«حمدوك» والحديث عن «حلايب» من العاصمة المصرية .. توجه سياسي جديد لحكومة الثورة


اعتبر مراقبون ان حديث رئيس الوزراء السوداني في العاصمة المصرية بمثابة توجه سياسي جديد لحكومة الثورة تجاه قضية حلايب وشلاتين.

التغيير: الخرطوم: الفاضل إبراهيم

شكلت التصريحات الاخيرة لرئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، بالقاهرة حول سودانية حلايب مفاجأة للمتابعين خاصة الجانب المصري لجهة انه أول مسؤول سوداني يصرح بسودانية حلايب صراحة في قلب القاهرة، بعد أن اتسمت التصريحات في الحقبة الماضية بالمجاملة السياسية، ورغم أن حديث حمدوك، كان في مناسبة غير رسمية خلال ندوة بمركز الأهرام الا انه لفت الأنظار مجددا للقضية واعتبرها البعض بمثابة توجه سياسي جديد لحكومة الثورة تجاه قضية حلايب وشلاتين.

قضية يحسمها القانون

يقول رئيس المفوضية القومية للحدود بالسودان معاذ تنقو، أن السودان اهمل في السنوات السابقة استصحاب الجوانب القانونية في قضايا الحدود خاصة وان له العديد من القضايا مع بعض دول الجوار، منها ماينطبق عليه صفة النزاع في بعض الاجزاء، ومنها ماينطبق عليه صفة الخلافات، ومنها ما هو محسوم ، وشدد تنقو لـ (التغيير) على ضرورة إمساك القانونيين بالملف لجهة ان 85% من قضايا الحدود قانونية و15% فقط سياسية.

وقال للأسف ظلت قضايا الحدود في السودان تحت سيطرة السياسيين وكلنا يعلم ما دار في منطقة أبيي التي تدعي دولة جنوب السودان تبعيتها لها، وذلك عندما ذهبت الحكومة السودانية للتحكيم بوفد معظمه سياسيين رغم امتلاك السودان لادلة وبراهين قوية حول المنطقة، ومعظم الدول التي انتهجت القانون في حل قضاياها الحدودية نجحت في ذلك وآخرها اريتريا ويجب ان يعلم السياسيين ان بعض تصريحاتهم بمثابة ادلة معتمدة كرئيس الوزراء ووزير الخارجية.

واضاف تنقو لانريد ان نكرر الأخطاء لذلك شرعنا في المفوضية بعد الثورة في مد السياسيين بالجهاز التنفيذي بالمعلومات حول قضايا الحدود، حتي لا يقع البعض في الخطأ كما ظللنا نسمع من البعض خلال السنوات الماضية بأن حدود السودان مع مصر في خط 22 بحسب الاتفاقية قائلاً: هذا كلام غير صحيح والصحيح ان خط 22 ورد كتعريف فقط لإقليم السودان ولم يرد في أي اتفاقية.

وأوضح تنقو ان كل الحقائق التاريخية والجغرافية تؤكد سودانية حلايب 20 الف كيلو متر والتي دخلها الجيش المصري في العام 1995 وفرض عليها واقع جديد بالقوة لم يسكت عليه الجانب السوداني ورفض التواجد المصري في المنطقة السودان  بل ظل يجدد سنويا الشكوى لمجلس الامن.

قضية طابا

وفيما يخص حل المشكلة قال تنقو ان مصر دائما ما ترفض التحكيم الدولي ونحن سنسعي لاقناعهم بالذهاب لمحكمة التحكيم حتي ننهي الخلاف، مؤكدا امتلاك السودان لكافة الوثائق والخرائط التي تثبت ملكيته لمثلث حلايب وشلاتين، وحتي الجانب المصري عندما حدث نزاع بينه وبين إسرائيل حول طابا حسم السودان الامر لصالح مصر بعد ان مدها بالوثائق التي تثبت ان طابا مصرية.

يقول تنقو السؤال الذي لم يسأله أحد هو لماذا وجدت هذه الوثائق التي تخص طابا بالسودان والاجابة بسيطة ان سينا كانت تتبع للسودان حتي العام 1914 لذلك وجدت الوثائق بالخرطوم، وبعد ذلك ألزمت المحكمة إسرائيل بالخروج من طابا وهو مبدأ التنفيذ الجبري بالقانون.

وأوضح تنقو بان السودان نظم انتخابات برلمانية في العام 1953 بعلم مصر كانت فيها دوائر جغرافية في كافة المناطق السودانية من ضمنها حلايب واختار المواطنين بالمنطقة النائب “مكجر” كعضو عن دائرة حلايب وشلاتين بالبرلمان.

خرائط تاريخية

وفيما يخص موضوع الخرائط أوضح تنقو بأنها المسألة معقدة جدا لجهة ان الخريطة كوثيقة إثبات لديها شروط محددة، فمثلا لا يمكن لطرف ان يصدر خريطة ويحاول ان يلزم بها الطرف الآخر كما حدث مؤخرا بعد ان حاولت مصر ذلك وفي المقابل نملك خرط عديدة فهنالك خريطة أصدرها اللورد كرومر في العام 1895 تؤكد ان حدود السودان في اسوان.

واكد تنقو عدم وجود اتفاقية بين السودان ومصر في العام 1898، وقال انا استغرب من الذين يتحدثون عن ذلك هؤلاء لم يقرأوا العدد الأول من الجريدة السودانية التي نشرت الوثيقة والتي أوردت كلمة (وفاق) وليس اتفاق وهنالك فرق كبير بين الكلمتين قانونيا وهي بهذا المعنى لاتكون اتفاقية دولية.

الرشيد ابوشامه

 اخطاء النظام البائد

يقول السفير الرشيد أبو شامة، ان مشكلة مثلث حلايب وشلاتين تعقدت عقب محاولة إغتيال حسني مبارك منتصف التسعينيات بواسطة نظام الانقاذ حيث انتهز الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك الحادثة واحتل حلايب، لافتا إلى ان نظام الحركة الاسلامية كان لا يهتم بحل مشاكل ونزاعات الحدود بقدر اهتمامه بالاستمرار في الحكم.

نظرة مختلفة

واكد السفير ابو شامة لـ (التغيير) ان السودان لايمكن ان يتنازل عن أراضيه في حلايب بسبب تداعيات حادثة إغتيال حسني مبارك، وقال يجب أن يكون هنالك حل عبر المفاوضات حال تمسكت  مصر بموقفها الرافض للتحكيم الدولي، مشيرا إلى ان مشكلة حلايب لا يجب ان تكون سببا في القطيعة بين البلدين.

عمار شليعه

 التعدين في حلايب

يقول مدير مكتب الجيولوجيا السابق بالبحر الأحمر، عمار سيد احمد شليعة، وأحد الذين عملوا في المشروع الروسي السوداني للمعادن في مثلث حلايب في نهاية حقبة السبعينيات والثمانينيات، انه حتي لحظة احتلال حلايب بواسطة الجيش المصري في التسعينيات كان السودانيين يعدنون في حلايب وبئر شلاتين ومنطقة حلايب الجيولوجية التي ينتشر فيها خام المنجنيز في مناطق” أبو رماد وماتت والشلاتين والباشوات وآمر وأسراره”.

يتذكر شليعة فترة عملة في المثلث قائلا : كنا نتحرك في منطقة  حلايب إلى الشلاتين حتي نتجاوز أبو رماد بالسيارات وكان الوجود الامني السوداني كبير خاصة في أبو رماد لدرجة ان هنالك نقطة شرطة بالمنطقة، كما أجري الامريكان دراسات داخل البحر الأحمر في منطقة حلايب بواسطة شركة ويسترون تكساس لصالح حكومة السودان.

مواد مشعه 

وأوضح شليعة ان هيئة الأبحاث الجيولوجية السودانية أجرت بحثا عن معدن الرمال السوداء في منطقة مثلث حلايب واكتشفت وجود مادة الاكسريوم المشعة التي تدخل في الصناعات النووية، مبينا أنهم قاموا مباشرة بالاتصال بالحكومة السودانية في العام 1980 لاخبارهم بنتيجة البحوث يقول  لكن للأسف لم تهتم الحكومة في ذلك الوقت بالقضية.

ويواصل شليعة حديثه قائلا : وجدنا من خلال عملنا في حلايب علامات “البنشمارك” التي وضعتها هيئة المساحة السودانية فوق جبل علبة غرب أبورماد منذ العام 1925، وهي عبارة عن برميل يوضع فوق الجبل يحدد خطوط الطول والعرض والارتفاع عن سطح البحر.

واضاف: أيضا من الأدلة التي عثرنا عليها أثناء رئاستي لهيئة الجيولوجيا بالبحر الأحمر خريطة زراعية لمنطقة حلايب أعدت بواسطة الحكم الانجليزي وتم ارسالها لهيئة المساحة بالخرطوم في العام 2010  تثبت سودانية حلايب بواسطة طرف مهم وهو الحكم الإنجليزي.

يوسف السيد علي

خميرة العكننة

ويرى الأكاديمي والاستاذ بالجامعات السودانية يوسف السيد علي، ان سودانية حلايب امر لاجدال فيه ومحسوم بالمستندات وحقائق الجغرافيا والتاريخ والسكان.

وامتدح علي لـ (التغيير) تصريحات رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في القاهرة مؤخرا بسودانية حلايب كأول مسؤول سوداني يطرح القضية بشفافية على الطرف الآخر، مشيرا إلى ان حمدوك تحدث بوضوح عن سودانية حلايب لثقته بالمستندات التي يمتلكها السودان، بيد انه نوه إلى ان تأييد حديث رئيس الوزراء لايعني ان نصعد القضية إعلاميا يجب ان نطالب بحقوقنا بطريقة شجاعة.

ويعتقد علي ان الإدارة المصرية الحالية تتمتع بنوع من الرصانة والحكمة لذلك يمكن حل قضية حلايب في إطار الدبلوماسية الناعمة، ولفت إلى ان مصر تمثل اهم دولة للسودان من ناحية استراتيجية، والعكس صحيح ايضا، يقول شئنا ام ابينا فهي الاقرب للسودان وبالتالي النظر بحكمة لقضية حلايب وعدم تناول السلبيات واجترار الذكريات الاليمة والاحاديث القديمة التي تعكر صفو العلاقات.

تاريخ الخبر: 2021-03-21 21:25:30
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 69%

آخر الأخبار حول العالم

الاستقلال يفتح باب الترشح لعضوية اللجنة التنفيذية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-19 15:26:12
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 60%

تقرير رسمي.. تدهور حاد لمستوى عيش الأسر المغربية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-19 15:26:08
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 57%

وفاة الفنان الكبير صلاح السعدني.. "عمدة" الدراما المصرية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-19 15:27:01
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

الاستقلال يفتح باب الترشح لعضوية اللجنة التنفيذية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-19 15:26:16
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

وفاة الفنان الكبير صلاح السعدني.. "عمدة" الدراما المصرية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-19 15:26:58
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية