رياح القومية تهبّ مجدداً على إقليم أمهرة في إثيوبيا


إعلان

بحر دار (إثيوبيا) (أ ف ب)

قبل توجّهه في 21 حزيران/يونيو للمشاركة في انتخابات رئاسية "طال انتظارها"، اختار الشاب تسفاهون سيساي ملابسه بعناية شديدة: قميص أبيض تتوسطه صورة رجل يحمل سلاح كلاشينكوف، يشكل أيقونة لحركة قومية حديثة تتنامى شعبيتها في إقليم أمهرة.

في منطقة أمهرة المحاذية لإقليم تيغراي، يحفظ الجميع عن ظهر قلب وجه أسامينو تسيغي، قائد أمن المنطقة الذي سلّحها قبل أن يُقتل على يد ضباط من الشرطة عام 2019، بعد اتهامه بمحاولة انقلاب على السلطات المحلية.

يُعدّ تسيغي رمزاً للتيار القومي في أمهرة، وهي حركة حديثة لكنها تحظى بشعبية متنامية على خلفية الصراعات الاتنية والحرب في تيغراي.

وقال سيساي لوكالة فرانس برس بينما كان يهمّ بمغادرة مركز اقتراع في محيط بحر دار، عاصمة إقليم أمهرة، "أحب الرجل على قميصي. لقد فهمت أنه كان يقوم بعمل جيد".

ويرمز الكلاشنيكوف، السلاح الذي يعلّقه العديد من الرجال على أكتافهم في المناطق الريفية، إلى إرادة الأمهرة، ثاني أكبر مجموعة عرقية في البلاد، وتمسكهم بالدفاع عن أنفسهم.

في السنوات الأخيرة، استهدفت مذابح عدّة هذه الإتنية، وآخرها في نيسان/أبريل في بلدة أتاي، التي تسكنها غالبية من الأمهرة وتحيط بها قرى سكانها من الأورومو، المجموعة العرقية الأكبر في البلاد. وأسفرت أعمال العنف حينها عن مقتل المئات. وغالباً ما تقع توترات ذات طابع إتني بين المجموعتين.

- مهد تاريخي -

أشعلت أعمال العنف تلك موجة تظاهرات في بحر دار وفي مدن أخرى.

في قرية يوهانس الواقعة على تلّة، يأسف أسناكو ملكي (46 عاماً)، بينما يلفّ نفسه ببطانية، للعنف والتهجير القسري الذي وقع الأمهرة ضحيته.

ويقول الفلاح بينما يلوّح بسوط في يده "أتعاطف مع شعبي جراء المضايقات (التي يتعرض لها). يقلقني الأمر، لا أشعر براحة بال".

وأمهرة هي واحدة من المناطق الأكثر نفوذاً في إثيوبيا، الدولة الفدرالية التي تضمّ أكثر من 110 ملايين نسمة والمقسّمة على أساس اتني وقبلي. ورغم نقص الإحصاءات، إلا أنّ التقديرات تشير الى أن غالبية قاطني المنطقة البالغ عددهم نحو ثلاثين مليون نسمة ينتمون الى الأمهرة. كما يتوزع ملايين منهم في أنحاء البلاد.

ويُعد سكان أمهرة منطقتهم المهد التاريخي لإثيوبيا التي ساعد إمبراطور الأمهرة تيودروس الثاني على توحيدها وإقامة حكم مركزي فيها في القرن التاسع عشر. واحتفظ الأمهرة بسيطرتهم سياسياً عليها خلال فترة طويلة من القرن العشرين. وما زالت الأمهرية حتى اليوم اللغة الوطنية.

يقول بيليت مولا رئيس حركة أمهرة الوطنية (ناما) وهي الحزب المعارض الأبرز الذي تأسس عام 2018 إن "إثيوبيا هي منطقتنا. ما يُسمى اليوم بمنطقة الأمهرة نحن لا نقبل به".

- إبادة -

على النقيض من الخطاب الانفصالي، يدعو الحزب إلى وحدة إثيوبيا، ويقول إنه قد تشكّل كرد فعل على القوميات الأخرى، على غرار تلك الموجودة في أورومو. ومن بين العناوين الرئيسية التي يقوم عليها التنديد بما يطال "شعبه" كما يقول من "إبادة جماعية"، كما يدعو إلى إعادة دمج غرب وجنوب تيغراي، الواقعة شمال أمهرة.

ويطالب الأمهرة منذ ثلاثين عاماً بتلك المناطق الخصبة التي أُلحقت في التسعينات بتيغراي. وقد أرسلوا قواتهم للقتال هناك إلى جانب الجيش الفدرالي منذ بداية النزاع في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

ويُتّهم الأمهرة، المتورطون بهجمات في مناطق أخرى في إثيوبيا، باللجوء الى أفعال ترقى الى "التطهير العرقي" في تيغراي.

وباتت الأراضي التي يسيطرون عليها محوراً أساسياً في النزاع، وأطلق مقاتلو تيغراي هجوماً في منتصف تموز/يوليو لاستعادتها. ومنذ ذلك الحين، انتشر الآلاف من مقاتلي الأمهرة المنتمين إلى القوات الإقليمية أو إلى مليشيات على الحدود بين المنطقتين.

- "الحفاظ على وجودنا" -

لا تحتكر حركة أمهرة الوطنية المطالب القومية. فحزب الازدهار الحاكم الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء أبيي أحمد لديه فرع كبير في المنطقة. ويُعد رئيس الفرع أجينيهو تيشاغر من الأصوات الأكثر نفوذاً فيها.

وحضّ تيشاغر في 25 تموز/يوليو سكان منطقة أمهرة ممن لديهم أسلحة على مواجهة المتمرّدين في تيغراي. وقال في تغريدة إن قوات تيغراي أعلنت "حربًا سافرة" ضد شعب أمهرة و"نبدأ معركة من أجل الحفاظ على وجودنا".

ويقول الباحث الفرنسي مهدي لبزاي المقيم في إثيوبيا، أنه لم يكن أمام حزب الازدهار خيار آخر سوى تبني شعارات حركة ناما ليضمن له مكانة على الساحة السياسية المحلية.

بعد انتخابات 21 حزيران/يونيو، لم تحظ حركة أمهرة الوطنيّة، التي طعنت بنزاهة الاقتراع، إلا بعدد قليل من المقاعد مقارنة مع حزب الازدهار في البرلمان الفيدرالي. كما مُنيت بهزيمة في البرلمان الإقليمي.

ويخلص لبزاي إلى أنه في المستقبل "سيكون من المثير للاهتمام أن نرى ... إلى أي مدى ستقترب نخب حركة أمهرة الوطنية من نخب حزب الازدهار، باعتبار أنهم يقولون الشيء نفسه".

تاريخ الخبر: 2021-07-26 14:12:55
المصدر: فرانس 24 - فرنسا
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 90%
الأهمية: 91%

آخر الأخبار حول العالم

أوناحي: "أدائنا أصبح مكشوفا أمام الخصوم.. وعلينا إيجاد الحلول"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-28 15:27:48
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 56%

إذاعة “هيت راديو” تخرج عن صمتها بشأن فبركة عملية "الكريساج”

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-28 15:27:26
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 67%

إذاعة “هيت راديو” تخرج عن صمتها بشأن فبركة عملية "الكريساج”

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-28 15:27:27
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 62%

أوناحي: "أدائنا أصبح مكشوفا أمام الخصوم.. وعلينا إيجاد الحلول"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-28 15:27:49
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 69%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية