"نفاق أوروبي" هكذا وصف موقع "ميديابارت" الفرنسي تعاطي دول الاتحاد مع ملف اللاجئين الأفغان، إثر ما تعرفه البلاد من تدهور للأوضاع الأمنية منذ أسابيع، انتهى بسقوط كابل في يد طالبان وما لحق ذلك من موجة نزوح كبيرة شاهد العالم صورها على كل وسائل الإعلام.

هذا وعلى طول تلك الفترة تمسكت الدول الأوروبية بتجاهلها طلبات االسلطات الأفغانية بعدم ترحيل اللاجئين. انتظرت إلى أن انهارت الحكومة الأفغانية كي تفتح أبوابها لهم، بل وتسابقت على مَن مِن عواصم الاتحاد الأكثر استقبالاً لأولئك اللاجئين. الأمر الذي علل به الموقع وصفه ذاك.

ترحيل حتى الدقائق الأخيرة

منذ انطلاق الهجمة المضادة لطالبان على المدن الأفغانية، وانطلقت معها أعمال العنف والمواجهة مودية بمئات القتلى من المدنيين، ظلت دول الاتحاد الأوروبي متشبثة بقرار ترحيل اللاجئين الأفغان إلى أراضهم. كونهم لا يعتقدون أن "أعمال العنف قد تمثل تهديداً حقيقياً للسلامة الشخصية لطالبي اللجوء الأفغان"، كما سبق وأورد قرار السلطات الفرنسية سنة 2020.

بالمقابل وفي تلك السنة مثَّلت طلبات اللجوء الأفغاني إلى الدول الأوروبية نسبة 10.6% من مجمل الطلبات التي تلقتها سلطاتها، أي ما تعداده يفوق 44 ألف طلب، مباشرة خلف الطلبات السورية التي بلغت نسبتها 15.2% من مجمل تلك الطلبات.

وإلى حدود 11 يوليو/تموز حين ناشدت السلطات الأفغانية أوروبا عدم ترحيل أولئك اللاجئين لتلاحق الأحداث الدامية بالبلاد وتصعيد العنف الذي كان حاصلاً. كان الاتحاد الأوروبي لا يزال متشبثاً بقرار الترحيل. بل ووقعت كل من اليونان وألمانيا وبلجيكا والنمسا وهولندا رسالة إلى المفوضية الأوروبية تطالبها باستمرار الترحيل القسري للاجئين الأفغان.

"وقف الترحيل قد يشجع المزيد من الأفغان لمغادرة بلدهم نحو الاتحاد الأوروبي". هذا ما تضمنته تلك الرسالة واحتاج الأمر إلى الانتظار حتى 5 أغسطس/آب وعمليات العنف مستمرة حتى تتراجع ألمانيا وهولندا عن طلبها. فيما النمسا كانت لها طريقة أخرى في الجواب بتحريك قوات أمنها على الحدود مع سلوفينيا وهنغاريا من أجل منع عبور لاجئين أفغان كانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قررت السماح لهم بالبقاء في انتظار حسمها في طلباتهم.

تسابق أوروبي على اللاجئين؟

من المزمع أن يعقد وزاء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعهم من أجل بحث التطورات الأخيرة في أفغانستان يوم الثلاثاء 17 أغسطس/آب الجاري. فيما وصفها المستشار الأوروبي للشؤون الخارجية بأن أفغانستان "تقع في مفترق طرق، حيث أمن مواطنيها كالأمن الدولي على المحك الآن".

لم تأت هذه الالتفاتة الأوروبية إلا بعد أن دخلت طالبان إلى كابول الأحد 15 أغسطس/آب الجاري، حينها تقاطرت دعوات دبلوماسييها لإخلاء متعاونيها هناك البالغ عددهم بين 500 و600 متعاون. بل وعاد التسابق نحو استقبال أولئك اللاجئين. إذ أعلنت ألمانيا عن نيتها إجلائها المتعاونين الـ2500 من الذين خدمو قواتها هناك، إضافة إلى 10 آلاف لاجئ آخر من "المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان".

فرنسا هي الأخرى تحدث رئيسها عن التزامه بإجلاء "المتعاونين الأفغان الذين عملوا مع القوات الفرنسية هناك"، كما تعهَّد باستقبال بلاده "عدداً آخر من الحقوقيين الأفغان المحامين والصحفيين والفنانين والمناضلين"، معتبراً ذلك "شرفاً لفرنسا". فيما رأت فيه ناشطون في حقوق اللاجئين بفرنسا انتقائية في تمتيع المواطنين الأفغان بحق اللجوء المكفول دولياً الذي يروم الحفاظ على سلامة الإنسان من دون اعتبارات مهنته أو نشاطاته العامة.

TRT عربي