منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية، سعى الجناح العسكري لحركة حماس، كتائب عز الدين القسام، إلى تطوير صناعة الصواريخ، إذ انطلق أول صاروخ للكتائب باتجاه مستوطنة سديروت القريبة من قطاع غزة.

حمل الصاروخ الأول اسم "قسام 1" والذي كان بدائياً إلى حد بعيد، حيث تراوح مداه بين 2 إلى 3 كيلومترات فقط، مع رأس تفجيري محدود القدرات، ليلية بعدها صاروخ قسام (2) الذي أطلق لأول مرة عام 2002 ويتراوح مداه بين 9 – 12 كيلومتراً، وصاروخ قسام (3) الذي ظهر إلى النور عام 2005، بمدى يتراوح بين 15-17 كيلومتراً.

بعد ذلك، ومع بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بدأت الصواريخ تأخذ منحى أكثر قوة، بالتوازي مع ذلك أصبحت لها رمزية أخرى، إذ تأخذ أسماء قادة حركة حماس الذين جرى اغتيالهم في المعارك، الأمر الذي أصبح لافتاً في المعارك الأخيرة.

صاروخ الجعبري

شكل صاروخ J80 والذي حمل اسم أحمد الجعبري نائب القائد العام لكتائب القسام، نقلة نوعية بالنسبة للمقاومة الفلسطينية، إذ كان أول صاروخ يُطلق باتجاه تل أبيب في تاريخ الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، عام 2014، ويبلغ مداه 80 كيلومتراً.

وأحمد الجعبري هو قائد عسكري فلسطيني؛ انخرط في شبابه في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي فسجنته سلطاته، ثم انضم إلى حركة حماس التي ترقّى فيها سياسياً وعسكرياً حتى صار "نائب القائد العام" لذراعها العسكرية كتائب القسام وهو يعتبر أحد أهم مهندسي تنظيم الكتائب، وأعلنته إسرائيل "المطلوب الأول" لديها فلاحقته حتى اغتالته في عدوانها على غزة عام 2012.

صاروخ الرنتيسي

أخذت المعارك منحى مختلفاً بعد سنة 2014، وكانت أول معالم هذه الانعطافة العسكرية هي وصول صواريخ القسام إلى مدينة حيفا، وسُمِّي الصاروخ الذي أطلق سنة 2015 والذي يتجاوز مداه 160 كيلومتراً، نسبة للقيادي عبد العزيز الرنتيسي، وتكمن أهمية هذا الصاروخ بحسب الكتائب؛ بوصوله لأبعد مدى وقدرته على ضرب العمق الإسرائيلي على مسافة أكثر من 100 كم عن قطاع غزة.

والرنتيسي هو طبيب وسياسي فلسطيني، من مؤسسي حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ومن أبرز القيادات السياسية فيها، والذي عرف بخطاباته القوية ودوره الرئيسي في الحركة، واغتالته إسرائيل بإطلاق صاروخ على سيارته في مدينة غزة سنة 2004.

صاروخ العطار

لم تخلُ المعارك الحالية من هذه الرمزية المتبعة من كتائب القسام في تسمية الصواريخ باسم قادتها، إذ أعلنت عن دخول صاروخ جديد للخدمة سمي نسبةً للقيادي بالكتائب رائد العطار، ويحمل هذا الصاروخ رؤوساً متفجرة ذات قدرةٍ تدميريةٍ عالية، ويصل مداه إلى 120 كيلومتراً.

وبحسب الموقع الرسمي لكتائب القسام، استُخدِم هذا الجيل من الصواريخ لأول مرة في قصف المستوطنات في ضواحي مدينة القدس المحتلة مساء الاثنين 10 مايو/ أيار الحالي رداً على استهداف الاحتلال الإسرائيلي للأبراج السكنية وتدميرها، ثم وظّف فيما بعد في توجيه ضربة صاروخية إلى تل أبيب وضواحيها، أسفرت عن مقتل 2 وإصابة نحو 30 آخرين رداً على تواصل غارات الاحتلال.

والعطار هو مقاوم فلسطيني، قاد لواء رفح في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، وكان مهندس اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، حاولت إسرائيل أربع مرات اغتياله ففشلت، ثم قتلته في العدوان على غزة 2014.

صاروخ أبو شمالة

أزاحت كتائب القسام خللال هذه المعارك الستار أيضاً عن صواريخ SH85، والتي جاءت تسميتها نسبة للقيادي محمد أبو شمالة، وقد استخدمت الكتائب هذا النوع من الصواريخ لأول مرة في الضربة الصاروخية التي وجهتها يوم 12 مايو/أيار لتل أبيب ومطار "بن غوريون"، وأسفرت عن وقوع إصابات واسعة وتضرر عدد كبير من المنازل، ويبلغ مدى الصاروخ القسامي الجديد 85 كيلومتراً.

وأبو شمالة هو واحد من أهم قيادات كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- منذ بداية التسعينيات مع كل من محمد الضيف ورائد العطار، وأصبح نائباً لقائد لواء رفح جنوبي قطاع غزة، وعضواً بالمجلس العسكري الأعلى للكتائب، اغتالته إسرائيل خلال غارات جوية سنة 2014.

صاروخ عياش

آخر هذه الصواريخ التي دخلت الخدمة، وقد صار الأحدث صاروخ "عيّاش 250″، وهو الأبعد مدى حتى الآن في ظل ما هو مُعلن، وينسب إلى أحد أبرز قادة الكتائب، يحيى عياش.

وقد انطلق الصاروخ للمرة الأولى يوم 13 مايو/أيار 2021، تجاه مطار رامون على بعد نحو 220 كم من غزة رداً من كتائب القسام على اغتيال عدد من قادتها العسكريين، وبذلك أصبحت كل المناطق الإسرائيلية تحت مرمى صواريخ كتائب القسام، حسب ما أعلن الناطق باسمها، أبو عبيدة.

وعياش هو قائد بكتائب القسام، ومهندس متخصص في صناعة المتفجرات، نفذ عدة عمليات ضد الاحتلال في الضفة الغربية، إلى أن استطاع عميل أن يزوده بهاتف ملغوم سنة 1996 ليجري اغتياله في شبابه.

TRT عربي