العقدة المستعصية على الحل بين الدولة والكيف


لطالما شكلت نبتة القنب الهندي عبئا ثقيلا على الدولة، ليس في المرحلة الحالية بل منذ بدء زراعتها في المناطق الشمالية للمغرب حوالي القرن الخامس عشر الميلادي. ويحيل مسار التعامل مع هذا الملف من بوابة التشريع على تاريخ شكلت فيه هذه النبتة عقدة مازالت مستعصية عن الحل حتى اليوم.

 

بالرجوع إلى مصادر تاريخية، يظهر أن السلطات الحاكمة تعاملت مع زراعة الكيف في المغرب بشكل مختلف، بين مشجعة لها بالنظر لفوائدها ومزاياها على المستوى الاقتصادي وبين محارب لها بسبب طبيعتها التخديرية بعد تحويلها، لكن هذه الزراعة لم تعرف انتعاشا إلا في عهدي الحماية الإسبانية والفرنسية، حيث تم الاستناد في تأطيرها إلى معاهدة الجزيرة الخضراء الموقعة في فاتح أبريل 1906 والتي اشترطت أن تكون زراعة وإنتاج الكيف محتكرة من طرف الدولة. ولهذا الغرض تأسس شركة دولية سنة 1910 حملت اسم “الشركة الدولية ذات المصالح المشتركة المستفيدة من امتياز الاحتكار”، والتي امتد نشاطها في عهد الحماية إلى المنطقة الإسبانية والمنطقة الدولية بطنجة.

 

وفي هذا الصدد، جاء الظهير الشريف في 6 فبراير 1917 والصادر بالجريدة الرسمية بالمنطقة الخليفية بتاريخ 10 مارس 1917 (الجريدة الرسمية لمنطقة النفوذ الإسباني بالمغرب والتي كانت تطبع بالإسبانية في مدريد منذ 10 أبريل 1913)، والذي بمقتضاه تم الترخيص لقبائل “كتامة” و”بني سدات” بإقليم الحسيمة و”بني خالد” بإقليم شفشاون، بزراعة الكيف بشرط أن لا يبيع المزارعون محاصيلهم إلا لشركة احتكار الدخان في المغرب، لتصبح بذلك هذه النبتة المورد الرئيسي للساكنة المحلية.

 

رغم ذلك، فإن أول نص تشريعي صدر في المغرب حول الكيف كان قبل ذلك بعامين، عندما صدر ظهير شريف في “إجراء العمل بالظهير المتعلق بمراقبة جلب الدخان والكيف خفية وفي منع ذلك”، بتاريخ 7 ماي 1915، في الجريدة الرسمية الفرنساوية، والذي انصب على تنظيم عملية احتكار جلب الكيف، وساوى بين الكيف والدخان، بعدما خول شركة حصر الدخان احتكار عمليات بيعهما واستيرادهما وتصنيعهما، لكن هذا القانون لم يأخذ زخما كبيرا كالذي جاء بعده لأنه شمل منطقة الحماية الفرنسية والتي لا تضم المناطق التاريخية لزراعة القنب الهندي.

 

ويبقى ظهير 3 مارس 1919 المشهور بـ”ظهير ضبط الكيف” هو الأهم في مسار التقنين، لأن بموجبه تم السماح للفلاحين بزراعة الكيف، شريطة تقدمهم بطلب إلى إدارة شركة التبغ للحصول على الرخصة من أجل مزاولة هذه الزراعة، وخصص لهذا الغرض مركزان الأول بمنطقة الحوز في الجنوب والثاني في منطقة الحسيمة. وكانت هذه الشركة تتولى بنفسها جمع المحصول من الفلاحين، وتقوم بتوجيه لائحة بأسمائهم إلى السلطات المحلية.

 

ونظرا للرواج الذي عرفته زراعة وتجارة الكيف في تلك الفترة، تم إخضاع ثمن بيع الكيف لضريبة بموجب ظهير 25 يوليوز1929 حددت في 15 بالمائة من ثمن البيع داخل منطقة الاحتلال الفرنسي.

 

لكن إباحة زراعة الكيف لم تدم طويلا، حيث صدر ظهير في 24 أبريل 1954 المتعلق بمنع زراعة الكيف والذي وضع حدا من الناحية القانونية لهذه الزراعة، وإن كان تطبيقه قد اقتصر على المناطق الخاضعة للاستعمار الفرنسي ولم يشمل المنطقة الاستعمارية الإسبانية بشمال المملكة حيث توجد المناطق التاريخية للكيف.

 

فبموجب هذا الظهير تم إلغاء صلاحيات التراخيص مع القيام بمراقبة صارمة لشبكات الإنتاج حتى أن مرسوما صدر في يونيو 1956 منح جوائز مالية للأعوان المكلفين بزجر ترويج مادة الكيف لتشجيعهم على الاضطلاع بمهامهم.

 

في ظل هذه الصرامة في زجر المخالفين، بقيت زراعة الكيف في مناطق الشمال حتى جاء الاستقلال وتم منعها بشكل نهائي بموجب قرار مشترك لنائب رئيس الوزارة ووزير المالية ووزير الصحة العمومية في 11 يناير 1960، ثم جاء ظهير 21 مارس 1974 المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات والمواد السامة ووقاية المدمنين على المخدرات، والذي نص في فصله الثاني على المعاقبة بالحبس من خمس إلى عشر سنوات وبغرامة تتراوح بين 5000 و50 ألف درهم كل من استورد أو أنتج أو نقل أو صدر أو أمسك بصفة غير مشروعة المواد أو النباتات المعتبرة مخدرة.

 

وبالإضافة إلى مقاربة المنع والزجر، لجأ المغرب إلى مقاربة إدارية، تمثلت في إحداث اللجنة الوطنية للمخدرات في أكتوبر 1977، وهي هيئة وزارية تستوحي من توصيات لجنة المخدرات التابعة الأمم المتحدة، ويترأسها وزير الصحة وتضم ممثلين عن الوزرات المهتمة بمكافحة المخدرات، وتتولى اقتراح إجراءات تطبيق الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية في مجال مكافحة المخدرات.

 

وكانت هذه اللجنة قد انعقدت في 11 فبراير 2020 لتدارس توصيات منظمة الصحة العالمية بمراجعة درجة خطورة مخدر نبتة القنب الهندي، ومنحت الضوء الأخضر لتصويت المغرب في الدورة العادية الـ 63 للجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة لصالح التوصيات الأولى من نوعها منذ اعتماد الاتفاقية الدولية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961.

تاريخ الخبر: 2021-04-04 21:15:24
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 67%
الأهمية: 85%

آخر الأخبار حول العالم

نقل مريض يزن 300 كيلو.. لم يغادر شقته من 10 سنوات - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-18 03:24:17
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 69%

ATTAWFIQ MicroFinance recrute un Ingénieur études et développement informatique, Dernier délai avant le 3 Mai 2024

المصدر: الوظيفة مروك - المغرب التصنيف: وظائف وأعمال
تاريخ الخبر: 2024-04-18 03:24:53
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 89%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية