أزمة ماليّة صيفية طاحنة تنتظر النصر والأهلي والاتحاد في موقف يُنبئ عن وجود حالة من التراكم المالي والخلل الشديد. والأندية الثلاثة الكبيرة تحتاج إلى نحو مليار ريال كي تبدأ موسماً جديداً وتسوية أمورها دونما مشاكل.
والأمر صعب لا شك، ومجالس الإدارات أمامها مسيرة طويلة للخلاص من الديون والمستحقات، والحمل كل الحمل عليها وعلى وزارة الرياضة. فالأندية السعودية جميعها ترزح تحت وطأة الاختلال وهي مليئة بالفجوات والغموض من حيث الرصد والرقابة والميزانيات، كما أنها تكاد تكون معدومة تماماً من ناحية ملكية الأصول وتنوّع الاستثمارات، والعمل التسويقي لديها ضعيف للغاية ولم يحقق شيئاً يذكر على صعيد تنمية الخزينة الخاصّة. وفي ظلّ إجراءات الحوكمة المطبّقة من الجهة الحكومية ومع الضخ المالي الكبير من الحكومة على الرياضة بعمومها والأندية بخصوصها تبرز الكثير من الأسئلة حول أسباب حدوث كل هذا الانحدار المالي السحيق وضياع المال والوقوع المتكرر في مسالك القانون والتورّط في قضايا وصل بعضها إلى المؤسسة الدولية لكرة القدم.
ومع تسلسل الأخطاء من إدارة متبوعة بإدارة ومع دخول وخروج أسماء إدارية واضحة أو وهمية في دائرة كل ناد فإن الملفات يجب ألَّا تموت وتختفي في الأدراج، وعلى كل مسؤول أن يبادر إلى فتح كل طريق غامض، والإيقاع بكل من أطلق ساقيه للريح فكاكاً أو هروباً من المسائلة والتدقيق.
وإذا تم التعامل مع الأمور على أنها “أخطاء” لا “جرائم” فإن المعالجة لم تتم حتى اليوم رغم ظهور العجز واتضاح مسبّباته سواء كان ذلك عبر أشخاص أو تشريعات، وكل من أحدث ضرراً لناديه بقصد أو غيره فإنه لم يُستدعَ ولم يُحاسب ولم توضع خطوات العلاج أمام أحد. وربما أن الصمت حيال كل شيء جاء لاعتبارات مرحلية، ولبناء مناخ قائم على التعدديّة في المنافسة وتوسيع رقعة المُشاركة ولتقديم صورة مختلفة لديها إطار تشاركي دولي، لكنّ ذلك كُلّه لا يُعفي أحداً، ولا يمنع من تقدّم المشروع، ولن يخدش أبداً البريق الذي يلمع من مركزنا الآن. إن مدّ اليد للبذل والعطاء ستقابله أيادٍ تخفي ما تأخذ إن لم تكن الإجراءات تحت الضوء ووفق أداء محكوم بمعاقبة الآخذ بغير وجه حق. لقد تجاوزنا الكثير مما كان يعيق حركتنا، وأصبحنا أكثر رشاقة في السير نحو الإنجاز، لكن عقبة المشروع فيمن لم يعِ ولم يلتزم ويريد أن يبقى على نمط قديم مُقدّماً أساليبه على حساب المنهج.
*نقلاً عن الرياضية السعودية
