مجزرة «أبو حزام» بقنا.. «سلسال الدم» يتجدد في الصعيد 


 خالد عثمان

«نجع المعلا» بمحافظة قنا تكتوى بنار جرائم الثأر وتلقب بـ «نجع الأرامل»

شيخ الأزهر يشكل لجنة عليا للمصالحات وإنهاء الخصومات

فتحت مجزرة أبو حزام بنجع حمادي محافظة قنا عودة شبح ملف الثأر من جديد، ليتواصل سلسال الدم بين القبائل والعائلات؛ حيث شهدت القرية مقتل 10 أشخاص بينهم أطفال ونساء وإصابة 17 شخصًا لا ذنب لهم وذلك بعد تجدد الاشتباكات بين عائلتي العوامر والسعدية استخدمت فيها أنواع متعددة من الأسلحة النارية المختلفة.

بدأت القصة بمقتل أحد أفراد العائلتين قرر أقاربه بضرورة أخذ الثأر من أفراد العائلة الأخري وتجهيز الأسلحة وانتظروا ميكروباص علي الموقف وأطلقوا النيران بطريقة عشوائية وأسفر الحادث عن مقتل: نور الدين عبد الشافي 65 سنة، ويوسف مسعود 15 سنة، وحنان حامد 20 سنة، وفتحي عمر 30 سنة، وعبدالشكور عبدالراضي 49 سنة، وعدي حسن أحمد 45 سنة، وهدي سعيد 8 سنوات، ومحمد سيد 22 سنة، وإصابة كل من هدية شحات 27 سنة، بطلق ناري بالجانب الأيمن، وأيوب وليد أبو الحجاج 5 سنوات، بطلق ناري في الساق اليمني، وعلاء عبد الصبور 41 سنة بطلق ناري في الرأس، وناجح مسعد 15 سنة بطلق ناري في الظهر، وصابرين أحمد 47 سنة .

وتعود تلك الخصومة بين العائلتين إثر خلافات قديمة علي ملكية أراضي زراعية وتتجدد تلك الخلافات والنزاعات من وقت لآخر بالرغم من تدخل لجان المصالحات والأجهزة الأمنية أكثر من مرة لإنهاء تلك الخلافات, وبالرغم من جهود الدولة بجميع أجهزتها لوأد قضايا الثأر والصلح وتأتي علي رأس تلك الأجهزة وزارة الداخلية وتوجيهات اللواء محمود توفيق وسعيها الدؤوب لإنهاء الخصومات الثأرية لوقف نزيف دم الأبرياء الذين يدفعون حياتهم ثمنًا لعادات وتقاليد تخالف الشرع والقانون، وكذلك توجه الدولة ممثلة في وزارة التنمية المحلية إلى المحافظين بمختلف المحافظات بضرورة حصر الخصومات الثأرية وتشكيل لجان مصالحات شعبية وتنفيذية لإنهاء الخصومات انطلاقا من الحرص علي حقن الدماء.


وإيماناً من الأزهر بضرورة إيجاد حلول نظرًا لمكانته الكبيرة واحترام في قلوب المصريين، قرر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر تشكيل لجنة عليا للمصالحات والتي تعمل جاهدة علي إنهاء تلك الخصومات وتضم في عضويتها 11 من كبار العلماء بهدف رأب الصدع ومحو أثار الفتن وحقن الدماء والحفاظ علي أمن واستقرار الوطن وذلك عن طريق إنشاء لجنة عليا للمصالحات للمتابعة وأصبح في حوزتها جميع قضايا الثأر علي مستوي الجمهورية.

"الأخبار المسائي" رصدت أهم قضايا الدم والنار والتي شغلت الرأي العام لعدة سنوات؛ حيث رصدت أشرس الخصومات الثأرية التي شهدها صعيد مصر منها صراع قرية كوم هتيم بين عائلتي الطوايل والغنايم بمركز أبوتشت محافظة قنا والذي راح ضحيته 17 قتيلًا بسبب خلاف علي كارت شحن هاتف محمول, وفي مركز أبنوب بمحافظة أسيوط سجلت عائلات العسيرات رقماً قياسياً في عدد ضحايا الصراعات الثأرية التي نشبت بينهم والذي وصل لأكثر من 200 قتيل منذ بداية الخصومات والتي بدأت عام 1950 .

أما مذبحة بيت علام الشهيرة في سجل سلسال الدم والنار وذلك بين عائلتي عبد الحليم والحناشات في أغسطس 2002؛ حيث يعتبر ذلك الحادث أكبر عملية ثأر وأكثرها دموية والذي راح ضحيته 22 قتيلًا من أفراد عائلة الحناشات، وتحرك علي إثرها عدد كبير من نواب سوهاج وصل لـ  28 نائبًا للتحرك والتوسط لعمل الصلح بين العائلتين بعد عملية دفن جماعي لضحايا المجزرة، إثر قيام عدد من أفراد عائلة عبدالحليم بإطلاق نيران من الكلاشينكوف علي سيارتين مملوكة للعائلة الأخري أسفر عن المجزرة وأطلق الجناة أكثر من 500 رصاصة من مسافة لاتتعدي مترين وثلاثة أمتار.

وفي أسوان أوقدت نار الفتنة والقبلية والحرب الثأرية بين قبيلتي الدابودية والهلالية في أبريل 2014 والتي أسفرت عن مقتل 28 شخصًا وإحراق عدد من المنازل حتى تجددت الاشتباكات مرة أخري في يونيه 2014 أسفرت عن مقتل شخصين مما دعا شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب إلي التدخل السريع للصلح بين القبيلتين.

وفي مركز البداري بمحافظة أسيوط يعتبر الصراع بين عائلتي النواصر وزناتي واحدة من أقدم الصراعات في مركز البداري وفي أسيوط عامة والذي يعود لعام 1947 بالرغم من وصول الضحايا لأكثر من 27 قتيلًا. ويعد «نجع المعلا» بقرية الحجيرات بمحافظة قنا أحد الأمثلة الصارخة علي جرائم الثأر, الأمر الذي دفع أهالي قنا لإطلاق لقب ( نجع الأرامل ) إذ لايخلو منزل من وجود أرملة أو طفل يتيم, ويعيش الغالبية العظمي من الرجال مطاردين في الجبال هروبًا من أيدي العدالة أو هربًا من عملية الثأر.

وتقول الدكتورة سمر يسرى مدرس الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا: منذ الثمانينات وبداية دخول الإعلام المحلى مصر ونحن نحاول من خلال الإذاعة المصرية وبالتحديد إذاعة شمال الصعيد وجنوب الصعيد حل مشكلات العديد من قضايا الثأر فى صعيد مصر، بل وقامت الإذاعات المصرية فى ذلك الوقت بجهود كبيرة فاقت الجهود الأمنية فى حل هذه الإشكالية وقتها، فكان للإعلام وماسبيرو وإعلامييه فى ذلك الوقت المصداقية والاحترام عند أهالى قرى الصعيد ،وكان يتم تصالحهم على الهواء مباشرة من عمليات تقديم الكفن إلى آخره من طقوس يفدى بها الرجل نفسه ويمارسها أمام أفراد العائلة الأخرى، وكانت كلمتهم واحدة احترامًا للمذيع أو مذيعة البرنامج فيتوقف نزيف الدم،.

هذا كان حال الإعلام المصرى فى الثمانينات والتسعينات، وظهور القناة السابعة والثامنة التليفزيونية الموجهة مباشرة لتنمية وخدمة تلك المناطق وكان يختار المذيعين لهذه القنوات  من أبناء الصعيد وبلهجتهم الصعيدية ليكونوا قريبين منهم وقادرين أكثر على إقناعهم. وكان دور الإعلام المصرى المحلى قبل الألفية الجديدة، وإلى الآن يتوقف الدور الأمنى للداخلية فى حل مشكلات الثأر على أن يتم حرز الأسلحة ومحاولات المنع التى قد تؤخر أحيانًا الجريمة ولكن لاتوقفها، الثأر هو فكرة تتحول إلى جريمة ولمحاربة الجريمة لا بد أن تحارب الفكرة ولاتحارب الأفكار وتتغير الصورة الذهنية إلا من خلال الإعلام المحلى والتنموى والاهتمام به، كذلك الاهتمام بما يقدم من دراما تليفزيونية يتأثر بها الشباب والأسر، فمثلا مسلسل نسل الأغراب فى رمضان الماضى من وجهة نظرى حبكته الدرامية لم تخدم فكرة القضاء على الثأر بل جسدته بوحشية طوال 29 حلقة حرب وانتقام ودم ثم يتم القبض على الجانى فى الحلقة الأخيرة دون دروس مقدمة فى كل حلقة ، فهذه المسلسلات التى نستخف بأثرها خطأ كبير لأنها تكاد تكون من أقوى الأسلحة الموجهة لهذه القرى .

وتشير دكتورة سمر يسرى مدرسة الإعلام بجامعة مصر إلى أن تغيير الأفكار لاياتى إلا بخطط طويلة الأمد خاصة لو كانت الفكرة المسيطرة هناك أن عدم الأخذ بالثأر عار ولايجعلك من الرجال وتُطرد من قبيلتك، هى أفكار بالية تحتاج إلى خطاب دينى قوى فى هذه القرى وتحتاج إعلام  وتعليم بنفس القوة وبجودة عالية، فالإعلام والتعليم هما شرطان أساسيان للمساعدة على التخلص من تلك الأفكار إلى جانب دور الدراما الكبير فى حل هذه المشكلة، من خلال تقديم مسلسلات عن الشباب الصعيدى المتفتح؛ حيث إن منهم الأطباء والمهندسين، لماذا نصورهم دائمًا بالجلباب وبفكر ليس به أى منطق، لا بد أن نغير فكرتنا عن الصعيد وشبابه وأهله حتى تتغير الصورة الكلية عنهم فى الدراما والإعلام.

وكشفت رسالة ماجستير في كلية الآداب بجامعة المنصورة قسم علم الاجتماع، بعنوان «الرؤية المجتمعية والقانونية لظاهرة الثأر في محافظة قنا» دراسة ميدانية على مركز دشنا، للباحث حسام الدين جابر عبدالموجود، الكثير من الظواهر المدمرة لعادة الثأر في الصعيد, الذى أوضح في دراسته أن الهدف الرئيسي من الدراسة التعرف على الرؤية المجتمعية والقانونية لظاهرة الثأر في المجتمع المصري وبخاصة في صعيد مصر، وأن الدراسة طبقت بشكل فعلي على 251 عينة مفردة من سكان قرية الصعايدة التابعة لمدينة دشنا، شمالي قنا.

وكشفت عن الآثار السلبية الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على انتشار عادة الثأر الذميمة التى تقتلع الأخضر واليابس خاصة في محافظة قنا، وأن الثأر في الصعيد أصبح بمرور السنوات ممارسة اجتماعية لها مكوناتها وتقاليدها وهو الوجه الآخر لدى البعض الذي يمثل هيبة العائلة وكرامتها داخل مجتمعها. ويلفت الباحث أن جريمة الأخذ بالثأر من الجرائم التي تؤثر على المجتمع ككل، وتؤثر على أمنه، وكذلك يؤدي الأخذ بالثأر إلى تفكك الروابط وانهيار القيم الاجتماعية وزيادة الشعور بالكراهية والانتقام بين أفراد المجتمع.

اقرأ أيضا| مالك شقة «المقتنيات الثمينة والتحف» بالزمالك يصدر بياناً حول المضبوطات: كلها ملكى

تاريخ الخبر: 2021-06-04 03:21:14
المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 52%

آخر الأخبار حول العالم

هل تشتعل جبهة جنوب لبنان ؟ - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-25 06:23:34
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 55%

نجاة 20 طفلاً مصرياً استنشقوا غاز كلور داخل نادٍ - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-25 06:23:37
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 57%

ما حقيقة نجاة امرأة سقطت من ارتفاع 15 ألف قدم؟ - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-25 06:23:35
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 51%

أمطار رعدية على 5 مناطق السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-25 06:23:39
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية