يبدو الحضور العنيف للمستوطنين الإسرائيليين في القدس والمدن الإسرائيلية، أوضح بكثير خلال اشتعال الأحداث الأخيرة، التي تصاعدت من اشتباكات داخل حي الشيخ جراح إلى صد محاولة اقتحام المسجد الأقصى واعتداء القوات الإسرائيلية على حرمه المقدس، أعقبها قصف عنيف لغزة التي بدورها أمطرت تل أبيب بالصواريخ، وسقوط عشرات الجرحى والمصابين.

وقد تزامن مع تلك الأحداث، خروج تظاهرات من الفلسطينيين في عدد من المدن الإسرائيلية، امتدّت إلى مناطق مهمشة وغير متوقعة مثل اللدّ والرملة، ووقوع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية والمتظاهرين في تلك المدن أدت إلى عشرات الإصابات والاعتقالات.

كل هذه الأحداث دفعت المستوطنين الإسرائيليين إلى حالة من الجنون في عدد من المدن، فاعتدوا بعنف على الأهالي الفلسطينيين تحت أعين الشرطة الإسرائيلية.

آخر تلك الاعتداءات تمثل في استغلال مستوطن إسرائيلي للمواجهات التي اندلعت في مدينة اللدّ، الثلاثاء، وقتله الشاب الفلسطيني موسى حسونة رمياً بالرصاص، وإصابة آخرين بجروح، إذ يسمح القانون الإسرائيلي للمستوطنين بحمل السلاح في المناطق السكنية.

ومع اشتعال المظاهرات والاشتباكات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية والمستوطنين، تداول عدد من النشطاء رسائل عبرية مسربّة من "تلغرام"، تدعو فيها مجموعات إسرائيلية داخلية، المستوطنين، إلى "حمل السلاح لمواجهة المتظاهرين الفلسطينيين"، وتتضمن رسائل تحريض على قتلهم وإيذائهم.

يأتي ذلك في وقت تستمر فيه المظاهرات الحاشدة والمواجهات في مناطق سخنين وحيفا والناصرة ويافا وعكا واللد والرملة، وبلدات أخرى، وهي أماكن يكثر فيها وجود المستوطنين الإسرائيليين ما يعرض الفلسطينيين لمزيد من الخطر.

وتستمر عمليات الكرّ والفرّ بين الفلسطينيين والمستوطنين في القدس والمناطق المحيطة بها، فقد هاجم عشرات المستوطنين، خلال الأيام الماضية، منازل الأهالي في حي الشيخ جراح مجدداً، وألقوا عليهم الحجارة والزجاجات الحارقة، واعتدوا عليهم.

أدى ذلك إلى توافد عشرات الشبان من أحياء القدس المجاورة للدفاع عن جيرانهم، واندلعت مواجهات أصبحت تتكرر بشكل شبه يومي بينهم وبين المستوطنين المحميين من الشرطة الإسرائيلية.

ولم يقف الأمر عند عنف وتحريض المستوطنين المتصاعد، فقد رافقهم أثناء اقتحام حي الشيخ جراح، الاثنين، عدد من أعضاء الكنيست عن حزب "الصهيونية الدينية" لاقتحام الحي.

وفي خضم تلك الأحداث، هاجم المتطرف اليهودي اليميني بن غفير، الشاب المقدسي صلاح كشعم، وصدمه عمداً بسيارته.

وحول أحد أسباب ذلك التصعيد الإسرائيلي الأخير والسماح للمستوطنين والمتطرفين اليمينيين بمهاجمة الفلسطينيين بعنف، يشير الصحفي والمحلل السياسي نواف العامر إلى محاولة رئيس الحكومة الانتقالية الحالي، بنيامين نتنياهو، كسب رضا المستوطنين، بهدف "الحفاظ على وجوده داخل الحكومة وعدم تقديم رأسه لمقصلة المحاكمة والقضاء"، على حد وصفه.

ويضيف العامر، أن نتنياهو يستخدم المتطرفين "لتحقيق أمانيه وقلب الطاولة الأمنية في المنطقة، لاستجلاب المزيد من الأصوات للحفاظ على نفسه في الحكومة، وإظهار نفسه، أمام اليمين، أنه المنقذ الذي سيخلص إسرائيل".

TRT عربي - وكالات