على الرغم من جائحة كورونا وتبعاتها السلبية التي ألمت بالاقتصادات العالمية، إلا أن صناعة اليخوت الفارهة ازدهرت وازداد الطلب من أجل اقتناء أفخم اليخوت على غير المتوقع، وأضحى أغنياء العالم يفضلون السفر والإقامة على متن قصورهم التي تمخر عباب البحار على المنتجعات السياحية الفاخرة، لا سيما مع انتشار فيروس كوفيد 19 وما تبعه من إغلاقات طالت قطاع الخدمات والسياحة.

وعند الحديث عن سياحة اليخوت الفارهة، تحل مدينة بودروم الواقعة في ولاية موغلا جنوب غرب تركيا، بلا منازع صدارة ترتيب الوجهات المفضلة للأغنياء من محبي اليخوت في البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجه. فخلال فترة جائحة كورونا والقيود التي طبقتها بعض البلدان الأوروبية الواقعة على البحر الأبيض المتوسط، استقبلت بودروم ما لا يقل عن 60 يختاً سياحياً فاخراً لأغنى أغنياء العالم، والتي تقدر قيمتها بمئات ملايين الدولارات.

وبودروم التي يطلق عليها لقب " لؤلؤة السياحة التركية " تعد جنة الأغنياء والوجهة الأولى للمشاهير الأتراك والأجانب، ومنطلق للمسابقات الرياضية العالمية المختصة باليخوت والقوارب الشراعية، وذلك بفضل ما تحويه من شواطئ رملية ساحرة للغوص والسباحة وموانئ لليخوت الكبيرة والفارهة وأماكن الترفيه والسهر.

بودروم.. التاريخ والطبيعة

على صغر بودروم المطلة على بحر إيجه والتابعة لولاية موغلا جنوب غربي تركيا، إلا أنها تملك من التاريخ والمناظر الطبيعية والسواحل الرملية بمياهها النقية ما لا تملكه كبرى المدن السياحية التركية، وتعتبر بدون منازع نقطة الجذب الأولى لأغنياء العالم من أصحاب اليخوت الفارهة في منطقة شرق بحري إيجه والأبيض المتوسط، فضلاً عن كونها منطلقاً لأهم السباقات الرياضية البحرية.

وتتميز بودروم ببيوتها ومصايفها البيضاء المتموضعة داخل جبال خضراء بإطلالات بحرية خلابة، وعشرات الجزر الصغيرة التي تحيط بها، وتحفل سواحلها بالخلجان المجهزة بموانئ لرسو اليخوت من مختلف الأشكال والأحجام، فضلاً عن وجود مراكز خاصة بصيانة اليخوت وتقديم الخدمات اللوجستية اللازمة.

ومنذ فجر التاريخ القديم، حظيت بودروم باهتمام خاص بفضل طبيعتها الخلابة وجوها المعتدل واحتوائها على موانئ طبيعية، كيف لا وهي موطن ميلاد هيرودوت، وفيها قلعة بودروم أو ما يعرف بقلعة "القديس بيتر" التي بناها فرسان القديس جون في القرن الـ 15، وقصر "سان بيار"، ومدفن الملك موسولوس، ومسرح المدينة الغنائي من الفترة الهيلينية، ومدرج يوناني كبير، بالإضافة إلى احتوائها على متحف آثار ما تحت الماء، وبقايا المدينة القديمة التي غمرها البحر بفعل الزلازل، والتي تعد نقطة جذب مهمة لمحبي الغوص والتصوير.

جنة الأثرياء

منذ بدء جائحة كورونا وما تبعها من قيود على السفر والسياحة، أصبح أغنياء العالم يفضلون الاستمتاع بعطلهم الصيفية قبالة سواحل بودروم داخل يخوتهم التي توفر خدمات وراحة تضاهي تلك التي تقدمها الفنادق الفخمة، ومنذ عام 2019 تستقبل خلجان بودروم يخوت سياحية تعد من الأغلى في العالم، تقدر قيمتها بمئات ملايين الدولارات.

والعام الماضي وصفت مجلة "فوربس" الأمريكية تركيا، بالـ"جنة الجديدة" لأثرياء العالم، بعد أن أصبحت وجهة جديدة مفضلة لأصحاب اليخوت الفارهة، وذلك على خلفية إعادة فرض دول مثل فرنسا وإسبانيا قيود على السفر إليهما إثر تزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا، وأشارت المجلة إلى عدد اليخوت المتوجهة إلى تركيا بشكل عام، وبودروم خصوصاً بلغ أعلى مستوى له منذ ثلاث سنوات.

وشهد عام 2020، إقبالاً لافتاً على زيارة بودروم من قبل أثرياء العالم بمختلف جنسياتهم، بعدما كانت الأكثر تفضيلاً من قبل النخبة الروسية، وأضافت "فوربس" بالقول: "مياه تركيا تجذب الآن المزيد من الزوار من جميع أنحاء العالم"، والعام الماضي شهدت بودروم رسو اليخت العملاق شهرزاد، المملوك لأحد أثرياء منطقة الشرق الأوسط، واليخت العملاق "فلاينج فوكس" الذي يبلغ طوله 136 متراً عند سواحل بودروم، المملوك لرجل الأعمال الأمريكي ومؤسس موقع أمازون جيف بيزوز والذي يعرضه للإيجار بمبلغ 4 ملايين دولار أمريكي أسبوعياً.

سباقات القوارب واليخوت

تستضيف ولاية موغلا بشكل دوري سباقات لليخوت والقوارب الشراعية، كان آخرها، سباق الرئاسة التركية لليخوت بنسخته الثانية، في 27 يونيو/حزيران العام الجاري، وشارك في المرحلة الأولى من البطولة التي نظمتها الرئاسة التركية بالتعاون بين وزارات الثقافة والسياحة والخارجية والشباب والرياضة، 300 رياضي و37 يختاً شراعياً من تركيا وأوكرانيا ورومانيا وبلغاريا وروسيا وهولندا.

وفي مارس/آذار 2017، استضافت بودروم النسخة الخامسة من سباق القوارب الشراعية الدولي (International Optimist Regatta Races)، حيث استقبلت المدينة قرابة 380 مشاركاً، من 13 دولة حول العالم، منها أوكرانيا وهولندا والدنمارك وبولندا وألمانيا ومصر وبلغاريا.

وإلى جانب السباقات، استضافت بودروم في مايو/أيار 2019 فعاليات معرض اليخوت (TYBA Yacht Charter Show) الذي تقيمه جمعية مشغلي اليخوت التركية، وسط مشاركة محلية ودولية واسعة، فيما حظيت فعاليات المعرض باهتمام كبير من شركات وأصحاب السفن واليخوت على مستوى تركيا والعالم، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على قطاع سياحة اليخوت في بودروم في السنتين الأخيرتين.

TRT عربي