محللون: المعروض النفطي يواجه ضغوطا انكماشية .. قرارات «أوبك+» تعزز مكاسب الأسواق


توقع مختصون ومحللون نفطيون، استمرار المكاسب السعرية خلال الأسبوع الجاري بعد مكاسب قياسية للنفط الخام في ختام الأسبوع الماضي، بلغت 5.2 في المائة، لخام برنت و7.4 في المائة، للخام الأمريكي، وذلك على أثر قرار وزراء مجموعة أوبك+ الخميس الماضي بتثبيت مستوى الإنتاج على الرغم من ارتفاع الأسعار، وتمديد السعودية تخفيضاتها الطوعية البالغة مليون برميل يوميا لشهر إضافي على مدى نيسان (أبريل) المقبل.
وقالوا: إن استشعار "أوبك+" أن السوق ما زالت هشة جعلها تكون حذرة للغاية، وتفضل تثبيت الإنتاج عن العودة إلى الزيادات التدريجية، ما قفز بأسعار النفط الخام على نحو واسع واقترب خام برنت من مستوى 70 دولارا للبرميل.
وأوضح محللون لـ"الاقتصادية"، أن عدة عوامل أسهمت في توسيع مكاسب السوق النفطية، أبرزها انتشار اللقاحات الجديدة لوباء كورونا وصدور مؤشرات عن تعاف جيد في مستوى الطلب العالمي على النفط الخام والوقود، إضافة إلى تعثر واضح في عودة الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري إلى مستوياته القياسية، التي سجلها سابقا على الرغم من المكاسب السعرية.
وذكروا أن "أوبك+" ومنذ اعتماد آلية الاجتماع بشكل شهري تؤكد للسوق أن سياسات الإنتاج قابلة للتعديل، حسب المستجدات، ولذا يراهن كثيرون على أن كبار المستوردين مثل الصين والهند لن يكونوا سعداء بالأسعار المرتفعة، ولذا من المرجح أن يغير تحالف "أوبك+" مساره في اجتماعه المقبل، وذلك في إطار حرصه على الحفاظ على الشراكة والتفاهمات المستمرة بين المنتجين والمستهلكين.
ولفتوا إلى أن العرض يواجه ضغوطا انكماشية إضافية تصب في مصلحة توسعة المكاسب ومنها على سبيل المثال أن منتجي الرمال النفطية الرئيسين في غرب كندا سيتوقفون عن إنتاج نصف مليون برميل يوميا في الشهر المقبل، ما يساعد على تقليص الإمدادات العالمية مع ارتفاع أسعار النفط.
وفي هذا الإطار، يقول لـ"الاقتصادية"روس كيندي، العضو المنتدب لشركة "كيو إتش أي" الدولية للطاقة، إن قرار "أوبك+" المفاجئ جعل التوقعات تصب في مصلحة مكاسب قياسية للأسعار تجعل خام برنت ربما أكثر من 70 إلى 75 دولارا للبرميل خلال فترة وجيزة، مشيرا إلى أن "أوبك+" على قناعة بأن الوقت المناسب لتخفيف قيود العرض لم يأت بعد حتى مع تعافي الاقتصاد العالمي تدريجيا من الركود الناجم عن الوباء.
وأوضح أن تأثير القرار ظهر على الفور في رفع عديد من البنوك لمستوى توقعاتها لأسعار النفط الخام خلال الربعين الأول والثاني من العام الجاري، خاصة بعد قرار السعودية تمديد التخفيضات الطوعية المؤثرة وقدرها مليون برميل يوميا لشهر إضافي، بينما على جانب الطلب نجد اللقاحات الجديدة أسهمت في إنعاش الطلب، واستنزاف المخزونات على نحو واسع.
ومن جانبه، يقول لـ"الاقتصادية"، دامير تسبرات، مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية، إن السعودية و"أوبك" أكدا مرارا عدم استهداف الأسعار على الرغم من المكاسب القياسية الراهنة، وأن هدفهم هو توازن السوق، وهو ما لم يتحقق بعد بشكل مستدام، علاوة على هشاشة الوضع في صناعة النفط نتيجة استمرار الإغلاق، وظهور السلالات الجديدة من الوباء الأسرع في الانتشار.
وأضاف أن تمديد القيود على العرض سيؤدي إلى استمرار المكاسب، وتسارع وتيرة استعادة التوازن، ويساعد على ذلك استمرار تعثر المنتجين الأمريكيين، الذين لم يتعافوا بشكل كامل من تأثير الطقس السيئ، مشيرا إلى أن فرصة أن يؤدي الارتفاع في الأسعار إلى تحفيز نشاط التنقيب من قبل مستكشفي النفط الصخري في الولايات المتحدة ما زالت محدودة بسبب مشكلات التمويل وسياسات المناخ، التي تشدد عليها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
ويرى، بيتر باخر، المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة، أن مفاجأة "أوبك+" جاءت في وقت دقيق اقتنع فيه قطاع كبير من المتعاملين مع السوق بضرورة زيادة الإنتاج، حتى إن البعض رجح احتمالية إضافة نحو 1.5 مليون برميل يوميا إلى المعروض النفطي، ولكن التوقعات تبدلت بعد اجتماع الخميس، الذي اكتفى بمنح إعفاءات محدودة من قيود الإنتاج لكل من روسيا وكازاخستان لأسباب موسمية.
وأشار إلى أن النظر في زيادات جديدة ما زال مؤجلا بسبب تضارب تقييمات السوق ورغبة من "أوبك+" في استكمال استنزاف فائض المخزونات متوقعا أن يكون الاجتماع القادم للمجموعة في الأول من نيسان (أبريل) لمناقشة مستويات الإنتاج لآيار (مايو) أكثر حسما لزيادة الإنتاج خاصة إذا قفزت الأسعار إلى مستويات شديدة الارتفاع وتثقل كاهل المستهلكين على نحو واسع، وهو ما أثارته الهند بالفعل أخيرا.
وتضيف أرفي ناهار، مختص شؤون النفط والغاز في شركة "أفريكان ليدرشيب" الدولية، أن المكاسب ستكون سمة مهيمنة خلال الأسبوع الجاري في رد فعل على قرار مجموعة "أوبك+" بتثبيت الإنتاج، مشيرة إلى أن المنافسة بين "أوبك+" والمنتجين الأمريكيين تراجعت بالفعل على نحو واسع، وهناك حالة من الثقة لدى المجموعة ببقاء النفط الصخري الأمريكي ضعيفا في الوقت الحالي على أقل تقدير.
وأشارت إلى أن التوقعات المتفائلة بخصوص الأسعار تهيمن على السوق، وهو ما ظهر في تقييم عديد من البنوك والشركات، لافتة إلى توقع مجموعة "سيتي جروب" أن أسعار الخام قد تتجاوز 70 دولارا قبل نهاية هذا الشهر مرجحة أن هذه المكاسب ستدفع بعض الأعضاء في المجموعة في اجتماع أول نيسان (أبريل) المقبل إلى الإصرار على الرغبة في ضخ مزيد من الإمدادات لتخفيف الضغط على اقتصاداتها.
ومن ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، قفزت أسعار النفط نحو 3 في المائة، يوم الجمعة لتبلغ أعلى مستوى في أكثر من عام، وذلك بعد تقرير أقوى من المتوقع للوظائف في الولايات المتحدة وقرار "أوبك" وحلفائها عدم زيادة الإمدادات في نيسان (أبريل).
وزادت العقود الآجلة لخام برنت 2.62 دولار، بما يعادل 3.9 في المائة، ليصل سعر التسوية إلى 69.39 دولار للبرميل.
وكان أعلى سعر في الجلسة لخام القياس العالمي هو الأعلى على الإطلاق منذ كانون الثاني (يناير) 2020. وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 2.26 دولار، أو 3.5 في المائة، لتجري تسويته عند 66.09 دولار للبرميل. وعلى أساس أسبوعي، صعد برنت 5.2 في المائة، مواصلا الزيادة للأسبوع السابع على التوالي، وذلك للمرة الأولى منذ كانون الأول (ديسمبر)، في حين ربح غرب تكساس الوسيط 7.4 في المائة، بعد ارتفاعه بنحو 4 في المائة، الأسبوع الماضي.
وارتفع الخامان القياسيان أكثر من 4 في المائة، الخميس بعد أن مددت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء، المجموعة المعروفة باسم "أوبك+"، تخفيضات إنتاج النفط إلى نيسان (أبريل)، ومنحوا استثناءات محدودة لروسيا وكازاخستان. وفوجئ المستثمرون بأن السعودية قررت الإبقاء على خفضها الطوعي البالغ مليون برميل يوميا خلال نيسان (أبريل) حتى بعد أن ارتفعت أسعار النفط على مدى الشهرين الفائتين بدعم من حملات التحصين من كوفيد - 19 في أنحاء العالم. وراجع بعض المحللين توقعاتهم للأسعار بالزيادة بعد قرار "أوبك+".
ورفع جولدمان ساكس توقعه لسعر برنت خمسة دولارات إلى 75 دولارا للبرميل في الربع الثاني و80 دولارا للبرميل في الربع الثالث من العام الجاري، بينما زاد "يو.بي.إس" توقعه لبرنت إلى 75 دولارا للبرميل ولخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي إلى 72 دولارا للبرميل في النصف الثاني من 2021.
وإضافة إلى ذلك، تلقت السوق دفعة بعد تقرير أظهر أن الاقتصاد الأمريكي أوجد وظائف أكثر من المتوقع في شباط (فبراير)، كما شجع تعافي أسعار النفط إلى مستويات ما قبل الجائحة شركات النفط في الولايات المتحدة على العودة لزيادة النشاط، فقد أفادت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة بأن عدد حفارات النفط العاملة زاد واحدة هذا الأسبوع بعد ستة أسابيع متتالية من الزيادة.
تاريخ الخبر: 2021-03-07 22:23:31
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 31%
الأهمية: 44%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية