مختصون في المؤتمر الدولي الافتراضي حول المخاطر النفسية في العمل: دعوة لوضع قوانين تضمن الحماية و المرافقة النفسية و الاجتماعية للعامل

دعا  أمس ، باحثون و أستاذة من داخل و خارج الوطن، خلال مداخلاتهم في فعاليات المؤتمر الدولي الافتراضي حول المخاطر  النفسية و الاجتماعية  في العمل،  الذي تحتضنه كلية الحقوق بجامعة قسنطينة 1 الإخوة منتوري، على مدار يومين، إلى ضرورة تدعيم الترسانة القانونية في الجزائر، بمواد و تشريعات تضمن حماية العامل و الموظف من  التعرض للمخاطر النفسية و الاجتماعية، داخل الوسط المهني، مؤكدين وجود فراغ كبير في هذا المجال، مما يتسبب في  مشاكل أصبحت تؤثر بشكل واضح على حياة الموظف، و تؤدي إلى تراجع أدائه المهني ، كما تلقي ظلالها على سلامته البدنية و العقلية ، و حتى على علاقته مع المجتمع.
الدكتور نصر الدين سمار ، أستاذ التعليم العالي بجامعة باتنة، أوضح في محاضرته التي ألقاها بتقنية الزووم بعنوان « المخاطر النفسية و الاجتماعية المترتبة عن العمل» ، وجود فراغ قانوني في ما يخص أسباب المشاكل النفسية لدى العمال،  كما أن هناك صعوبات كبيرة في مواجهة هذه المخاطر قانونيا، و انعكاساتها الوخيمة على المجتمع، و كذا على المؤسسات ، بسبب تكرار الغيابات و تذبذب نسق  العمل ، ما  يكلف صندوق الضمان الاجتماعي خسائر مالية جراء دفع التعويضات.
كما أقر بوجود صعوبات في التعاطي  مع هذه المخاطر من الناحية القانونية،  في ظل نتائجها الوخيمة على قطاع الشغل،  فمثلا في فرنسا تم في  سنة 2011 تسجيل عديد حالات الانتحار في فترة وجيزة، بين الموظفين بشركتين كبيرتين، هما «الفرنسية للاتصالات» و شركة النقل بالسكك الحديدية،  ما دفع وزير العمل آنذاك إلى فتح تحقيقات موسعة حول الأسباب التي دفعت بعدد من العمال، لوضع حد لحياتهم ، فاتضح أن الضغوطات النفسية في العمل هي السبب.
حسب الأستاذ نصر الدين سمار، فإنه يمكن حصر أسباب تعرض الموظف لمخاطر نفسية و اجتماعية، في ستة عوامل رئيسية ، تتعلق أساسا بالظروف العامة طوال ساعات العمل ، عدم استقلالية العامل ، تدهور العلاقات المهنية ، تضارب القيم ، الخوف من المستقبل المهني، و عدم احترام و تقدير الموظف داخل مؤسسة العمل،  مؤكدا أنه من المهم جدا احتواء الظاهرة من الناحية القانونية، و العمل على تنظيم بيئة العمل لحماية الصحة العقلية و النفسية للعامل.
العمل عن بعد خلال الجائحة خلص العامل من الكثير من الضغوط
من جهته أكد البروفيسور جون ميشال سارفي  من جامعة  مونتسكيو بوردو في فرنسا، أن التقليص من  حدة المخاطر النفسية و الاجتماعية على العمال في بيئة عملهم، تستدعي  المرافقة النفسية و الاجتماعية، مضيفا أن القضية عالمية و هي في تفاقم مستمر و تستدعي دق ناقوس الخطر، إلا أن الأزمة الصحية العالمية بعد اجتياح فيروس كورونا للعالم ، أظهرت أهمية تبني  نمط جديد في سوق العمل يتمثل في العمل عن بعد،  باستخدام الوسائط الرقمية في الكثير من القطاعات ، ما من شأنه تخليص الموظف من الكثير من الضغوط.
 بينما  ذهب الدكتور باديس بومزبر من كلية الحقوق بجامعة قسنطينة1 الإخوة منتوري ،  في محاضرته « المقاربة الفكرية حول مخاطر النفسية و الاجتماعية في بيئة العمل «، أن ضمان تأمين اجتماعي حول هذه المخاطر، أضحى ضروريا و يستدعي إعادة النظر في قانون العمل و الضمان الإجتماعي ، و تقديم ضمانات عالية لحماية الصحة النفسية و الاجتماعية للعامل ، و منحه الحق في بيئة مهنية سليمة ،تحافظ على سلامته النفسية و العقلية ، و الابتعاد عن النظرة السائدة  في الجزائر التي تحصر ما يلحق الموظف من اضطرابات نفسية و عقلية داخل الإطار المهني، ضمن العوامل الفردية.
 و ألح المتحدث على ضرورة  تكثيف الدور الرقابي للجان الضمان الإجتماعي داخل الوسط المهني،  للتحري عن الأسباب و الدوافع الحقيقية لهذه الاضطرابات، و الاستعانة بمختصين نفسانيين لتشخيص هذه الأمراض ،و تخصيص دورات لتكوين الموظف حول آليات الحماية من هذه المخاطر ، مع توفير الدعم و المساندة له و فتح قنوات حوار داخل المؤسسات ، و تقدير مؤهلات كل موظف،  و العمل بمبدأ تغيير المناصب و المسؤوليات،  لمنح الثقة النفسية للموظف.
أما الدكتورة مسيكة محمد صغير من جامعة  تيسمسيلت ، فركزت في مداخلتها على أهمية إدارة  المخاطر النفسية و الاجتماعية، كنطاق جديد للحماية القانونية للعامل ، و ترقية حقه في الرعاية النفسية  عبر الاهتمام بالجانب التشريعي .
و ترى المحاضرة أن أغلب الضغوطات التي يتعرض لها الموظف تحدث جراء الإستراتيجيات العرجاء  لقانون العمل ، التي أنتجت ظاهرة جديدة استفحلت بين الموظفين و العمال، وهو الاحتراق النفسي ، الذي يعد رد فعل طبيعي جراء التعب و الإرهاق و الانهيار الجسدي ، الذي يتحول إلى إرهاق نفسي ، بفعل عدة عوامل مهنية محضة ،  نتيجة الاستنزاف و الإنهاك ، و عموما  يصيب الموظفين الاكثر التزاما بعملهم ، فتسود لديهم حالة من عدم الرضا الوظيفي و الشعور الدائم بالسلبية، وعدم القدرة على العطاء ، و العجز الوظيفي، و تتلخص جميع هذه العوامل في  الاحتراق الوظيفي ، وهو عموما حالة عرضية يمكن علاجها بتوفر العديد من الشروط داخل البيئة المهنية، كالاستقلالية ، و دعم الزملاء ، غير أنه في حال إهمالها قد تتفاقم بما يهدد قطاع العمل و حياة العامل و تصبح حافزا للتوقف عن العمل، و حتى الموت المفاجئ ، لتأثير الصحة النفسية على وظائف الجسم، دون تجاهل تنامي خطر الانتحار بين المهنيين.
و يذكر أن فعاليات هذا المؤتمر الدولي حول المخاطر النفسية و الاجتماعية في الوسط المهني، تتواصل إلى غاية اليوم ، بتقديم مداخلات أساتذة و باحثين من تونس و فرنسا و الكاميرون و مالي ، و كذا من عدة جامعات جزائرية ،على غرار بجاية و البليدة و باتنة.
وهيبة عزيون

تاريخ الخبر: 2021-06-30 12:26:49
المصدر: جريدة النصر - الجزائر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

كأس إنجلترا.. الشك يحوم حول مشاركة هالاند أمام تشلسي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-20 00:26:17
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 59%

تونس.. إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-20 00:26:10
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 67%

كأس إنجلترا.. الشك يحوم حول مشاركة هالاند أمام تشلسي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-20 00:26:12
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 58%

تونس.. إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-20 00:26:05
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 68%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية