عندما أطلت رؤية 2030 على المجتمع السعودي للمرة الأولى في صيف 2016، وأعلنت أهدافها العامة، لم تقتصر هذه الأهداف على إعادة بناء الاقتصاد الوطني، وتنويع مصادر الدخل، وإحداث نهضة اجتماعية وثقافية في أوساط المجتمع، وتطوير الأنظمة والقوانين والتشريعات القديمة، وإنما اشتملت أيضاً على تفاصيل دقيقة، تهدف في نهاية الأمر إلى توفير حياة مثالية وصحية للمواطن، وأدرجت هذا الهدف ضمن مشروعات رسمية، لها خططها وبرامجها وميزانياتها الضخمة، لضمان دقة التنفيذ وتحقيق المطلوب.

ويأتي مشروع "الرياض الخضراء" في مقدمة تلك المشروعات، التي حرصت عليها الرؤية، بقدر حرصها على مشروعات تطوير الاقتصاد ونهضة المجتمع، هذا المشروع نال من الاهتمام الرسمي للدولة القدر الكافي لنجاحه وانتشاره وأيضاً تعميمه مستقبلاً، وتجسد هذا الاهتمام "أولاً" عندما دشنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز شخصياً في 2019 ضمن أربعة مشروعات كبرى في العاصمة، و"ثانياً" عندما أشرفت عليه لجنة المشروعات الكبرى برئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

مشروع "الرياض الخضراء" نجح في رسم صورة نموذجية لعاصمة المملكة، وهو قادر -بعد اكتماله- لتحويلها إلى بقعة ضخمة خضراء عملاقة، تنعم بالمناظر الجميلة الخلابة، والهواء النقي الصافي، فضلاً عن الراحة ورفع جودة الحياة، وهذا كفيل بتحقيق هدف آخر، تسعى إليه الرؤية، وأعلنه ولي العهد، بأن تصبح الرياض من أكبر عشر مدن اقتصادية في العالم، وأن تحتضن ما بين 15 إلى 20 مليون نسمة بحلول 2030.

ومن الخطأ أن ننظر إلى "الرياض الخضراء" على أنه مشروع تخضير، يهدف إلى رفع حصة الفرد من المساحات الخضراء في العاصمة من 91 كم2 إلى 545 كم2 بحلول 2030م فحسب، وإنما هو نواة حقيقية لمشروع وطني ضخم، من أجل إنجازه في أفضل صورة، هذا المشروع قابل للاستنساخ، فضلاً عن كونه نواة لتأسيس وتطوير العديد من الأنظمة وتطوير التشريعات والضوابط العمرانية لتعزيز التشجير على قواعد حديثة تعزز الاستدامة البيئية، ومن هذا إنشاء شبكات جديدة للري، باستخدام المياه المعالجة التي كانت تهدر في الأودية، وتوفير المتطلبات الداعمة والممكنة للمشروع من إنشاء شبكة مشاتل لتغذيته بالأشجار.

المشروع لن يترك شبراً في العاصمة، إلا ويصل إليه، فهو يغطي كل أنحاء العاصمة، مثل الشوارع والطرق وجميع الأحياء السكنية، وتأسيس حدائق كبرى، ومتنزهات، والمنشآت التعليمية والأكاديمية والصحية والعامة.