يبدأ الإبداع والابتكار عندما يجد المبدع البيئة التي تشجعه عليه، بحيث تتقبل أفكاره بلا تحفظ من نتائجه. وقد يكون المبدع متخوفاً من مقاومة المجتمع لأفكاره الإبداعية؛ لأنه ربما يكون مجتمعاً تقليدياً في نمط تفكيره وحياته بعكس نمط حياة المبدع، لكن يجب ألا يتوقف المبدع عن إبداعه مهما كانت عليه البيئة المحيطة به من إحباط وجمود فكري. تلعب البيئة المحيطة بالمبدع الدور الكبير في تحفيزه أو عدمه. وللوالدين دور أساسي منذ صغر المبدع، فهما يحميانه من ردة فعل المجتمع إذا أحسنا تربيته وتشجيعه على حرية الرأي الإبداعي وأسدا له الرأي والمشورة المناسبة عندما يبحث عنهما. ويؤكد علماء النفس، وكذلك علماء الاجتماع أن المنزل، الذي يشجع على الإبداع يعد نقطة بداية انطلاق المبدع نحو المزيد من الإبداع والابتكار. الحقيقة أننا نجد الكثير من المبدعين على علاقة قوية وقريبة من والديهم، الذين تربطهم بهم الكثير من الخصائص والصفات الشخصية مهما كانوا مختلفين عنهم في بعض النقاط، التي لا تعتبر أساساً في شذوذ قاعدة القواسم المشتركة بينهم.
نجد الغالبية العظمى من المبدعين والمبتكرين العرب يواجهون بيئة اجتماعية لا تشجعهم على الإبداع والابتكار، فهم يواجهون سخرية وتطفلا وفضولية مجتمعاتهم بسبب جهلها بما للإبداع والابتكار من مردود اقتصادي واجتماعي إيجابي على المبدع والمبتكر ووطنه. الإبداع لا يعرف حدوداً في المجتمعات الغربية المتحضرة، بل نجدهم يكرمون المبدعين والمبتكرين ويدعمونهم كل في مجاله؛ لأنهم يعلمون مدى الفائدة الاقتصادية منهم عندما يطورون الفكر والعمل والمنتج. القبول الاجتماعي للمبدع يساعده على تنمية الابداع والابتكار، حيث ينشط خياله الإبداعي ويزيد في إنتاجه الابتكاري إذا لم تهيمن القيم الاجتماعية التقليدية المحبطة والمقيدة والكابحة لإبداعه وخياله.
تزداد الفائدة الاقتصادية بتزايد القبول والحرية الاجتماعية للمبدع ما دام إبداعه في إطار أخلاقي لا يتعارض مع القيم الدينية والاجتماعية في المجتمعات المحافظة وغيرها. وينمو الاقتصاد بنمو ثقافة الإبداع والابتكار بين أفراد المجتمع. القبول والتطوير المستمر لثقافة الإبداع والابتكار يزيد من سرعة انتشار الاختراعات والمنتجات؛ لأن البحث العلمي والتطوير يقوم على ثقافة الإبداع والابتكار ما يجعل الأسواق مليئة بالمنتجات والخدمات بشتى أنواعها وبأسعار وجودة منافسة. ونجد سرعة الانتشار واضحة في الحاسوب وأجهزة الجوال، التي تتعدد من حيث الميزات والخصائص والشركات المصنعة.
وفي الختام، أرى ضرورة تشجيع المبدعين على الإبداع والابتكار؛ لأنهم المحرك الرئيس للاقتصاد من خلال إبداعهم، الذي يحول الأفكار إلى حقائق اقتصادية نراها في الأسواق. ومن الأهمية أن تشجع مؤسساتنا وشركاتنا المبدعين باحتضانهم وبتبني أفكارهم وتحويلها إلى منتجات تفيد المبدع والشركة والوطن. لا تقوم الثورة الصناعية من غير مبدعين ومبتكرين.
@dr_abdulwahhab