تقرير للإيكونوميست يتوقع زيادة التقارب المصري السوداني بسبب سد النهضة


توقع تقرير صادر عن وحدة المعلومات بمجموعة الإيكونوميست، زيادة التقارب بين السودان ومصر، جراء أزمة سد النهضة الناشبة مع إثيوبيا، بينما استبعد التقرير إمكانية نشوب حرب في منطقة حوض النيل الشرقي التي تضم الدول الثلاثة.

التغيير: الفاضل إبراهيم

واشتمل التقرير بشأن الوضع السياسي والاقتصادي في السودان على عديد من النقاط، وأورد معلومات تشير إلى الاهتمام المصري بالسودان خاصة في ظل أزمة سد النهضة، كما تناول التقرير علاقات السعودية والامارات بالخرطوم.

بيد ان التركيز في التقرير أنصب على العلاقات السودانية المصرية خاصة عقب الصراع الذي يدور حالياً بسبب قضية سد النهضة، مستبعداً نشوب حرب في المنطقة .

وتوقع التقرير الذي صدر يوم الاثنين حول السودان وجنوب السودان عن الربع الأول من السنة الحالية 2021، استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي بالبلاد حتى العام القادم 2022، حيث رجح التقرير تحسن الأوضاع بالبلاد تدريجياً في العام 2023 وحتى 2025 .

قلق إثيوبي

بحسب التقرير فإن الزيارة الأولى للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للخرطوم، في مارس الماضي، بعد الإطاحة بالبشير، تأتي في سياق العلاقات المزدهرة بين مصر والسودان، خاصة منذ قرار إثيوبيا الأحادي بالبدء في ملء سد النهضة الإثيوبي الكبير في يوليو 2020.

ودى الفشل في التوصل إلى حل وسط بشأن ملء وتشغيل السد إلى زيادة التوترات وتفاقم المخاوف المتعلقة بالأمن المائي، وخاصة بالنسبة لمصر المعروفة بهبة النيل، لاعتمادها التام على النهر في توفير المياه العذبة.

التقارب السوداني المصري

يقول القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي – الشرعية الثورية، على يوسف تبيدي إن قضية سد النهضة مرتبطة بالأمن القومي للبلدين السودان ومصر، ولذلك كان لا بدّ من العمل على تنسيق المواقف في هذه المرحلة، وقد يكون هذا الأمر أحد الأسباب للتقارب في الفترة الأخيرة ولكن ليس هو المحرك الاساسي للعلاقات، واصفاً علاقة البلدين بالأزلية والمتجذرة.

تبيدي

ويشدد تبيدي على أن العلاقة بين مصر والسودان يجب أن لا تتوقف عند حدود مصالح الانظمة، كونها علاقة راسخة، لم تلطخها دماء، وان كانت تصاب بالتوتر بين الفينة والأخرى، لكن الماء البارد سرعان ما يتنزل علي مكامن السخونة (حد تعبيره)، كما يمثل عمق العلاقات وإزالتها ترياقاً وحائط صد منيع لأي توتر، لا سيما عقب زوال الأسباب التي كان يتحجج بها النظام المصري بوجود النظام المباد الذي كان يرعى الجماعات الإرهابية المتطرفة .

وبالتالي –والكلام لا يزال لتبيدي- يمكن لتلك العلاقة ان تمضي للأمام وبوتيرة أسرع وتعاون لصيق جداً، دون أي هواجس، وبالطبع فان شعبي البلدين هما الضامن الحقيقي لتلك العلاقة، القائمة على الحب والإخاء، وكما هي راسخة الجذور لكنا نجده ترنو نحو المستقبل.

ورأي تبيدي في انزعاج إثيوبيا من التقارب المصري السوداني أمر طبيعي بحكم الصراع حول سد النهضة، باعتبار أن السودان طرف أصيل في القضية وتقاربه مع القاهرة يزعج أديس أبابا، لذلك سمعنا تصريحات إثيوبية تنتقد هذا التقارب .

تحالف مشترك

وتوقع التقرير أن تواصل الحكومة المصرية جهودها الرامية إلى تعزيز نفوذها في السودان، كوسيلة لتعزيز موقفها في مفاوضات سد النهضة.

وتحاول مصر الاستفادة من المناوشات المتزايدة بين القوات السودانية والإثيوبية بشأن ترسيم الحدود في منطقة الفشقة، فضلاً عن تزايد انعدام الثقة بين السودان وإثيوبيا، لتعزيز تحالف أعمق مع السودان.

ويبدو أن أولوية مصر تتمثل في الحفاظ على حقوقها المائية، والاستفادة من التعاون الاقتصادي والأمني المتزايد مع السودان وسط تصاعد التوترات الإقليمية من أجل تعزيز مواقفها التفاوضية ضد إثيوبيا.

ورأى التقرير أن مصر ستحاول تجنب نشوب صراع مفتوح مع إثيوبيا. ونظراً للمخاوف الداخلية في كل من السودان وإثيوبيا، ستسعى الحكومتان أيضاً إلى إيجاد حل تفاوضي، يبعد خيار الصراع العسكري.

تقارب حقيقي 

يؤكد السفير أحمد التجاني صالح أن ما يقال عن أزلية العلاقات السودانية المصرية ليس حديث سياسي بل حقيقة ماثلة منذ قرونـ حيث تطورت العلاقة في العهد الحديث بعد أن تم توقيع اتفاقية التكامل المصري السوداني في العام 1971 في عهد الرئيس الأسبق جعفر  النميري، الذي بدأ فعلياً في تطبيق الاتفاقية، لكنها توقفت بعد ذلك لأسباب مختلفة ربما يكون من ضمنها الاطمئنان على الأمن القومي في البلدين.

وأوضح التجاني أن العديد من الاتفاقيات والمعاهدات ربطت بين البلدين طوال العهود السابقة، وعلى رأسها التكامل المشترك كما أشرنا أنفاً، وميثاق الإخاء في عهد حكومة الصادق المهدي، والحريات الأربعة في العام 2004 في عهد الإنقاذ البائد ومما سبق يتضح أن التقارب بين البلدين ليس وليد صدفة أو نتاج موقف من أزمة محددة.

الأرقام تتحدث

واوضح الخبير التجاري، د. بشير الجيلي أحمد، أنه أعد ورقة عمل بهذا الخصوص حوت معلومات مهمة حول العلاقات التجارية بين البلدين حيث أوضحت أن حجم التبادل التجاري بين السودان ومصر ظل في حالة تأرجح مستمر ووصل في العام 2017 إلى مليار دولار ثم تراجع إلى 886 مليون دولار في العام 2018 ثم إلى 862 مليون دولار في 2019 وتراجع إلى 576 مليون دولار في العام 2020 .

واشار بشير إلى أن الارقام الخاصة لا تعكس حجم العلاقة بين البلدين، حيث من المفترض أن يزيد حجم التبادل التجاري رغم أن الميزان التجاري يميل لصالح مصر، كما أن حجم الاستثمارات المصرية بالسودان تبلغ عشر مليارات دولار طبقا لاحصائيات أعدت في العام 2017، وتوزعت هذه الاستثمارات في 229 مشروعاً منها 122 مشروعاً صناعياً في الاسمنت والبلاستيك والرخام والأدوية بجانب 90 مشروعاً في الخدمات المختلفة و17 مشروعاً في الزراعة والإنتاج الحيواني وصيد الأسماك.

وفي المقابل هنالك 315 شركة سودانية تعمل في مصر تتوزع استثماراتها بين الصناعة والتجارة والزراعة والخدمات، ويحتل القطاع الصناعي الصدارة في ظل وجود 73 شركة سودانية في مصر تقدر استثماراتها بـ50 مليون دولار .

ويصدر السودان لمصر 4 صادرات رئيسية هي اللحوم الحية واللحوم المذبوحة (حوالي 90% من الصادرات)، بجانب السمسم، والقطن الخام.

وبحسب بشير فأن الأرقام تشير إلى أن عائدات صادرات اللحوم الحية في العام 2018 تساوي 260 مليون دولار، انخفضت في العام 2019 إلى 167 مليون دولار اي بنسبة 35% فيما بلغت عائدات صدر السمسم في 2019 حوالي 106 مليون دولار والقطن 32 مليون دولار وأخيراً اللحوم الحية بـ 24 مليون دولار .

ويستورد السودان من مصر منتجات صناعية بواقع 275 مليون دولار في العام 2019 بجانب المنتجات الكيماوية 91 مليون دولار والمواد الصناعية الخام 36 مليون دولار والمواد الغذائية 31 مليون دولار والآلات والمعدات بـ 19 مليون دولار .

شد وجذب

يؤكد د. محمد تورشين المحلل السياسي والباحث في الشؤون الإفريقية أن عالم السياسة لا يعترف بالعلاقات الدائمة، وإنما بالمصالح المشتركة. كل دولة في العالم تعمل لمصالحها الخاصة ومن هذا المنطلق نلاحظ أن مصر تحاول استمالة السودان لصالحها في صراعها مع إثيوبيا في سد النهضة، وكذلك تسعى أديس أبابا لاستمالة الخرطوم في جانبها في هذا الصراع .

تورشين

ويري تورشين أن مصر كانت مؤثرة سياسياً على السودان تاريخياً من خلال دعم الانقلابات العسكرية منذ عبود ونظام مايو، وهي أول دولة اعترفت بنظام الإنقاذ المباد في بداية أيامه، كما ان المخابرات المصرية أيضا لها تأثير علي بعض القوى السياسية والعسكرية بالسودان.

ومهما يقال من حديث بأن السودان حديقة خلفية لمصر فإن الواقع يكذب هذا الادعاء، فالسودان دولة استراتيجية هامة لمصر والعكس صحيح. الأمن القومي المصري المائي مرتبط بالسودان، وكذلك السياسي من خلال إمكانية احتضان السودان للجماعات السياسية المعارضة، لذلك فمصر حريصة على علاقاتها مع السودان وازداد هذه الحرص عقب أزمة سد النهضة الاخيرة .

معركة سياسية

يؤكد محمد تورشين بأن تاثير السودان أقوى من مصر فيما يتعلق بسد النهضة، لذلك تسعى القاهرة بشدة لكسب تأييد الخرطوم في هذه المعركة السياسية والفنية، فهي لن تقدم على تبني خطوة في هذا الاتجاه دون الموافقة والتنسيق مع السودان في كافة المجالات بما فيها العسكرية.

وفي الاتجاه الآخر تحسن العلاقات بين السودان وإثيوبيا مرهون بخروج نظام آبي احمد من الأراضي السودانية في الفشقة، ولكن حالياً القضية تعقدت خاصة بعد شكوى إثيوبيا في الاتحاد الأفريقي بأن السودان يحتل أراضي اثيوبيا في الوقت الذي يؤكد فيه السودان انه موجود في الاراضي السودانية ولم يتجاوز الحدود .

تاريخ الخبر: 2021-04-18 01:25:00
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 58%

آخر الأخبار حول العالم

الأمم المتحدة.. سجال محتدم بين عمر هلال ووزير الخارجية الجزائري

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-18 12:27:38
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 50%

اضطرابات في الإمارات لليوم الثالث بعد أمطار غير مسبوقة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-18 12:27:29
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 55%

الأمم المتحدة.. سجال محتدم بين عمر هلال ووزير الخارجية الجزائري

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-18 12:27:32
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 68%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية