النظام المالي الصيني من خلال مطابقة القروض من البنوك الإقليمية الصغيرة مع 500 مليون مقترض عبر تطبيق علي باي التابع لآنت، أكبر منصة مدفوعات في البلاد.
بموجب قواعد جديدة يبدأ سريانها اعتبارا من كانون الثاني (يناير) المقبل، يتعين على آنت الحد من أعمالها مع المقرضين الإقليميين لمصلحة البنوك الكبيرة المملوكة للدولة، التي سخر منها جاك ما، حين وصفها بإنها تمتلك عقلية "متجر رهونات" في خطاب ألقاه في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. اختفى صاحب المشاريع والمليارات إلى حد كبير عن الرأي العام منذ أن أدلى بهذا التعليق الذي جاء في إطار نزاع سلط الضوء على التوترات المتزايدة بين الدولة والقطاع الخاص في الصين.
وفقا لعدد من المصادر المطلعة، جاءت خطوة قص أجنحة آنت بعدما تبين حجم ونطاق نشاط الشركة في مجال الإقراض، الذي فاجأ الأجهزة المنظمة حين تم الكشف عنه من خلال عرض الاكتتاب العام الأولي.
قال مصرفي صيني يقدم المشورة للحكومة بشأن قضايا السياسة المالية: "فوجئت الأجهزة المنظمة بأن شركة آنت كانت ستتمتع برسملة سوقية أكبر من أكبر البنوك المملوكة للدولة في الصين. عندما تم تسعير الاكتتاب العام، نظروا إليه وقالوا: ’ماذا؟ هذا الشيء أكبر من جيه بي مورجان‘".
كانت آنت مسؤولة عن ترتيب نحو عشر القروض الاستهلاكية في الصين العام الماضي عبر اثنين من المنتجات المالية: هوباي، وهو مشابه لبطاقة الائتمان، وجيباي التي تقدم قروضا صغيرة غير مضمونة من خلال علي باي. بلغ إجمالي القروض المستحقة لشركة آنت نحو 2.2 تريليون رنمينبي (340 مليار دولار) حتى 30 حزيران (يونيو) الماضي. 
تم ضمان نحو 90 في المائة من الإقراض من قبل شبكة من 100 بنك شريك، كان كثير منها مقرضين إقليميين أصغر حجما يقدمون أسعارا تنافسية مقابل الوصول إلى قاعدة عملاء آنت الواسعة والانتشار الوطني.
تنص القواعد الجديدة على أن الإقراض المشترك الذي يتم عبر الإنترنت لا يمكن أن يمثل أكثر من نصف إجمالي دفتر القروض لأي بنك، ولا يمكن أن يتجاوز الإقراض من خلال أي منصة واحدة للتكنولوجيا المالية 25 في المائة من رأس المال الأساسي للبنك.
سيؤدي هذا حتما إلى أن تضطر آنت إلى العمل بشكل وثيق مع أكبر البنوك في البلاد لتوسيع أعمال الإقراض الخاصة بها، حيث تمتلك أكبر عشرة بنوك في الصين 64 في المائة من 20 تريليون رنمينبي تمثل إجمالي رأس المال من الطبقة الأولى، وفقا لبيرنشتاين. 
قال كيفين كويك، وهو محلل لدى بيرنشتاين: "بما أن كل لاعب، خاصة اللاعبين الأصغر، يمكنه أن يفعل أقل من ذلك، فإن على آنت أن تفعل المزيد مع البنوك الأكبر ذات الميزانيات العمومية الكبيرة". أضاف: "سيؤدي هذا إلى إضعاف موقف آنت التفاوضي معهم".
خفضت برنشتاين تقديراتها لقيمة آنت من 310 مليارات دولار بسعر الاكتتاب العام المفترض، إلى 230 مليار دولار وقالت إنها قد تنخفض أكثر. بحسب كويك: "الأنموذج لم ينكسر تماما، لكن النمو سينخفض قليلا".
أدخلت القواعد أيضا قيودا إقليمية، لذلك لن يتمكن بنك في بكين بعد الآن من تقديم قروض علي باي للمستهلكين في شنغهاي.
قال زياوكسي تشانج، المحلل المالي في جافيكال دراجونومكس، وهي شركة أبحاث: "لدى آنت أكثر من 100 شريك مالي لكن الصين لديها فقط نحو 20 بنكا وطنيا (...) القواعد الجديدة بشأن الإقراض عبر المناطق ستضر آنت كثيرا".
مثلا، زاد بنك تيانجين من دفتر قروض المستهلكين نحو 800 في المائة في 2018 بعد أن وقع صفقات مع آنت ومنصات أخرى للتكنولوجيا المالية. وقدم بنك شيزويشان، في منطقة نينجشيا شمال غرب الصين، قروضا بقيمة 20 مليار رنمينبي من خلال علي باي على مدى 18 شهرا حتى تشرين الأول (أكتوبر)، وفقا لوسائل الإعلام الحكومية.
قال أحد المقرضين في هانجتشو إن إقراض علي باي كان جيدا جدا للأعمال لدرجة أن الشركة كانت حريصة جدا خلال المفاوضات مع آنت خوفا من انسحاب المجموعة.
قال محللون إنه للمساعدة على تمويل فورة الإقراض، عرضت البنوك الإقليمية أسعارا جذابة لمنتجات الودائع على منصات مثل علي باي. في 15 كانون الثاني (يناير)، منعت الأجهزة المنظمة البنوك من تقديم حسابات إيداع على منصات تابعة لطرف ثالث على الإنترنت.
قال جاكي زو، وهو محلل في بنك الاستثمار "تشاينا رينيسانس": "أدى ذلك إلى قطع قناة التمويل القوية التي قد تستخدم في تمويل الإقراض المشترك مع منصات التكنولوجيا المالية. الاتجاه هو أن البنوك الأصغر تتراجع عن هذا النوع من التعاون".
ستجبر القواعد البنوك على أن تقوم بنفسها بإكمال تقييمات الائتمان للمقترضين المحتملين، بدلا من الاعتماد على آنت.
لكن تشن لونج، وهو شريك لدى شركة بلينوم للاستشارات ـ مقرها بكين، قال إن معظم البنوك تعاملت بشكل أساسي في الرهون العقارية وقروض الشركات، وهي أوضاع تكون فيها لدى المقترضين ضمانات.
أضاف أن "البنوك ليست لديها الخبرة، وليست لديها البيانات" لتقييم مخاطر القروض الاستهلاكية. "سيتعين على البنوك أن تجد طريقة أخرى للالتفاف على هذا القانون التنظيمي".
تشارك آنت بعض بيانات المقترض مع البنوك ولكن قد تضطر إلى تسليم المزيد للحفاظ على شراكاتها، على الرغم من أن هذا قد لا يكون كافيا.
قال لينجاو باو من ترايفيوم تشاينا، وهي شركة أبحاث: "حتى لو سلمت آنت البيانات، ستجد البنوك صعوبة في إنشاء أنظمة إدارة مخاطر متطورة مدعومة بخوارزميات الذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تضاهي خوارزميات آنت. البنوك الصغيرة لن تعرف حتى ماذا تفعل بكل هذه البيانات".
كان المنظمون الصينيون منزعجين بشكل خاص لأن آنت حصلت على رسوم على القروض التي دفعتها للمستخدمين دون الاضطرار إلى تحمل مخاطر الائتمان.
تنص القواعد الجديدة على أن المقرضين عبر الإنترنت سيضطرون إلى التمويل الذاتي بنسبة 30 في المائة من كل قرض يقدمونه مع البنوك. ومن غير الواضح في أي جزء من أعمال الإقراض الخاصة بشركة آنت سيؤثر ذلك.
لكن التطبيق الموسع للقاعدة من شأنه أن يحول آنت من شركة تكنولوجيا خفيفة الأصول إلى شركة ذات رأسمال ثقيل أقرب إلى البنوك. أشارت بيرنشتاين إلى أن التحول إلى الإقراض من الميزانية العمومية من شأنه في الواقع أن يحسن ربحية آنت، لأن الشركة ستكسب دخل الفوائد، لكنه سيقلل أيضا من عائدها على رأس المال. قالت: "عدم كونك أنموذجا يقوم على الأصول الخفيفة يعني أن المستثمرين سيعاقبون السهم من خلال مضاعفات أضعف".
على الرغم من أن آنت توصلت إلى صفقة إعادة هيكلة مع المنظمين الصينيين، إلا أن إعادة تنظيم أعمالها شركة قابضة مالية ستضعها مباشرة تحت سيطرة البنك المركزي. وفي كانون الثاني (يناير) الماضي اتخذ بنك الصين الشعبي خطوة غير عادية بإصداره مسودة قواعد تسمح له بالمطالبة بتفكيك شركات المدفوعات مثل آنت على أسس مكافحة الاحتكار.

 

تاريخ الخبر: 2021-03-06 22:23:35
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 43%
الأهمية: 42%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية