عِندما يضيقُ أبناءُ الثورة ذرعاً بـ"حُراسِها"!


ينقلُ أبناءُ الجمهورية الإسلامية الفتية، التي انبثقت من إرادة الشعب الإيراني، العام 1979، بعد سنوات من النضال الذي اشتركت فيه مجموعات مختلفة: إسلامية، يسارية، شيوعية، وطنية.. ينقلُ "أبناء الثورة" عن زعيمها روح الله الموسوي الخميني، قوله إن "رأي الشعب هو الميزان"!

هذه العبارة باتت بمثابة "القشة" التي يتمسكُ بها من واكبوا الأحلام الوردية، للثورة التي وعدت بالمساواة والحرية والعدالة الاجتماعية، كلما شاهدوا المركب ينحو أكثر صوبَ التشدد والانغلاق وعدم الأخذ برأي الناس، واقتصار الحكم على نخبة صغيرة، تضيق يوماً بعد آخر، كان آخر حلقاتها "الإقصائية" رفض أهلية عدد من المرشحين للانتخابات الرئاسية القادمة، يونيو 2020، وكان من بينهم شخصيات رئيسة في النظام، أبرزها الرئيس السابق لـ"مجلس الشورى الإسلامي" علي لاريجاني، والنائب الأول لرئيس الجمهورية إسحاق جهانغيري.

اعتراض ابنة الخميني!

زهراء مصطفوي الخميني، الأستاذة في جامعة "طهران"، والحاصلة على شهادة الدكتوراة في الفلسفة، اعتبرت قرار "مجلس صيانة الدستور"، باستبعاد علي لاريجاني وإسحاق جهانغيري، بالخبر الذي "لا يمكن تصديقه لرفض أهلية مسؤولي النظام، الذين بذلوا جهودًا منذ بداية الثورة وحتى الآن في خدمة الشعب والثورة"، وفق موقع "جادة إيران"، واصفة قرارات المجلس بـ"المزاجية".

مصطفوى اعتبرت أنه "لا نظام بمقدوره الصمود أمام المشاكل والمخاطر بدون الاعتماد على دعم وثقة الشعب"، وهي في ذلك تستند على مقولة والدها الشهيرة "رأي الشعب هو الميزان"، وهي ذات العبارة التي استشهد بها الرئيس الإيراني حسن روحاني في كلمة متلفزة، الأربعاء 26 مايو الجاري، مما جاء فيها "قال الإمام الراحل دائما إن صوت الشعب هو المعیار، وإن الشعب هو الذي أوصلنا الى السلطة"، مضيفاً "98% من الناس صوتوا للجمهورية الإسلامية"، متسائلاً "لماذا يتم تخفيض هذه الرقم؟ لا قدر الله أن يشعر الناس ويعتقدون بأننا نريد اتخاذ قرار بدونهم".

روحاني اعتبر أن "الانتخابات الرئاسية رمز للوعي والحرية"، وأن "تشخیص الشعب هو المعيار"، مؤكداً في حديثه أنه "إذا كانت كل قرارات البلاد لا تحظى بدعم الشعب، فلا شرعية لها".

موقف روحاني يتقاطع بشكل واضح مع موقف زهراء الخميني، ابنة مؤسس الثورة الخميني، وهو يتوافق أيضاً مع موقف سابق أطلقه السيد حسن الخميني، حفيدُ المؤسس، الذي نقلته وكالة "إسنا"، ديسمبر 2018، وترجمت "العربية.نت" أجزاء منه، جاء فيه "إن رضا الناس يشكل الأساس لأي مجتمع".

لا نظام بمقدوره الصمود أمام المشاكل والمخاطر بدون الاعتماد على دعم وثقة الشعب

زهراء مصطفوي الخميني

انتقاد عائلة الخميني، لسلوكيات عدد من أجهزة النظام، كان أيضاً أكثر وضوحاً، عندما قالت حفيدة مؤسس الجمهورية الإسلامية، زهراء إشراقي "أشعر بالعار لاعتقال رفاق درب مسيرة جدي"، وذلك في تعليق منها على الأحداث التي شهدتها إيران، عقب الانتخابات الرئاسية العام 2009، مطالبة رئيس السلطة القضائية حينها الراحل آية الله هاشمي شاهرودي بـ"عدم التهرب من مسؤولياته"، معتبرة أن "تلك المحاكمات ستجعل الشعب يفقد الثقة بالنظام"، بحسب ما نقله موقع "العربية.نت".

يشارُ إلى أن المرشد آية الله علي خامنئي، وقف دون ترشح السيد حسن الخميني، للانتخابات الرئاسية القادمة، وفق ما نقل موقع "جماران" عن ياسر الخميني، قوله "آية الله علي خامنئي طلب من حفيد الخميني عدم دخول هذا المجال في الوضع الراهن"، وهو الطلب الذي امتثل له الخميني الحفيد، رغبة في عدم الصدام مع المرشد.

شكوى لاريجاني!

آية الله صادق آملي لاريجاني، رئيس "مجلس تشخيص مصلحة النظام، والرئيس السابق لـ"السلطة القضائية" في إيران، وأحد الشخصيات الفقهية التي تنال احتراماً في أوساط علماء الدين بحوزة "قم"، اعتبر أن "سبب الاضطرابات عقب قرار المجلس، يعود إلى حد كبير إلى زيادة مشاركة الأجهزة الأمنية في اتخاذ القرارات لمجلس صيانة الدستور، من خلال تقارير كاذبة".

هذا الاتهام الواضح بـ"التضليل"، وإضافة أشياء "عن عمد" غير صحيحة، في التقارير التي ترفع إلى المجلس، لم تأت من شخصية معارضة، بل من فقيه من داخل المؤسسة، ويتولى مسؤولية في النظام، معتبراً أن شكواهُ هدفها "الحفاظ على هيبة مجلس صيانة الدستور"!

آية الله لاريجاني، يعكس في موقفه مزاج شريحة من أساتذة الحوزة العلمية، وتحديداً في "قم"، ممن يرون أن آراءهم لم تعد محترمة، وأن "الحرس الثوري" و"الأجهزة الأمنية" باتت هي من تتخذ القرارات، وتكتب التقارير، والتي ترفع للقيادات العُليا، بشكل "يحرفها عن الحقيقة"!

مُطهري الابن المُشاكس!

النائب السابق في البرلمان الإيراني علي مطهري، والذي رُفض هو الآخر قبولَ ترشحه لرئاسة الجمهورية، يعدُ أحد الوجوه "المشاكسة" في المشهد السياسي.

مطهري، هو حفيد آية الله الشيخ مرتضى مطهري، الذي اغتيل العام 1979، بُعيد أن أطلق عليه النار أفراد من "جماعة الفرقان".

يعد مرتضى مطهري أحد الأسماء الرئيسة في "الثورة الإسلامية"، ومنظريها الكبار، وأستاذاً بارزاً في الحوزة العلمية، وفقيهاً وفيلسوفاً، وعبر عنه مؤسسة الثورة آية الله الخميني بأنه "ثمرة فؤادي".

عندما قُتل المطهري، أصدر الخميني بياناً وصفه فيه بـ"الرجل الذي عزّ له مثيل في معرفة الدين الإسلامي والمعارف الإسلامية المختلفة وتفسير القرآن الكريم"، مضيفاً "فقدتُ ولداً عزيزاً، وقد فُجعت بوفاته".

أشعر بالعار لاعتقال رفاق درب مسيرة جدي

زهراء إشراقي

علي مطهري، يأتي من وسط هذا البيت الذي "يُشار له بالبنان"، كما أن الرئيس السابق لـ"مجلس الشورى الإسلامي" علي لاريجاني، نسيبُ النائب مطهري، حيث إن زوجة لاريجاني هي ابنة الراحل مرتضى مطهري.

علي مطهري، وعقب إعلان لائحة "مجلس صيانة الدستور"، قال إنه "مندهش من رفض أهلية علي لاريجاني، الذي كان منصاعاً لأوامر النظام على الدوام".

علي مطهري، وفي مايو الماضي، وجّه رسالة لمرشد الثورة السيد علي خامنئي، أكد فيها على أهمية أن تجري عملية التصويت والانتخاب من قبلِ "الشعب، وليس مجلس صيانة الدستور"، معتبراً ما يقوم به المجلس "قمعاً للمعارضين"، كما أنه "انتهاك لحرية التعبير"، بحسب ما نشره موقع "إيران إنترناشيونال".

فائزة "الساخطة"!

السياسية الإيرانية فائزة رفسنجاني، ابنة رئيس الجمهورية السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، والتي عُرف عنها نقدها الدائم لسياسات النظام الإيراني، الذي كان والدها أحد بناته الرئيسيين، قالت في حوار لها مع رئيسة تحرير موقع "إندبندنت فارسي" كاميلينا انتخابي فرد، إن "عدم مشاركة المواطنين في الانتخابات تعني إلغاء المجتمع الذي لا يصوت للأصوليين وهذه رغبتهم، لأنه إذا شارك الناس فلن يتم انتخابهم".

حديث رفسنجاني الذي سبق إعلان القائمة النهائية للمرشحين الرئاسيين، أكدت فيه أنه "إذا كانت نسبة المشاركين منخفضة، فهذا يعني أن من امتنعوا من التصويت لديهم مشكلة، وهناك رفض لم ينته، لأنهم لا يعتبرون صناديق الاقتراع مهمة تمكنهم من الوصول إلى نتائج".

رفسنجاني جاءت من بيئة سياسية تؤمن بأن "المشاركة الواسعة" هي أساس الشرعية، وأن لا قيمة لأي حُكم طالما لا يستند لرضى الشعب، لأنه ساعتها سيكون مجرد "نظام استبدادي لا أكثر".

نظرية المقبولية

القول بأن "رأي الشعب هو الميزان"، يرتكز إلى وجهة نظر طورها عدد من شخصيات التيار "الإصلاحي" في إيران، تقوم على أساس أن قبول الشعب هو ما يعطي الشرعية للسلطة الحاكمة، وأنه إذا لم تكن هنالك "مقبولية" لأي نظام، فمعنى ذلك أن الشرعية تكون مفقودة أو ناقصة، وهي وجهة نظر تناقض "ولاية الفقيه المطلقة"، المستندة على "الحق الإلهي"، وليس على "القبول الشعبي".

مندهش من رفض أهلية علي لاريجاني، الذي كان منصاعاً لأوامر النظام على الدوام

علي مطهري

يمكن الوقوف على هذا الرأي في أطروحات الرئيس السابق محمد خاتمي، في كتبه "مطالعات في الدين والإسلام والعصر" و"مدينة السياسة". وهي وجهة نظر يتبناها أيضا مفكرٌ مثل الشيخ محسن كديفر، وليس ببعيد عنها كتابات شخصيات مثل الشيخ مجتهد شبستري، الذي يُركز على "حرية الاختيار" و"الديمقراطية" كركائز أساسية في أي بيئة أو دولة أو نظام يعيش فيه "المؤمنون"، لأن "الحرية" شرطٌ لا يمكن التنازل عنه.

يوماً بعد آخر، تصطفُ أسماء مهمة من أبناء وأحفاد رجالات الثورة الإيرانية الأوائل، معترضين على ما آلت إليه الأمور داخل نظام صار يقصي المنافحين عنه.. فأن يأتي النقد من ابنة الخميني، وابن المطهري، وفقيه ابن فقيه كآية الله صادق لاريجاني.. فمعناه أنه قد "بلغ السيلُ الزبى"!

تاريخ الخبر: 2021-05-26 12:13:41
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 81%
الأهمية: 98%

آخر الأخبار حول العالم

انتخاب مكتب جديد لاتحاد المخرجين والمؤلفين المغاربة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-28 12:26:38
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 57%

غارات جوية إسرائيلية في قطاع غزة ومواجهات بالضفة الغربية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-28 12:26:40
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 63%

انتخاب مكتب جديد لاتحاد المخرجين والمؤلفين المغاربة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-28 12:26:33
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 56%

غارات جوية إسرائيلية في قطاع غزة ومواجهات بالضفة الغربية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-28 12:26:45
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية