ملف سد النهضة.. محمد العرابى لـ«الدستور»: مصر تتعامل بأخلاق الكبار.. وقادرون على الردع

أكد وزير الخارجية الأسبق، محمد العرابى، أن مصر تتعامل مع أزمة سد النهضة الإثيوبى بتقاليدها الدبلوماسية العريقة، رغم تعنت الجانب الإثيوبى والموقف الدولى الذى يكيل بمكيالين، مشيدًا بالجمهورية الجديدة التى استطاع الرئيس عبدالفتاح السيسى بناءها فى سنوات قليلة، على غرار الدول الكبرى.

وقال العرابى، فى حوار لـ«الدستور»، إن الدبلوماسية المصرية تتحرك بشكل رصين قائم على احترام مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وميثاق الاتحاد الإفريقى، فيما لا تتورع إثيوبيا عن انتهاكه، لافتًا إلى أن مصر تتعامل بمنطق الدولة الكبيرة والعاقلة التى تحاول تنفيذ كل الوسائل الدبلوماسية فى معالجة موضوع مصيرى يتعلق بمستقبل الأجيال المقبلة، وتقوم بدورها التنموى فى القارة الإفريقية بالتوازى مع مواجهة الأخطار.

 

■ لماذا يتم وصف السياسة الخارجية المصرية بالحكيمة الرشيدة والمعتدلة؟

- لأن مصر لديها خط واحد تسير عليه، وليس لديها استغلال لأحد، مصر دولة لا تستغل اللاجئين لديها أو ملف الهجرة غير الشرعية، مثل دول أخرى تستغلها ،بل وتستخدمها كسلاح ضد دول أخرى، نحن لدينا القدرة على احترام أنفسنا واحترام الآخرين، ولكن هناك دولًا فى المنطقة تستغل كل لحظة وكل ظرف من أجل مصالحها، ويمكن أن تسىء للآخرين لتحقيق هذه المصالح.

ونحن نحترم المواثيق الدولية، ونحترم ميثاق الأمم المتحدة، وميثاق الجامعة العربية، وميثاق الاتحاد الإفريقى، عكس دول أخرى تنتهك ميثاق الاتحاد الإفريقى بكل بساطة والعالم يدللها، ورغم قسوة المجتمع الدولى فى المرحلة الحالية وانتهاج الكيل بمكيالين، فإن السياسة الخارجية لمصر متمسكة بهذا الخط، وهذا ما يجعلنا نحظى باحترام وتقدير العالم. والدولة تتحرك فى بناء استراتيجية جديدة قائمة على السلام والبناء والتنمية، والدول المحيطة بنا وخارج المحيط ترى أن مصر تعمل لرفاهية شعوب الإقليم، وهذا أمر مهم، وكل هذا يُكسب الدبلوماسية المصرية وزنًا واحترامًا، لكن نحن نعيش فى زمن الكيل بمكيالين.

■ كيف ترى تعامل الدبلوماسية المصرية مع ملف السد الإثيوبى؟

- الدبلوماسية المصرية تتحرك بشكل رصين، قائم على احترام الاتحاد الإفريقى، فيما ينتهك الجانب الإثيوبى كل المواثيق، رغم استضافته مقر الاتحاد، وفى نفس الوقت مصر تتعامل بمنطق الدولة الكبيرة العاقلة التى تحاول تنفيذ كل الوسائل الدبلوماسية فى معالجة موضوع مصيرى وموضوع يتعلق بمستقبل الأجيال المقبلة، لكن على الرغم من كل هذا فهى متمسكة بمبادئ سياستها الخارجية، وتراعى خاطر دول القارة، وفى الوقت الذى نواجه فيه مشكلة سد النهضة ونحاول حلها، فإننا نعمل على تنمية القارة من خلال إقامة المشاريع القومية فى عدد من الدول.

والقاهرة لم تتخاذل أبدًا فى دعم تنمية القارة، لكنها ستردع مَن يفكر فى إيذاء المصريين فى الوقت الذى تراه صحيحًا.

■ ماذا عن دور جامعة الدول العربية فى أزمة السد؟

- الجامعة العربية عقدت اجتماعين فى هذا الشأن، وأعلنت الدول العربية التزامها بالوقوف مع مصر والسودان، وضخامة المشكلة تحتاج إلى تدخل أكثر فاعلية، ولكن علينا أن ننتظر.

■ ما تقييمك للمشهد المصرى بعد ٨ سنوات على ثورة ٣٠ يونيو؟

- ثورة ٣٠ يونيو كانت بداية لإصلاح كبير جدًا فى مصر، وبداية لفرض نفسها على الساحة الدولية بأشكال مختلفة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو حتى فى صورة دولة مؤثرة على القضايا الإقليمية التى أصبحت شبه مزمنة.

ومصر استطاعت أن تخلق لنفسها مسارًا يقوم على أسس أخلاقية سياسية تتناسب مع ثقافتها وحضارتها وأصالتها، وأصبح نهجًا موجودًا فى التعامل مع مختلف دول العالم بنفس المقدار ونفس الحكمة وبنفس القوة، وأعتقد أن مصر استعادت مصداقيتها مرة أخرى كدولة لها قيمة فى الإقليم، وتستطيع أن تضع خارطة طريق صالحة لحل مشاكل كثيرة فى المنطقة، مثل مشاكل ليبيا وغزة، ومصر سيكون لها إسهام فى كل المشاكل الإقليمية.

■ ما ملامح الجمهورية الجديدة التى أرستها الثورة؟

- ملامح الجمهورية الجديدة اتضحت وحدها، لأن البناء لا يأتى بالكلام، ولكن بالخطوات التى نراها على الأرض، ومنذ وصول الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الحكم، وهو يعمل على حل مشكلات قائمة منذ عقود، وشرع منذ اللحظة الأولى فى التمهيد لبناء جمهوريتنا الجديدة. 

وفى فرنسا مثلًا، الجمهورية تُعرف بمجرد بداية العهد بدون العمل على الأرض، هو لفظ سياسى، لكن مصر غيرت المفهوم وأصبحت فكرة الجمهورية الجديدة قائمة على وضع الأساس ثم إعلان اكتمال البناء، والفترة المقبلة سيكتمل المشروع بإعادة بناء الإنسان المصرى، ومحاولة وضع أسس جديدة للشخصية المصرية، وهذا عن طريق التوسع بشكل كبير فى التعليم والنهوض به فى كل مراحله.

■ كيف ترى حجم الإنجاز فى ملف التوسع العمرانى؟

- لم نشهد هذه الإنجازات فى أى عهد سابق، مما ينبئ بأن مصر فى الطريق الصحيح، والمواطن يشعر بحجم الإنجاز، على سبيل المثال مرونة المرور، فالمشوار الذى كنا نقطعه فى ساعات نستطيع إنجازه فى وقت قياسى، وهذا ما أشاد به الأجانب الذين لم يزوروا مصر منذ فترة، وكان هناك وفد فنلندى منذ فترة قصيرة أشاد بما حدث من طفرة كبيرة فى الطرق والطاقة وغيرها من الإنجازات.

■ ماذا عن الحياة الحزبية وقوة الرأى العام؟

- الرأى العام مهم جدًا فى المعادلة، ورأينا مشروعات قوانين أعيدت صياغتها أو تأجلت مناقشتها بسبب الرفض الشعبى لها، أما بالنسبة للحياة الحزبية فأمامها وقت طويل، ودور الأحزاب ينبع من ثقة الجمهور والشعب، وأهم شىء أن تكون هناك ثقة من الجمهور فى هذه الأحزاب فى أعمالها ومنهجها، وهذه مسألة ليست سهلة.

■ كيف تعامل الغرب مع ثورة ٣٠ يونيو وإسقاط حكم جماعة الإخوان؟

- كانت فترة صعبة جدًا، لأن المجتمع الدولى كان لديه بعض الشكوك فيما جرى، وكان على بعض الشخصيات فى جبهة الإنقاذ، وأنا منهم، استعادة الصورة المصرية مرة أخرى، وبشكل يقنع العالم بأن ما حدث مسار شعبى للخلاص من جماعة الإخوان، خصوصًا أننا فى جبهة الإنقاذ كان لنا تواصل مع الخارج، وكنا نلتقى جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى، وجون ماكين، السيناتور الأمريكى الشهير، وكاثرين آشتون، المسئولة عن السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى، بصفتنا معارضة مصرية ضد حكم الإخوان، وأكدنا لهم أن ثورة ٣٠ يونيو ضرورة ملحة ويجب أن تتم بأى شكل من الأشكال، وكاثرين آشتون كانت تقول اخرجوا فى ٣٠ يونيو وارجعوا، والاتحاد الأوروبى سيقدم مساعدات لمصر وكأن المشكلة اقتصادية، وآخرون كانت صيغة كلامهم بها نبرة تهديد، ومعركتنا كانت دبلوماسية، لكن فى نفس الوقت استمرت بعد ٣٠ يونيو و٣ يوليو، لأن هؤلاء الأشخاص كونوا مواقف مسبقة، وكان علينا مواصلة شرح الموقف، وأن هذا هو الطريق الذى اختاره الشعب المصرى ولا رجعة فيه. 

والاستقرار السريع كان كلمة السر فى فكرة قبول المجتمع الدولى لما جرى فى مصر.

■ كيف نجحت مصر فى تفكيك التكتل الغربى ضد مصر عقب ٣٠ يونيو؟

- وزارة الخارجية بذلت جهودًا كبيرة فى تلك الفترة الصعبة، وكانت هناك مشاكل كثيرة مع دول مختلفة، واستطاعت الدبلوماسية المصرية استعادة صورة القاهرة وبريقها مرة أخرى.

■ ماذا عن دور مصر فى الهدنة ووقف إطلاق النار فى غزة؟

- مصر تحملت المسئولية بشكل بعيد تمامًا عن فكرة البيانات، وتحركت عمليًا على الأرض وطرحت خارطة طريق، واستغلت قدرتها فى التواصل مع كل الأطراف، واستطاع المسئولون المصريون الذهاب إلى رام الله وغزة وتل أبيب، ولا توجد دولة فى العالم تمتلك هذه الخيوط، وتحرك القاهرة جاء بناءً على هذه العلاقات، وتحركت بخطة وخارطة طريق واضحة، وقفزت على كل ذلك بفكرة إعادة الإعمار وإدخال المعدات إلى غزة، وهذا نموذج لبناء السلام غير موجود فى دول كثيرة ولا تستطيع أن تقوم به.

■ كيف ترى تعامل الدبلوماسية المصرية مع الملف الليبى؟

- تعامل الدبلوماسية المصرية مع الملف الليبى يُدرَس حاليًا فى معاهد الدبلوماسية، ومصر كانت تتقدم بإعلان القاهرة وفى نفس الوقت تقوم بعمل مناورات عسكرية، ثم حصلت على تفويض مجلس النواب للرئيس بأن يرسل القوات خارج الحدود، واستضافت اجتماع القبائل الليبية فى مصر، والقاهرة تحركت بتوازن دقيق جدًا بين مقومات الردع العسكرى والعمل الدبلوماسى وأحرزت نتيجة جيدة، وبالتالى التدخل المصرى فى الملف الليبى نموذجى، استخدم كل الإمكانات الدبلوماسية والعسكرية.

■ ما أهمية التقارب المصرى اليونانى فى السنوات الأخيرة؟ 

- المقاربة المصرية اليونانية منذ بدايتها كانت فى حد ذاتها نقطة تُحسب للدبلوماسية المصرية، لأن مصر كانت تواجه برفض كامل من الاتحاد الأوروبى كله، واستطاعت بمهارة شديدة خلخلة هذه المعارضة عن طريق التعامل الوثيق والقريب والقوى مع اليونان وقبرص، وكانت هذه بداية بناء علاقات متينة مرة أخرى مع الاتحاد الأوروبى.

■ ماذا عن العلاقات المصرية الأمريكية؟

- علاقات مصر مع الولايات المتحدة استراتيجية، لأن واشنطن تنظر لمصر على أنها أصبحت عنصر استقرار فى المنطقة، وبالتالى يصعب تجاهلها، وبعد أحداث غزة ارتفعت قيمة مصر الاستراتيجية بشكل كبير جدًا، ونحن نسير فى الطريق الصحيح، وهذه العلاقات ستشهد تقدمًا كبيرًا فى المرحلة المقبلة.

■ ما تقييمك لعلاقات مصر مع دول أوروبا وشرق المتوسط؟

- الاتحاد الأوروبى سيصاب ببعض الوهن خلال الفترة المقبلة، مع خروج أنجيلا ميركل من الساحة السياسية فى ألمانيا، وخروج بريطانيا من الاتحاد، وبداية بعض الخلافات مع دول شرق أوروبا، وخلال العقد المقبل سيتراجع دور الاتحاد على الساحة الدولية. ومصر تقوم بدور دبلوماسى صحيح فى تقوية العلاقة الثنائية مع كل دولة على حدة.

كيف ترى تعامل مجلس الأمن مع أزمة السد الإثيوبى؟

- مجلس الأمن ليس لديه الإحساس الصادق بأن هذه المشكلة قد تكون مؤثرة على أمن واستقرار المنطقة، وينظر إليها على أنها مشكلة مياه وتنمية، وأتمنى ألا يستمر الدور السلبى للمجلس فى هذه الأزمة الخطيرة، حتى لا يندم الأعضاء على عدم التدخل بشكل مبكر.

تاريخ الخبر: 2021-07-23 18:22:43
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 50%

آخر الأخبار حول العالم

البحوث الفلكية: كسوف الشمس الكلى المرتقب 8 أبريل لن يُرى فى مصر

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-29 06:22:19
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 38%

جنون السوشيال ميديا – صحيفة التغيير السودانية , اخبار السودان

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-29 06:23:17
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 70%

موعد الإفطار وعدد ساعات الصيام فى اليوم الـ19 من شهر رمضان 2024

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-29 06:22:13
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 41%

عبدالله في منزل "حسنين" - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-03-29 06:24:06
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 70%

دعاء اليوم التاسع عشر من رمضان.. اللهم اجعلنى متمسكا بسنة أنبيائك

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-29 06:22:21
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 37%

أبراج تنتظر الصيف للاستمتاع بالحفلات والسهر.. اعرف أنت منهم ولا لأ

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-29 06:22:17
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 42%

وزارة الأوقاف تفتتح اليوم 29 بيتًا من بيوت الله منها 22 مسجدًا جديدًا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-29 06:22:15
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 45%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية