شهد النزاع الليبي انفراجة سياسية منذ 5 فبراير/شباط الماضي، بعد أن انتُخبت سلطة تنفيذية موحدة مهمتها الأساسية قيادة البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية مقرَّرة في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

ومنذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020، برعاية الأمم المتحدة، لا يعكّر صفو الأجواء اللليبية إلا خروقات مليشيا حفتر من حين إلى آخر.

الجيش الليبي يرصد

رصد الجيش الليبي منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار حتى الآن (ظهر الجمعة) 74 رحلة لطيران أجنحة الشام السورية التي تنقل المرتزقة من ‎سوريا إلى حفتر، حسب سلسلة تغريدات نشرها المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" عبر صفحته في تويتر.

ويقول الجيش الليبي إن "طائرات طيران الشام تقلع من مطارَي دمشق وقاعدة حميميم الروسية في ‎اللاذقية، وتهبط شرقي البلاد في مطار بنينا بمدينة ‎بنغازي (شرق) أو قاعدة ‎الخادم الإماراتية جنوب ‎المرج".

وفي وقت سابق الجمعة، حذّر نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي عبد الله اللافي في بيان، من "التصرفات العسكرية الأحادية" التي من شأنها "إعادة تأجيج الصراع وعرقلة العملية السياسية" في البلاد، عشية إعلان مليشيا حفتر، إقامة عرض عسكري ضخم في بنغازي السبت.

ورغم ترحيب مليشيا حفتر بانتخاب السلطة الانتقالية، فإنها لا تزال تعمل بمعزل عن الحكومة الشرعية، كما يطلق حفتر على نفسه لقب "القائد العام للجيش الليبي"، في تجاهل للقائد الأعلى للجيش رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، فيما سيكون الدبيبة والمنفي في زيارة خارجية لكل من الجزائر وتونس على التوالي في نفس اليوم الذي ستجرى فيه مناورات مليشيا حفتر.

حفتر لا يزال يمارس إجرامه

وأبلغت المدّعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، مجلس الأمن الدولي في وقت سابق، بأن مكتبها لا يزال يتلقى تقارير ذات مصداقية وموثوقة عن جرائم "اختفاء قسري وقتل وعنف جنسي" يُزعَم ارتكابها على يد قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وتابعت: "تلقينا تقارير ذات مصداقية تفيد بمحاكمة أشخاص في محاكم سرية بشرقي ليبيا وإصدار عقوبات الإعدام بشأنهم، وهذه المحاكمات تخلو من أي ضمانات للمحاكمة العادلة، ولدى مكتبي وثائق ومواد أخرى تدعم هذه التقارير".

وتواجه مليشيا حفتر اتهامات باختطاف البرلمانية الليبية سهام سرقيوة (57 عاماً)، منذ 17 يوليو/تموز 2019، من منزلها في مدينة بنغازي (شرق)، إثر مطالبتها بوقف عدوان لهذه المليشيا على العاصمة طرابلس (غرب) آنذاك.

وأعلن الجيش الليبي، السبت الماضي، مقتل الشاب علي محمد جمعة، من قبل مليشيا حفتر في مدينة سوكنة التابعة للجفرة (وسط).

ولم يتوقف رصد الجيش الليبي لخروقات حفتر، إذ أعلن الجيش الليبي رصد خرق آخر لاتفاق وقف إطلاق النار من الطيران الداعم لمليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بعد رصد طيران حربي ومروحي في سماء الجفرة (600 كلم جنوب شرق طرابلس).

ويأتي ذلك في تعارض ونقض لاتفاق (5+5) لوقف إطلاق النار الموقع في جنيف نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ تضم اللجنة العسكرية المشتركة 5 أعضاء من الحكومة الليبية المعترَف بها دولياً، و5 من مليشيا حفتر.

محاولة إثبات وجود

يأتي العرض العسكري لحفتر والخروقات المتكررة في سياق محاولات إثبات وجوده بطريقة أو بأخرى في المشهد، حسب مراقبين. كما يهدف إلى إحراج الحكومة و المجلس الرئاسي وإحراج المجتمع الدولي الذي يدعم السلطة التنفيذية الجديدة وإخراج المرتزقة.

كما أشار رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة في تصريح لافت في وقت سابق، إلى وجود "مَن يسعى لإشعال فتيل الحرب في ليبيا مجدداً".

وقال مبعوث رئيس حكومة الوحدة الوطنية الخاص إلى الولايات المتحدة محمد علي الضراط، لقناة “إن بي سي نيوز" الأمريكية، إن الولايات المتحدة والدول الأخرى بحاجة إلى معالجة وجود المقاتلين الأجانب ومسألة حفتر، مشدداً على ضرورة إخضاع الشركات التي تدعم حفتر بالأسلحة للمساءلة من خلال عقوبات أمريكية أو غربية.

يأتي هذا في ظل حراك من حفتر ومليشياته لإعادة توزيع تمركز القوات التابعة له في منطقتي سرت والجفرة على الأرض، وسط تقارير تؤكد أن قوات حفتر تواجه صعوبات في إقناع بعض فصائل المرتزقة بترك مواقعها والانسحاب إلى مواقع أخرى في الجنوب.

TRT عربي