قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالمحسن بن محمد القاسم - في خطبة الجمعة – : حب الصحابة دين وقربة وكل خير فيه المسلمون إنما هو ببركة ما فعله الصحابة الذين بلغوا الدين والله خص الخلفاء الراشدين بفضائل لم يختص بها غيرهم، شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهدى والرشاد وأمر باتباع سنتهم ولزوم طريقهم.

وأضاف : خلق الله الخلق وفاضل بينهم وخير العباد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فاصطفاه الله لنفسه وابتعثه برسالته، وخير صحب للرسل أصحاب نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وخيرهم خلفاؤه الأربعة من بعده، وأكملهم وأعلاهم منزلة الصديق الأكبر ثم عمر الفاروق ثم ذو النورين عثمان ورابع الأربعة العظماء أبو الحسن علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، كناه صلى الله عليه وسلم بأبي تراب.

وتابع : كان في حجر النبي صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام فتربى في بيته وبادر إلى الإسلام وهو دون عشر سنين وكان أهل مكة يضعون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ودائعهم لما يعلمون من صدقه وأمانته فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يهاجر أمر عليا رضي الله عنه أن يتخلف عنه بمكة حتى يؤدي عنه الودائع التي كانت عنده للناس فلما أداها هاجر رضي الله عنه إلى المدينة وزوجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة رضي الله عنها وأعانه في جهازها، شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة أكثر من مرة وأخبر أنه من الشهداء وأنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله وكل مؤمن تبع النبي صلى الله عليه وسلم فهو منه، وكما قال الخليل عليه السلام : " فمن تبعني فإنه مني "، وتأكيدا لإيمان علي رضي الله عنه قال له النبي عليه الصلاة والسلام : " أنت مني وأنا منك ".

وأضاف : المؤمنون يتولون الله ورسوله الموالاة المضادة للمعاداة وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن عليا من المؤمنين الذين يتولون المؤمنين ويتولونه، فقال : " من كانت مولاه فعلي مولاه "، قال شيخ الإسلام رحمه الله : في هذا الحديث إثبات إيمان علي في الباطن، ولما نزل قوله سبحانه : " فقل تعالوا ندعوا أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم "، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا وقال : " اللهم هؤلاء أهلي "، حبه علامة إيمان وبغضه علامة نفاق، قال علي رضي الله عنه : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلي ألا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق، وهذا نضير قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق ".

وقال : بلي في خلافته بفئة جعلته إلها فحرقهم وبلي بطائفة كفرته فقاتلهم كان متقللا من الدنيا معرضا عن زهرتها وفتنتها، ولشجاعته وقوة شكيمته لم يقتله الخوارج إلا غدرا فقتل شهيدا رضي الله عنه وهو خارج إلى صلاة الفجر ولم يخلف من متاع الدنيا شيئا، قال الحسن بن علي بعد قتل علي رضي الله عنهما : ما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبعمئة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم لأهله.

وأضاف : كما خص بعض الصحابة بمناقب خاصة، فكذلك اختص عامتهم بالفضل ممن كان منهم من أهل السابقة والمشاهد العظيمة فمن أنفق من قبل صلح الحديبية وقاتل أفضل ممن أنفق من بعده وقاتل، والمهاجرون مقدمون على الأنصار، والله قال لأهل بدر : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، ولا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة بل قدر رضي الله عنهم ورضوا عنه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمن شهد الحديبية : " أنتم اليوم خير أهل الأرض "، والله وعد جميع الصحابة بالجنة قال سبحانه : " كلا وعد الله الحسنى "، أي الجنة قال ابن حزم : اتفق العلماء على أن جميع الصحابة في الجنة.