أحمد جمال
هو رفاعة بن بدوى بن على بن محمد بن على بن رافع، ويلحقون نسبهم بمحمد الباقر بن على زين العابدين بن الحُسين بن فاطمة الزهراء، من قادة النهضة العلمية فى مصر فى عهد محمد على باشا. وُلد رفاعة رافع الطهطاوى فى 15 أكتوبر 1801، فى مدينة طهطا محافظة سوهاج بصعيد مصر، ونشأ فى أسرة كريمة الأصل شريفة النسب، فأبوه ينتهى نسبه إلى الحسين بن على بن أبى طالب، وأمه فاطمة بنت الشيخ أحمد الفرغلى، ينتهى نسبها إلى قبيل الخزرج الأنصارية.
ولقى رفاعة عناية من أبيه، بالرغم من تنقله بين عدة بلاد فى صعيد مصر، فحفظ القرآن الكريم، ولم بلغ رفاعة السادسة عشرة من عمره التحق بالأزهر وذلك فى سنة «١٢٣٢هـ ـ 1817م» وامضى ست سنوات، جلس للتدريس فيه سنة «١٢٣٧ هـ - ١٨٢١م» وهو فى الحادية والعشرين من عمره، والتف حوله الطلبة يتلقون عنه علوم المنطق والحديث والبلاغة والعروض، وكانت له طريقة آسرة فى الشرح جعلت الطلبة يتعلقون به ويقبلون على درسه وأهم أستاذ تتلمذ على يديه رفاعة الطهطاوى هو الشيخ حسن العطار الذى تولى مشيخة الأزهر سنة ١٢٤٦هـ.
بعثة فرنسا
وكان رفاعة الطهطاوى واحدا من العلماء الثلاثة الذين رشحتهم الحكومة المصرية لسفر إلى فرنسا لداسة العلوم والمعارف الإنسانية، فى الإدارة والهندسة والحربية، والكيمياء، والطب البشرى والبيطرى، وعلوم البحرية، والزراعة والعمارة والمعادن والتاريخ الطبيعى. بالإضافة إلى هذه التخصصات يدرسون جميعا اللغة والحساب والرسم والتاريخ والجغرافيا.
مدرسة الألسن
كان رفاعة الطهطاوى يأمل فى انشاء مدرسة عليا لتعليم اللغات الأجنبية، واعداد طبقة من المترجمين المجيدين يقومون بترجمة ما تنتفع به الدولة من كتب الغرب، وتقدم باقتراحه إلى محمد على ونجح فى اقناعه بانشاء مدرسة للمترجمين عرفت بمدرسة الألسن، مدة الدراسة بها خمس سنوات قد تزاد إلى ست، وافتتحت المدرسة بالقاهرة سنة ١٢٥١ هـ - ١٨٣٥م وتولى رفاعة الطهطاوى نظارتها، وكانت تضم فى أول أمرها فصولاً لتدريس اللغة الفرنسية والانجليزية والايطالية والتركية والفارسية إلى جانب الهندسة والجبر والتاريخ والجغرافيا والشريعة الإسلامية، وقد بذل رفاعة جهداً عظيماً فى ادارة المدرسة، وكان يعمل فيها عمل أصحاب الرسالات ولا يتقيد بالمواعيد المحددة للدراسة، وربما استمر فى دراسه ثلاث ساعات أو أربع بدون توقف واقفاً على قدميه دون ملل أو تعب يشرح لهم الأدب والشرائع الإسلامية والغربية. وقد تخرجت الدفعة الأولى فى المدرسة سنة ١٢٥٥ هـ - ١٨٣٩م وكان عددها عشرين خريجاً.
طهطاوى والتراث
ولم يكتف رفاعة بهذه الأعمال العظيمة، فسعى إلى انجاز أول مشروع لإحياء التراث العربى الإسلامى، ونجح فى اقناع الحكومة بطبع عدة كتب من عيون التراث العربى على نفقتها، مثل تفسير القرآن للفخر الرازى المعروف بمفاتيح الغيب، ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص فى البلاغة، وخزانة الأدب للبغدادى، ومقامات الحريرى، وغير ذلك من الكتب التى كانت نادرة الوجود فى ذلك الوقت وأنشأ مكاتب محو الأمية لنشر العلم بين الناس، وعاود عمله فى الترجمة «المعاصرة» ودفع مطبعة بولاق لنشر أمهات كتب التراث العربى «الأصالة».. وقضى رفاعة فترة حافلة، أخرى من العمل الجامع بين الأصالة والمعاصرة.
توفى الطهطاوى يوم ٢٧ مايو ١٨٧٣ بالقاهرة