توقع محللون نفطيون استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري، بسبب الشكوك المحيطة بالطلب واستمرار حالة عدم اليقين في السوق، جراء الانتشار المستمر لمتغير "دلتا" في عديد من دول العالم.
وتباينت تقديرات السوق بعد تقرير وكالة الطاقة الدولية حول تباطؤ نمو الطلب مقابل تقرير أكثر تفاؤلا وإيجابية من منظمة أوبك حول استعادة وتيرة تعافي الطلب في الشهور المقبلة، ما أدى إلى ارتفاع الخامين القياسيين برنت والأمريكي ما يقل عن 1 في المائة، على أساس أسبوعي.
وأوضح لـ"الاقتصادية"، محللون أن أسعار النفط الخام حققت أداء جيدا نسبيا في الأسبوع الماضي وستستمر جهود مقاومة العوامل السلبية في السوق في الأسبوع الجاري على الرغم من تصاعد مخاوف الجائحة في الصين والولايات المتحدة، مشيرين إلى أن توقعات الطلب للأشهر المتبقية من العام الجاري يهيمن عليها الحذر من أن تعافي فيروس كوفيد في آسيا قد لا يكون سريعا كما كان يعتقد سابقا.
وأشاروا إلى أن اجتماع وزراء الطاقة في مجموعة "أوبك+" مطلع أيلول (سبتمبر) المقبل سيكون محاطا بأهمية واسعة في السوق وسط توقعات بالعودة إلى تثبيت الإنتاج، انتظارا لعبور الطلب العالمي على النفط الخام لأزمة الضعف الراهنة واستعادة حيويته في الشهور المقبلة.
وفي هذا الإطار، يقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش أي" لخدمات الطاقة "إن تفاوت تقديرات تعافي الطلب ظهر بوضوح في تقريري وكالة الطاقة ومنظمة أوبك، وهو ما يرجح معه استمرار التقلبات السعرية"، مشيرا إلى أن البنوك الاستثمارية وعلى رأسها "جولدمان ساكس" ترى مستوى 80 دولارا للبرميل ليس بعيدا رغم عدم اليقين في السوق.
وأوضح أن عديدا من البنوك الدولية يرجح أن ضعف الطلب الناجم عن متغير "دلتا" سيكون قصير الأجل، وأن المخزونات النفطية العالمية ستظل ضيقة، لكن تظل حالة عدم اليقين فيما يتعلق بنمو الطلب قصير الأجل بشكل رئيس.
ويرى، دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية أن أسعار النفط ما زالت تواجه ضغوطا واسعة جراء التأثر بحالة ضعف تقديرات الطلب وإغلاق الصين محطة رئيسة في ثالث أكثر الموانئ ازدحاما في العالم.
وأشار إلى غلبة حالة عدم اليقين على السوق حيث تضررت الأسعار من تحذير من وكالة الطاقة الدولية من أن قيود التنقل الجديدة في آسيا لمحاربة متغير دلتا من المرجح أن تبطئ نمو الطلب العالمي على النفط في النصف الثاني من 2021، مرجحا انخفاض النمو في النصف الثاني من 2021 بشكل أكثر حدة.
بدوره، يقول بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة "إن الوضع الوبائي يشهد أزمات متلاحقة جراء تتابع انتشار الموجات الجديدة من الإصابات، ما ينعكس على تذبذب متلاحق في الأسعار حيث يبدو أن القيود الجديدة لفيروس كورونا المفروضة في عديد من الدول الرئيسة المستهلكة للنفط ولا سيما في آسيا من المقرر أن تقلل من التنقل وتحد من استهلاك النفط".
وذكر أن أسعار النفط باتت تحت ضغوط أقوى ومتلاحقة جراء تأثر المعنويات في السوق بالمخاوف من الاضطرابات في سلاسل الشحن والإمداد العالمية بعد أن أغلقت الصين محطة رئيسة في ميناء نينجبو - تشوشان وهو ما يمثل ثالث أكثر الموانئ ازدحاما في العالم بعد ظهور إصابات في عمال الميناء.
وتشير أرفي ناهار المختصة في شؤون النفط والغاز في شركة "أفريكان ليدرشيب" الدولية إلى أن أسعار النفط الخام تحت ضغوط عوامل متضادة، لأن الاقتصاد العالمي تسيطر عليه المخاوف المتعلقة بانتشار الموجة الحالية من متغير دلتا التي تستمر في الانتشار عبر آسيا وأجزاء من الولايات المتحدة، ما يوجد قدرا كبيرا من التوترات في السوق.
وأشارت إلى أن استمرار "أوبك+" في تعزيز المعروض النفطي على الرغم من تباطؤ الطلب يضيف مزيدا من الضغوط على الأسعار، موضحة أن القلق من تخمة العرض تجدد أخيرا في السوق، وتتعلق الأنظار باجتماع "أوبك+" الشهري في أيلول (سبتمبر) المقبل، لبحث إمكانية تثبيت الإنتاج لحين تعافي الطلب بنحو أوسع، مشيرة إلى عودة تركيز السوق مرة أخرى على توقعات الطلب غير المؤكدة بسبب الانتشار السريع لمتغير دلتا لفيروس كورونا ولا سيما في المستورد الرئيس الصين.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع، تماسك خام برنت القياسي فوق 70 دولارا للبرميل على الرغم من أنه يتجه صوب ثاني انخفاض أسبوعي يوم الجمعة، بعد أن حذرت وكالة الطاقة الدولية من أن نمو الطلب على النفط تباطأ بشدة بسبب السلالات المتحورة من فيروس كورونا.
ونزل خام برنت 14 سنتا أو ما يعادل 0.2 في المائة إلى 71.17 دولار للبرميل بحلول الساعة 1158 بتوقيت جرينتش. وتراجع الخام الأمريكي 18 سنتا أو ما يعادل 0.2 في المائة إلى 68.91 دولار للبرميل، وخلال الأسبوع، ارتفع الخامان القياسيان ما يقل عن 1 في المائة.
وقالت وكالة الطاقة الدولية الخميس "إن نمو الطلب بصدد الارتفاع بوتيرة أبطأ على مدى بقية 2021، بسبب زيادة الإصابات بالمتحور دلتا".
وقال جيفري هالي كبير محللي السوق المعني بمنطقة آسيا والمحيط الهادي لدى "أواندا"، "التغيير العكسي المفاجئ من جانب وكالة الطاقة الدولية هز الأعصاب وكبح صعود النفط، ليوضح حقيقة الأثر الناجم عن المتحور دلتا".
وقال "جيه.بي.إم" لأبحاث السلع الأولية "نشهد الآن تعثر تعافي الطلب العالمي هذا الشهر في ظل بلوغ الطلب على النفط 98.3 مليون برميل يوميا فحسب في آب (أغسطس) ومتوسط 97.9 مليون برميل يوميا في أيلول (سبتمبر)، بالتساوي مع المتوسط البالغ نحو 98 مليون برميل يوميا في تموز (يوليو)".
وعلى نحو مماثل، خفض "جولدمان ساكس" تقديره لعجز النفط العالمي إلى مليون برميل يوميا من 2.3 مليون برميل يوميا في الأمد القصير، إذ يتجه الطلب إلى الانخفاض في آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر).
وتمسكت "أوبك" الخميس بتوقعاتها لانتعاش الطلب على النفط عالميا هذا العام وتحقيق مزيد من النمو في 2022، على الرغم من القلق المتزايد حيال ارتفاع الإصابات بكوفيد - 19.
لكن منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" رفعت أيضا توقعاتها للإمدادات العام المقبل من المنتجين الآخرين، بما يشمل منتجي النفط الصخري الأمريكي، ما قد يعرقل جهود المنظمة ومنتجين حلفاء، المجموعة المعروفة بـ"أوبك+"، لتحقيق توازن في السوق.
وفي سياق متصل، ذكر التقرير الأسبوعي لشركة بيكر هيوز الدولية أن عدد منصات النفط والغاز في الولايات المتحدة ارتفع تسع منصات هذا الأسبوع، بعد ارتفاعه بمقدار ثلاث في الأسبوع الماضي، مشيرا إلى أن تسجيل إجمالي عدد الحفارات بلغ الآن 500، بزيادة 256 عن الوقت نفسه من العام الماضي - وهو أعلى عدد منصات منذ نيسان (أبريل) 2020، لكنه لا يزال منخفضا بشكل حاد عن 790 منصة نشطة قبل الوباء.
ولفت التقرير إلى ارتفاع عدد منصات النفط في الولايات المتحدة بمقدار عشر منصات هذا الأسبوع إلى 397، في حين انخفض عدد منصات الغاز بمقدار واحدة. حفارات متنوعة مثبتة عند الصفر.
ولفت التقرير إلى ارتفاع تقديرات إدارة معلومات الطاقة لإنتاج النفط في الولايات المتحدة للأسبوع المنتهي في 6 أغسطس بمقدار مائة ألف برميل يوميا إلى متوسط 11.3 مليون برميل يوميا، وهو ما يقل بنحو مليوني برميل يوميا عن المستويات التي تم إنتاجها قبل الوباء.