فريق لم يسبق له أن أحرز اللقب على الإطلاق وآخر لم يذق طعم التتويج منذ 53 عاما.. وكلاهما واثق في قدراته على تخطي المنافس وختم البطولة بدموع الفوز. هذه صورة مختصرة وبعبارات رياضية مقتضبة عن لمسابقة كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم 2021 بين ونظيره ، والذي يحتضنه معقل كرة القدم البريطانية "ويمبلي" الأحد عند الساعة الثامنة مساء بتوقيت غرينتش (التاسعة بتوقيت باريس) تحت إدارة الحكم الهولندي بيورن كاوبرز.
وهي مواجهة غير مسبوقة بين المنتخبين في نهائي بطولة كبرى، أي كأس العالم وكأس أوروبا، إذ إن "الأسود الثالثة" لم يتشرفوا على مر مشاركاتهم العديدة في المنافسة القارية العريقة بخوض المرحلة الأخيرة منها في أية مناسبة. فإذا ردد شعار "كرة القدم تعود للمنزل" خلال الأسابيع الماضية، فتلك إشارة لفوزهم بكأس العالم في 30 يوليو/تموز من عام 1966 على ملعب ويمبلي القديم، الذي هدمته السلطات في 2003 لتشييد التحفة الجديدة التي تستضيف موقعة
وهو لقبهم الوحيد دوليا إلى يومنا هذا.
أما إيطاليا، فتشارك في المباراة النهائية لكأس الأمم الأوروبية للمرة الرابعة، إذ فازت في 1968 على أرضها وخسرت في 2000 أمام فرنسا في بروكسل 1-2 وفي 2012 أمام إسبانيا في كييف صفر-4. وهي بالتالي تحظى بخبرة يفقدتها منافسها الإنكليزي، علما أن "السكوادرا أزورا" بلغت أيضا نهائي كأس العالم في ست مناسبات، سنوات (1934 و1938 و1970 و1982 و1994 و2006) وفازت أربع مرات آخرها في 2006 في برلين أمام فرنسا بركلات الترجيح.
هذه صورة مختصرة أيضا، وبأرقام وإحصائيات دقيقة، عن سجل إنكلترا وإيطاليا في المحافل الكروية الدولية. لكن، ما هي حالة الفريقين قبل ساعات من المواجهة المرتقبة بينهما في لندن؟
"أسود" كشرت عن أنيابها...
تدخل إنكلترا مباراة النهائي مدعومة بعشرات آلاف الحناجر، وقد فازت إنكلترا في 15 من آخر 17 مباراة خاضتها على ملعب ويمبلي في كل المسابقات وسجلت 46 هدفا واستقبلت خمسة. وكشرت عن أنيابها منذ انطلاق نسخة 2021 من كأس الأمم الأوروبية لتحافظ على نظافة شباكها لغاية الدور نصف النهائي عندما تلقى الحارس جوردن بيكفورد هدفا سجله لاعب الدانمارك يكيل دامسغارد في الدقيقة 30.
ويدين أنصار ولاعبو "الأسود الثلاثة" في عودتهم القوية على الساحة الدولية ، صاحب 57 مباراة دولية أبرزها في "يورو" 1996 عندما أهدر ركلة ترجيحية أمام ألمانيا تسببت في خروج منتخب بلده من المنافسة في نصف النهائي.
وأعاد ساوثغيت بناء فريق متلاحم بات بعدما خرج مصدوما من كأس الأمم الأوروبية 2016 بفرنسا على يد الوافدة الجديدة أيسلندا في ثمن النهائي. وتمكن من وضع إنكلترا "على خريطة كرة القدم"، كما قال، إذ قادها لنصف نهائي مونديال 2018 بروسيا ثم إلى نهائي "يورو" 2021.
وابتعد ساوثغيت (50 عاما) عن نهج المدرب السلطوي الذي يفرض القرارات وينتظر من لاعبيه الاستجابة والصمت، بل استحب الحوار والتفاعل، وقال: "أحب أن يتكلم اللاعبون أثناء الاجتماعات، أحب أن يكون لديهم رأي في المباراة، لأنه في الدقيقة 85، عندما يكون لديهم قرار لاتخاذه لحسم الفوز من عدمه، لن نكون قادرين على اتخاذ هذا القرار من مقاعد البدلاء".
ولم يكترث لاعب أستون فيلا السابق بهجمات الصحافة البريطانية الشرسة، ولا بانتقادات الجماهير الإنكليزية، بل ظل مثابرا مستعينا ببرودة دم خرافية. وجعل من جيل الشباب مثل فيل فودن (21 عاما) وبوكايو ساكا (19 عاما) وميسون ماونت (22 عاما) شركاء في اللعب مع نجوم الدوري الإنكليزي مثل القائد هاري كاين ورحيم ستيرلينغ وهاري ماغواير.
وهم على مسافة من دخول تاريخ أوروبا الرياضي بعد سنوات قليلة من خروج بريطانيا من أوروبا السياسية.
إيطاليا: من صدمة مونديال 2018 إلى فرحة "يورو" 2021
بدوره، اضطر خلال رحلته الطويلة والمؤلمة نحو ومبلي لعبور مرحلة تضميد الجراح. فقد انهارت البلاد برمتها ذات يوم بارد من خريف 2017 وبالتحديد في 13 نوفمبر/تشرين الثاني منه عندما تبخرت آمالهم في المشاركة بكأس العالم 2018 إثر تعادلهم مع السويد على ملعب سان سيرو في ميلانو. وكانت تلك المرة الأولى التي تفشل فيها "سكوادرا أزورا" في التأهل للمونديال منذ نشأة البطولة في 1930، بعد عدم مشاركة الإيطاليين في النسخة الأولى من البطولة.
لكن رجلا قرر مواجهة التحدي وتولي تدريب المنتخب، وهو اللاعب الدولي السابق روبرتو مانشيني (56 عاما). وبعث صانع ألعاب سامبدوريا في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي ليستعيدوا الثقة والهيبة.
واستعان مانشيني بركائز الفريق من قبيل مدافعي يوفنتوس جيورجيو كليني (36 عاما، الملقب "كينغ كونغ") وليوناردو بونوتشي (34 عاما)، لبناء فريق جديد بلاعبين جدد مثل حارس باريس سان جرمان جانلويجي دوناروما (22 عاما) ولاعبي الوسط نيكولو باريلا (23 عاما، إنتر ميلان) ومانويل لوكاتيلي (23 عاما، ساسولو)، فضلا عن مهاجم نابولي لورينزو إنسينيي (30 عاما) وهداف لاتسيو روما تشيرو إيموبيلي (31 عاما).
وكسب الفريق صلابة دفاعية رهيبة، فلم يذق طعم الخسارة في آخر 33 مباراة خاضها. وقال مانشيني: "قلة من الناس كانوا واثقين من قدرتنا على تحقيق هذا الإنجاز.. لا تزال هناك خطوة واحدة يجب أن نقطعها".
وتلقى الإيطاليون خبرا سارا الخميس بإعلان اتحاد اللعبة أنه اتفق مع السلطات البريطانية بالسماح لما يصل إلى ألف مشجع إيطالي بالسفر إلى لندن من أجل مؤازرة المنتخب أمام إنكلترا، شريطة الدخول في حجر صحي إلزامي لخمسة أيام بعد العودة تطبيقا للإجراءات المفروضة في البلاد على جميع المسافرين القادمين من المملكة المتحدة.
وإضافة إلى هذا العدد، ستكون حصة الإيطاليين المقيمين في المملكة المتحدة 6500 مقعد في مدرجات ويمبلي لمباراة النهائي.
فبعد ثلاث سنوات من العمل والجهد المتواصل، ها هو مانشيني وفريقه على عتبة إنجاز قاري كبير.
علاوة مزياني
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم