خيبات تلو الأخرى تلاحق الرياضيين المغاربة في أولمبياد طوكيو، وهم يتساقطون تباعاً من الأدوار التأهيلية الأولى، بحصيلة مفزعة بلغت 14 منهم في ظرف أول 36 ساعة فقط، تضمنت حتى أولئك المشاركين في رياضات كان ينصب الشعب المغربي آمالاً كبيرة في تحقيق مراتب متقدمة فيها.

وهو الأمر الذي أثار انتقادات كثيرة، وجهت عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى الجامعات الرياضية، وتساؤلات حول مردود رؤسائها الذين، في أغلبهم، قضوا على تلك المناصب عقوداً طويلة.

بالمقابل، دفعت هذه النكسة الرياضية المتابعين إلى استعادة لحظات مشرقة للبعثة المغربية في الألعاب الأولامبية، نستعرض هنا محطات منها.

أول الذهب

بدأت مشاركات المغرب في الألعاب الأولمبية مع دورة روما 1960 كمنافسين في عشر رياضات. ولم يخلفوا موعداً فيها مع منصة التتويج، إذ عرفت تلك الدورة كذلك تحصل البلاد على أولى ميدالياتها، وكانت فضيَّة للراحل راضي بن عبد السلام في سباق الماراثون.

بعدها مرت دورات متتالية كلها خالية الوفاض بالنسبة إلى البعثة المغربية، لكنها حققت تقدماً في إضافة رياضات أخرى إلى نطاق منافساتها، كما شهدت مشاركات للمرأة المغربية في ما اعتبر ثورة على المألوف من عادات وتقاليد كانت سائدة داخل المجتمع المغربي آنذاك.

وصولاً إلى دورة لوس أنجلس 1984، حيث حصل المغرب أخيراً على أول الذهب الأولمبي: الأولى لسعيد عويطة في سباق 5000 متر، والثانية لنوال المتوكل في سباق 400 متر حواجز.

ولم يكن هذا الذهب سابقة في تاريخ المغرب فحسب، بل سابقة عربية وإفريقية إذ كانت نوال المتوكل أول امرأة بتلك المواصفات تتوج في الأولمبياد.

السيادة على ألعاب القوى

تحصد ألعاب القوى حصة الأسد من الميداليات التي نالها المغرب خلال تاريخ مشاركاته الأولمبية، إذ تمثل 19 ميدالية من بين 22 تحصل عليهن المغرب إلى الآن.

وبعد ذهبيتي دورة 1984، توج المغاربة بالذهب كذلك في سيول 1988 بأقدام العداء إبراهيم بوطيب في سباق 10 آلاف متر، فيما لم يتوج مواطنه سعيد عويطة في تلك الدورة إلا ببرونزية 800 متر.

واستمر صعود المغاربة منصات التتويج الأولمبي في رياضة ألعاب القوى بالدورة التي بعدها، برشلونة 1992، حيث حصد خالد السكاح الميدالية الذهبية لسباق 10 آلاف متر، وحصل مواطنه رشيد البصير على فضيَّة 1500 متر.

ومنذ ذهبية السكاح تلك اقتصر فوز المغاربة طوال الدورتين التاليتين، أطلانطا 1996 وسيدني 2000، على البرونز وفضية واحدة.

إذ تحصل في الأولى كل من صلاح حيسو في سباق 10آلاف متر وخلد بولامي في سباق 5000 متر على البرونز.

وفي الثانية، فضية هشام الروج في 1500 متر، وبرونزية 3000 متر موانع من نصيب علي زين، و400 متر حواجز من نصيب العداءة نزهة بدوان.

معجزة هشام الكروج

مذّاك تحول تركيز الجماهير المغربية على رياضة ألعاب القوى، وأصبحت الأسماء المتوجة فيها أبطالًا شعبيين بالنسبة إليهم، لدرجة سُمي القطار السريع بين الدار البيضاء والرباط بـ"عويطة" تيمناً بذهبية ذلك الرياضي في أولمبياد لوس أنجلس.

لكن شعبية كل هذه الأسماء لا تضاهي ما بلغه هشام الكروج من صيت ذائع، وما حققه من إعجاز أفرح المغاربة وقتها في أولمبياد أثينا 2004.

ذهبيتان في دورة واحدة لنفس العداء، لم يكن المغاربة قبلها يخالون أنهم سيعيشون لحظات كتلك، من الحماسة والترقب، قبل التهليل فرحة ومشاهدة البطل المغربي يرقص على أنغام زوربا بعد فوزه بالسباق.

بالنسبة إلى البطل كان ذلك الفوز كفيلاً بتضميد جرح تعثره خلف المتسابق الجزائري خالد مرسلي في أطلانطا 1996.

جرح لم تخففه قبلها فضية سيدني، إلى أن حصد ذهبيتي 1500 متر و5000 متر بعدها بأربع سنوات.

وكانت هاتان الذهبيتان آخر تتويج تحصل عليه المغاربة، ليدخلوا في فترة صيام عن المعدن النفيس الأولمبي، مقابل حصولهم على ميداليات أخرى وهي: فضية حسناء بنحسي في أثينا 2004، فضية جواد غريب في ماراثون أولمبياد بيكين 2008، وبرونزية عبد العاطي إيكيدير في لندن 2012.

برونزيات الملاكمة

فيما تمثل برونزيات الملاكمة بقية حساب الميداليات الاثنتين والعشرين التي تحصل عليها المغرب طوال مشاركاته الأولمبية.

أولاها كانت لعبد الحق عشيق في وزن الريشة بسيول 1988، وتلتها برونزية محمد عشيق في وزن الديك ببرشلونة 1992، ثم الطاهر التمسماني في وزن الريشة بسيدني 2000.

ومثَّلت برونزية محمد ربيعي الخيبة الكبرى للمتتبع المغربي، فقبلها في السنة ذاتها كان الملاكم قد توج بذهبية بطولة العالم، لكنّ أداءه كان باهتاً في ريو 2016.

TRT عربي