في الوقت الذي أنعش فيه مشروع تطوير السودة الآمال بنقلة نوعية للسياحة في عسير ، لا زال الكثيرون يرون أن بقية محافظات المنطقة لم تستغل سياحيًا بالصورة المأمولة بعد، وأن النقلة المنتظرة تظل مرهونة بتطوير الخدمات والبنية التحتية في المواقع المختلفة والمدن المجاورة لمدينة أبها والتنويع والابتكار في المشروعات لتظل مصدر جذب للمنطقة، ويتفق الغالبية على أن الانتعاش السياحي المنتظر سيكون له تبعات اقتصادية واجتماعية على أهالي المنطقة والتنمية بها في ظل إقبال الشباب وتطلع الأسر المنتجة إلى دعم الخدمات والبنية التحتية يقول رجل الأعمال علي سليمان الشهري: عسير تمتلك مقومات متنوعة جعلت منها وجهة سياحية في موسمي الصيف والشتاء في ظل الأجواء المعتدلة والطبيعة الخلابة وإن كان ينقصها بعض الخدمات والبنية التحتية القوية إلا أن كرم ونبل إنسان عسير لفت الانتباه. ولعل مشروع السودة والذي يوليه سمو ولي العهد جل الرعاية والاهتمام يعد من أهم المشروعات السياحية التي ستحقق نجاحًا بالمرحلة المقبلة، بجانب المقومات المتوفرة في محافظتي النماص وتنومة لما حباها الله من طبيعة جميلة وغابات شديدة الخضرة وسط أجواء معتدلة وغيمة لا تكاد تفارق المكان، وتوقع أن تسهم هذه المقومات في إيجاد فرص للأسر المنتجة على غرار التجارب الناجحة في بعض الدول كإيطاليا والنسما وأسبانيا، داعيًا إلى تأسيس هيئة أو جهة مسؤولة لتطوير عمل تلك الأسر وإنتاجيتها لتواكب القفزات التي يشهدها الجانب السياحي والإقبال المتزايد على المنطقة. فترة ذهبية في الانتعاش السياحي يرى د.سعد عثمان رئيس المجلس البلدي بأبها سابقًا أن منطقة عسير تعيش فترة ذهبية بفضل المقومات السياحية التي تمتلكها مما يجعل السياحة صناعة واستثمارًا له قواعده وأصوله التي تضمن جذب الاستثمارات بخطوات متسارعة وثابة في ظل رؤية المملكة ٢٠٣٠. وأشار إلى أن بشائر الخير وصلت من خلال إنشاء شركة تطوير السودة ومشروع وادي أبها، وبدأت الحقائق على الأرض ليطمئن الناس للمستقبل الزاهر للسياحة في عسير، ويبقى دور المواطن في نجاح فعالياتها وعلى أصحاب القرار مراعاة خصوصية المنطقة بما يحفظ للزائر والسائح حقه في السياحة. مشروع السودة قيمة مضافة لعسير أما د.محمد يحيى آل مزهر أمين الغرفة التجارية بأبها سابقًا فنوه بجهود سمو الأمير خالد الفيصل منذ سنوات بعيدة في دعم السياحة بالمنطقة، رغم النظرة القاصرة للبعض عن القطاع السياحي في عسير، وقد عمل أصحاب السمو أمراء منطقة عسير على تطوير البنى التحتية للسياحة بدءًا من مهندس التنمية سمو الأمير خالد الفيصل والذي أنشأ لأول مرة إدارة مستقلة في الإمارة تعنى بهذا الجانب، ولم يقتصر الاهتمام بالمدن السياحة بل تجاوز إلى القرى المجاورة والتي يتوفر بها ما يرقى إلى تطلعات السائح والزائر للمنطقة من متاحف وقرى أثرية ومساجد قديمة أولتها القيادة الرشيدة، عناية فائقة وأعادت لها الحياة الجميلة، كما أن مشروع السودة والذي تبناه سمو ولي العهد وسيعمل على تنفيذه شركات عالمية سيكون قيمة مضافة وسيسهم في توفير فرص وظيفية للشباب والشابات، وأشار إلى أن المقومات المختلفة جعلت من منطقة عسير وجهة سياحية رئيسة تنوعت فيها مصادر الدخل للأفراد والأسر من خلال المشروعات الصغيرة. دعم استثمار الشباب في السياحة يقول اللواء م محمد حسن العمري إن السياحة تمثل في منطقة عسير رافدا اقتصاديًا لخزينة الوطن بشكل عام ومردودًا استثماريًا جيًدا لأبناء المنطقة، لافتًا إلى أن الكثير من الأسر ساهمت في صناعة السياحة من خلال صنع الأطعمة وتأمين الوجبات الغذائية للزوار بأسعار رمزية نالت استحسانهم وساهمت في تحقيق مردود لعدد من الأبناء، كما امتهن بعض الشباب خدمة السائح في المنتزهات والحدائق والغابات بتأمين المجالس والمطابخ والشوي المتنقل وتجهيز المواقع وإعداد الموائد المتنوعة في الهواء الطلق، ولم يقف الحال على ذلك فمنهم من يجيد التحدث بإسهاب عن المواقع التي ينشدها السائح، وساهم التوافد المتزايد للزوار في تفكير البعض بتجهيز بعض المساكن الخاصة في المدن والقرى بكامل التجهيزات لاستقبال الزوار مقابل مبالغ مالية ميسرة.. وأعرب عن أمله في أن تعمل وزارة الموارد البشرية على تشجيع ومساندة هؤلاء الأفراد نحو الاستثمار الأمثل، ولعل البلديات تسهم في توفير الأماكن المناسبة للشباب وتيسير المبالغ المالية لاستشماراتهم وبذلك سنلمس جميعًا تطورًا باهرًا في ثقافة خدمة السياحة في الأعوام المقبلة. ارتفاع الطلب على الوحدات السكنية يفوق المعروض يرى محسن سعد البكري رئيس المجلس البلدي بمحافظة النماص أن السياحة رافد تنموي للدول والأفراد، إذ تساهم بأكثر من 10% من الناتج المحلي لبعض الدول، كما تحقق عوائد وتوفرفرصًا استثمارية ووظائف لأهالي تلك المدن، وينعكس ذلك على تحسين جودة الطرق والاتصالات والنظافة والفندقة والضيافة والمطاعم والمقاهي وخدمات وكالات الأسفار، مشيرًا إلى أن هذه العوائد المباشرة وغير المباشرة يستفيد منها ساكنو المناطق السياحية. ويشير طلال محمد الشهري وهو أحد المستثمرين في مجال الوحدات السكنية في مدينة أبها إلى أن المكانة التي تحتلها أبها وما وصلت إليه خلال العقود الأربعة من مقومات سياحية جعلها تشهد نقلة نوعية هائلة، ودفع أبناء المنطقة إلى الاستثمار في السياحة حتى أصبحت من الموارد الأساسية لهم، مبيِّنًا أن حجم الطلبات على الوحدات السياحية والشاليهات يفوق بعض الأحيان مستوى العرض مما أعطى مؤشرًا لدى المستثمرين على وجود طلب متنامٍ على ذلك القطاع. دعوة المستثمرين إلى تنويع المشروعات من جانبه قال رجل الأعمال علي مشرف إنه رغم المقومات السياحية إلا أن حماس بعض رجال الأعمال في إقامة المشروعات والاستثمار يفتقر للتنوع والابتكار بما يتواءم مع ذائقة الزائر والمصطاف والذي سيعود مرة أخرى عندما يقتنع بفخامة المكان، ومن المشاهدات الجميلة استثمار بعض الأهالي مواقعهم القريبة من المتنزهات لتنفيذ بعض المشروعات الصغيرة من المساكن والشاليهات. ويرى عمار الوليدي أن فرص توظيف الشباب في المنشآت السياحية في محافظات منطقة عسير خلال موسم الصيف الحالي ارتفع مقارنة بالأعوام الماضية في ظل التوسع في المتنزهات الحالية في مدينة أبها أو في المحافظات وزيادة عدد الوحدات السكنية ومطاعم الفود ترك والكافيهات والمطاعم والتي صممت بطراز حديث يجذب انتباه الزائر والمصطاف. أما الشاب عبدالرحمن غرمان الشهري فيبيِّن أنه عمد وزملاؤه إلى البحث عن وظيفة مؤقتة في موسم الصيف فوجدوا زيادة العرض من أصحاب الشقق والكافيهات، ولعل ما أبهجهم على حد قوله هو عبارات التشجيع التي تلقوها من المسؤولين ومن الأسر والأفراد، وأشار إلى أن زيادة الإقبال على المناطق السياحية يأتي نتيجة قناعة المواطن بأن السياحة الداخلية أكثر أمانًا وأنفع للوطن، وإن لم تتوفر بعض المقومات إلا أن رؤية سمو ولي العهد ستحقق بيئة جاذبة في منطقة عسير. أما الشاب عبدالرحمن العمري والذي يعمل لأكثر من أربع سنوات في مجال تقديم الأطعمة في إحدى المتنزهات من خلال «فود ترك» فيقول: عندما بدأت في تجربتي لم أكن أعلم أنها ستحقق مردودًا ماليًا مجزيًا ، وأصبحت الآن أكثر دراية مما جعلني أتواصل مع الكثير من الأسر المنتجة ليساهموا معي في تقديم الأطعمة الطازجة للزوار، ولكثرة الطلبات عمدت إلى استقطاب بعض الشباب للعمل معي، وأصبحت ثقافة الأعمال الحرة عالقة في أذهاننا وسنعمل على تحقيق طموحاتنا الاستثمارية الصغيرة في ظل ما تشهده منطقة عسير من تطور سياحي جعلها وجهة الكثيرين من المملكة ودول الخليج العربي.