بمناسبة معرضه الخاص في رواق القرماسي: تجربة الفنان نصر الدين العسالي ومغامرة الرسم واللون


وفق تحولات و تطور ضمن وجدانه التشكيلي في عالم تنوعت متغيراته وأحداثه ليزداد يقينه رسوخا بمجالات الفن الملونة و دورها في نحت كيانه و تاصيل فكرته المبثوثة في لوحاته ... في معرضه الشخصي برواق علي القرماسي بالعاصمة قدم الفنان نصر الدين العسالي 14 عملا فنيا منها «تركيب» و«طبيعة ميتة» و«حلم» و«المدينة المهجورة» و«المهاجرون» و«ميناء» و«مدينة»... وهي بالزيتي على القماشة ومنها تقنية مزدوجة .. لوحات فيها الكثير من حميمية العلاقة بين الفنان ومحيطه و هو المعبر عن خلجات الأمكنة والناس و المشاعر والأحوال.
هو فنان كابد متقلبات الحيات وعاش مبتسما حالما هادئا ديدنه العطاء وهو المنحدر من حي تونسي عريق منحه الكثير من الرغبة و الاقدام والمضي قدما في عالم اللون الآسر .
منذ الصغر فتن العسالي بالمشاهد و سعى إلى رسمها حيث القدر الذي جعله تجاه الألوان ليشهر حبه اليانع و يبدو ذلك الطفل المغامر لتتعدد محاولاته ليصل الى رائق التلوين.. هي لعبة الطفولة الباذخة التي قادته بشغف كبير الى الهواية..هواية الرسم و تلوين الفكرة و الذهاب بحب نحو المحاولات لاكتساب الخبرات اللازمة و نحت موقع في مشهد تشكيلي تونسي متنوع التجارب ومتعدد التيارات والاتجاهات الفنية التشكيلية.
بين المشاهد و الحالات تنوعت لوحاته بين تجريدية وانطباعية حالمة حيث الأمكنة ومنها «السيدة» الحي الذي شهد فسحة أولى من حياته والزهراء و كل ذلك في ضرب من الجمال حيث تبدو اللوحات حيزا من سيرة فنان هام باللون ومضى يحاوره باتجاه القول بالذات و الآخرين .. مشاهد العسالي ملونة بما يشبه حالات من شعرية اللحظة..في تعبير باذخ عن حال النظر من فنان حالم تجاه الآخرين.. الناس والأمكنة و الأحوال...
عن البدايات يقول صاحبنا الفنان العسالي «... منذ صغر سني كنت ميالا الى الرغبة في الاكتشاف و التعرف على الأشياء و معرفة كنهها ..الوالد كان «مزوقا ودهانا» و في مكان ما بالبيت عثرت على معدات الدهن التي بعمل بها و في سطح المنزل كنت أنظر للمواد متسائلا لماذا لا أرسم مثلا.. كان ذلك وعمري تسع سنوات و صرت أرسم و ألون حيث القلم وتخطيطاته التي نمت في داخلي الرغبة والتعلق بالفن التشكيلي..و حين حصلت على شهادة «السيزيام» وجدت من بين ما أهدي الي علبة تلوين من الخارج ..
ومن خلال الرسم و التلوين لعدة مرات مع المحو بالطلاسة لاحظت مرة ملامح ملونة لجبل بوقرنين و هذا كان محض صدفة و لاحظت أمي التي كانت تجيد اللغات ومنها الفرنسية و الألمانية قيمة ما لطخت بالألوان و قالت لي «زهيها.. زيد لون آخر..و غير ذلك ...» الى أن بدت اللوحة في حالة جمالية مميزة معبرة عن مشهد جميل..و تكرر هذا الأمر بعناد شاب يحب الرسم و كانت ملاحظات أمي مهمة في كل هذا لأتمكن و بعد أسابيع من رسم لوحات بها طبيعة نقية و بيئة نظيفة وفق مشاهد جميلة...كنت أشتري الألوان المطحونة وأخلطها في وعاء بلوري و عملت هكذا في فترة من أسعد أيام عمري بين 12 و 20 سنة..أحببت الطبيعة ورسمتها .. وفعلا الرسم أثر في حياتي و دراستي كذلك ليلة امتحان الباكالوريا كنت الى حدود الفجر أرسم غير عابئ بامتحان مادة الرياضيات حيث نلت عددا مهما هو 19 /20... الرسم حدد توجه حياتي ومحيطي المهني ..في العمل هددت بالطرد مرات عديدة لاهتمامي بالرسم لتكون مصالحتي عندما أحالوني في عملي على مجال غرامي و هو الفن التشكيلي .
الرسم نصرني على واقع مرير و على العالم الآلي و الروتيني و أنصفني في حياتي ..حين بلغت 22سنة من عمري أقمت معرضي الأول ببهو محطة الأرتال بتونس ..و كانت مساهماتي الثقافية مع الفنانين أحمد معاوية و رمضان أولاد عيسى والحبيب الشريف ونورالدين الرياحي ... و غيرهم و صرنا نعرض عديد المرات و في سنة 1983 كان معرضي الخاص بدار الثقافة ابن خلدون بادارة الشاعر و الاعلامي محمد المصمولي و نجح هذا الحدث الثقافي و تم اقتنا عمل فني لي من فبل اللجنة و قال عني المصمولي في برنامجه شارع الثقافة «.. رغم صغر سنه..أعماله كأعمال كبار الفنانين ...» و كانت الشهرة آنذاك لها ضريبة بين الأصدقاء...كانت تضحيتي لأجل عائلتي بالتوازي مع الممارسة الفنية ..ثم كان معرضي بدار الثقافة ابن رشيق سنة 1984 و اقتنت اللجنة برئاسة الفنان و الأكاديمي الحبيب بيدة عملا من أعمالي المعروضة وتطورت تجربتي مع المعارض الخاصة و الجماعية لتصل أعمالي الى خارج تونس و قد عملت على تكوين ذاتي فصرت أقتني الكتب المتصلة بالفن التشكيلي وطورت تجربتي ..وتعلمت الكثير...كنت أرسم و أبيع و ليس لي مشكل في تسويق أعمالي .. أحببت عالم الفن و الرسامين وكانت علاقاتي معهم انسانية.. الرسم كان عندي حب كبير لا يضاهى..الرسم عنوان الفنون و في مقدماتها ..الرسم لا يحتاج الى رجمة ..هو عابر للجغرافيا..الفن ينمي المجتمعات و يدعم اقتصادياتها و حياتها ..الرسم هو حلمي...». هكذا غنى بالكلمات الفنان العسالي مبرزا صلته الوثقى بفن التلوين.
تجربة الفنان نصرالدين العسالي فيها الكثير من الشجن و الدأب و الحب والمعاناة..فيها حكاياته الأولى لحظات طفولة عابرة ليظل الطفل مقيما بداخله يتخير له الرسم والألوان..و لون الحلم..والأغنيات.

تاريخ الخبر: 2021-05-20 11:18:32
المصدر: جريدة المغرب - تونس
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 60%

آخر الأخبار حول العالم

الأمراض غير السارية تقتل 85 بالمائة من المتوفين المغاربة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-23 15:26:05
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

ضرائب.. 30 أبريل آخر أجل لإيداع الدخول المهنية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-23 15:25:54
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 55%

ضرائب.. 30 أبريل آخر أجل لإيداع الدخول المهنية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-23 15:25:58
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 62%

الأمراض غير السارية تقتل 85 بالمائة من المتوفين المغاربة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-23 15:25:59
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 67%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية