غرامة "فولماجيدون" تشير إلى عصر تنظيمي أكثر تشددا للمؤشرات


من السهل الاستهانة بالغرامة البالغة تسعة ملايين دولار التي فرضت أخيرا على مؤشرات S&P Dow Jones واعتبارها غير ذات بال، بسبب خلل بسيط على ما يبدو في مقياس مالي صغير مقصور على فئة معينة. القضية معقدة وعمرها ثلاثة أعوام. فمن الذي يهتم؟
الواقع أنه ينبغي أن يهتم كثير من الناس بذلك. على الرغم من أن إجراءات لجنة الأوراق المالية والبورصات افتقرت إلى القوة المعهودة في تعرية عصابة تمارس التداول بناء على معلومات سرية، إلا أنه قد يتبين أنها بداية متواضعة لمحاولة طال انتظارها لمعالجة واحدة من القضايا الأقل تقديرا والأكثر تعقيدا التي تلازم الأسواق الحديثة: القوة والأهمية الصاعدة للمؤشرات، واحتكار القلة الذي يسيطر عليها.
اعتادت المؤشرات أن تكون عملا ناعسا، وغالبا ما تبدأه الصحف المتخصصة كخدمة للمشتركين. لم تكن مربحة أو مهمة أو معقدة للغاية، وكان ينظر إليها في الغالب على أنها طريقة لمحاولة قياس همة الاقتصاد. عندما أنشأ تشارلز داو في 1884، النسخة الافتتاحية من المؤشرات الشهيرة التي تحمل اسمه، كانت تتألف من تسعة أسهم للسكك الحديدية وشركة للسفن البخارية وويسترن يونيون.
بدأ عصر المؤشرات الحديث في 1957، عندما أطلقت ستاندرد آند بورز أول مقياس لسوق الأوراق المالية يتم تجميعه بشكل مستمر ويتم حسابه بواسطة الكمبيوتر. ولكن على مدار العقد الماضي، انتشرت أهمية المؤشرات، واندمجت الصناعة التي توفرها - على الأقل في الأسهم - في "الثلاثة الكبار" الواضحة. تمتلك S&P و MSCI و FTSE Russell معا حصة سوقية مجمعة تبلغ نحو 70 في المائة، وهي مربحة بشكل ضخم.
يمكن القول إنهم اكتسبوا سلطات حذرة ومتحفظة شبه تنظيمية على مساحات من الأسواق العالمية، وذلك بفضل تأثيرهم في حيث تتدفق تريليونات من دولارات الاستثمار. تحولت المؤشرات من كونها لقطات سريعة للأسواق إلى قوة تمارس نفوذها عليها - بفضل 15 تريليون دولار الموجودة الآن في صناديق الاستثمار السلبي.
يسعى موفرو المؤشرات إلى أن يكونوا متسمين بالعدل والمتانة والاعتماد على القواعد قدر الإمكان، وغالبا ما ينظر إلى المؤشرات على أنها انعكاسات موضوعية ورياضية للأسواق. ومع ذلك، فإن المؤشرات هي أيضا ذاتية بشكل لا مفر منه، حيث يقرر مقدمو الخدمة شروط التضمين والاستبعاد والأوزان النسبية.
في الوقت الحاضر، هذه قرارات لها عواقب ضخمة. وما يؤكد أهميتها المتزايدة، عانت الصناعة في العام الماضي من أول فضيحة تداول استنادا إلى معلومات سرية، عندما اتهمت هيئة الأوراق المالية والبورصات أحد موظفي S&P بتحصيل 900 ألف دولار عن طريق التداول قبل التعديلات على المؤشرات التي أشرف عليها.
الحالة الأحدث معقدة. ببساطة، فرضت هيئة الأوراق المالية والبورصات غرامة قدرها تسعة ملايين دولار على ستاندرد آند بورز لنشرها لفترة وجيزة أسعارا "قديمة" لمؤشر يدعم صندوقا شائعا مرتبطا بالتقلب يعرف باسم XIV عندما انهار في 5 فبراير 2018، وهو يوم تداول عاصف أطلق عليه لاحقا اسم "فولماجيدون" ". في بيان، لم تعترف S&P DJI بالتهمة ولم تنفها، لكنها قبلت الغرامة وقالت إنها "تأخذ هذه الأمور على محمل الجد وتلتزم بالشفافية ونزاهة عملية تحديد المعيار".
كانت المشكلة المركزية تتمثل في آلية تسمى "الحجز التلقائي" التي يتم تشغيلها عندما تتحرك الأسعار بشكل عنيف بشكل غير عادي، وبمنزلة ميزة لم يتم الكشف عنها علنا ولم يتم تجاوزها في اليوم من قبل S&P. بعبارة أخرى، كانت حالة خاصة إلى حد ما. ومع ذلك، هناك تلميحات إلى أنه قد تكون لها آثار أوسع.
على سبيل المثال، وجدت لجنة الأوراق المالية والبورصات أنه في اليوم المعني، كان أحد مديري المؤشر المسؤولان عن مؤشر XIV خارج المكتب، تاركا شخصا واحدا فقط يراقب "آلاف المؤشرات". حتى النقابة الخاصة بالصناعة تقدر أن هناك الآن أكثر من ثلاثة ملايين معيار مالي يتم الحفاظ عليها بشكل مستمر من قبل أعضائها، ما يعني أن الموارد يمكن أن تتضاءل.
في معظم الأوقات، هذه ليست مشكلة. تجري مراقبة المؤشرات الأكبر والأكثر أهمية مثل إس آند بي 500 بشكل أكثر جدية من المؤشرات المتخصصة، مثل XIV المرتبط بالتقلب. مواطن الخلل الطفيفة نادرة بشكل استثنائي. ولكن كما لاحظت مفوضة هيئة الأوراق المالية والبورصات هيستر بيرس في معارضتها لغرامة ستاندرد آند بورز، فإن قرار اللجنة "يلمح إلى قلق أعمق وغير معلن" من أن موفري المؤشرات لا يخضعون لإطار تنظيمي مصمم بشكل صريح لأنشطتهم. والجدير بالذكر أنه حتى بيرس، المعينة الجمهورية التي عارضت في كثير من الأحيان اليد الطولى التنظيمية، قالت إنها منفتحة على استكشاف إطار من هذا القبيل.
ينظم الاتحاد الأوروبي الآن هذه الصناعة، ويشير إجراء لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية إلى أن هيئة الرقابة الأمريكية ربما تفكر في إلغاء "استبعاد الناشر" الذي يحمي موفري المؤشرات من اللوائح والواجبات القانونية المرهقة لمستشار الاستثمار الرسمي.
من الصعب تحديد ما إذا كان هذا هو النهج الصحيح. مجرد جعل موفري المؤشرات مسؤولين ائتمانيا لن يحل بالتأكيد المشكلات الأكثر تعقيدا، ويمكن أن يؤدي إلى مشكلات جديدة. ومع ذلك، لا شك في أن كتب القواعد تحتاج إلى تحديث لتكون دلالة على الواقع الحديث.

تاريخ الخبر: 2021-05-27 01:23:53
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 30%
الأهمية: 38%

آخر الأخبار حول العالم

مولودية وجدة يعلن دعمه لنهضة بركان بعد أحداث الجزائر

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-20 12:25:59
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 60%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية