إنه‏ ‏أبونا‏ ‏وكفي


يرفع‏ ‏داود‏ ‏النبي‏ ‏صوته‏ ‏في‏ ‏المزمور‏ ‏لله‏ ‏القدير‏ ‏قائلا‏: ‏يارب‏ ‏بكل‏ ‏قلبي‏ ‏أحمدك‏ ‏وأحدث‏ ‏بجميع‏ ‏عجائبك‏ ‏أفرح‏ ‏وأبتهج‏ ‏بك‏, ‏أعزف‏ ‏أيها‏ ‏العلي‏ ‏لاسمك‏ (‏مزمور‏ 9:3‏ـ‏2).
‏ما‏ ‏أكثر‏ ‏هؤلاء‏ ‏الأشخاص‏ ‏الذين‏ ‏يبحثون‏ ‏عن‏ ‏الله‏ ‏خارجهم‏, ‏في‏ ‏حين‏ ‏أنهم‏ ‏فقدوه‏ ‏في‏ ‏قلوبهم‏, ‏نتيجة‏ ‏أعمالهم‏ ‏التي‏ ‏تتعارض‏ ‏مع‏ ‏مشيئته؟‏ ‏يحكي‏ ‏عن‏ ‏أحد‏ ‏جيران‏ ‏جحا‏ ‏الذي‏ ‏وجد‏ ‏ذات‏ ‏يوم‏ ‏راكعا‏ ‏علي‏ ‏ركبتيه‏ ‏أمام‏ ‏الرصيف‏ ‏خارج‏ ‏المنزل‏, ‏وكان‏ ‏يبحث‏ ‏عن‏ ‏شيء‏ ‏ما‏.
‏فسأله‏: ‏ما‏ ‏الذي‏ ‏تبحث‏ ‏عنه‏ ‏ياجحا‏, ‏حتي‏ ‏أساعدك‏ ‏في‏ ‏العثور‏ ‏عليه؟‏ ‏أجابه‏: ‏أبحث‏ ‏عن‏ ‏مفتاحي‏ ‏الذي‏ ‏فقدته‏ ‏أثناء‏ ‏النهار‏ ‏فركع‏ ‏الرجل‏ ‏علي‏ ‏ركبتيه‏ ‏ليبحث‏ ‏مع‏ ‏جحا‏ ‏عن‏ ‏المفتاح‏ ‏المفقود‏.
‏وبعد‏ ‏معاناة‏ ‏شديدة‏ ‏ووقت‏ ‏طويل‏ ‏مهدور‏ ‏دون‏ ‏جدوي‏, ‏سأل‏ ‏الجار‏ ‏جحا‏: ‏أين‏ ‏فقدت‏ ‏المفتاح؟‏ ‏أجابه‏: ‏في‏ ‏المنزل‏.
‏فصرخ‏ ‏الرجل‏: ‏ارحمني‏ ‏يا‏ ‏الله‏! ‏إذا‏ ‏لماذا‏ ‏تبحث‏ ‏عنه‏ ‏في‏ ‏الشارع؟‏ ‏ـ‏ ‏أجابه‏ ‏بكل‏ ‏بساطة‏: ‏لأن‏ ‏هنا‏ ‏يوجد‏ ‏نور‏, ‏بينما‏ ‏في‏ ‏البيت‏ ‏ظلمة‏ ‏إذا‏ ‏ماذا‏ ‏ينفع‏ ‏الإنسان‏ ‏إن‏ ‏بحث‏ ‏عن‏ ‏الله‏ ‏في‏ ‏الأماكن‏ ‏المقدسة‏, ‏بينما‏ ‏فقده‏ ‏في‏ ‏قلبه‏! ‏لماذا‏ ‏لا‏ ‏نستعين‏ ‏بالله‏ ‏القادر‏ ‏علي‏ ‏كل‏ ‏شيء‏ ‏ليسهل‏ ‏لنا‏ ‏أمورنا‏ ‏ويعيننا‏ ‏في‏ ‏حمل‏ ‏الأشياء‏ ‏التي‏ ‏نراها‏ ‏تفوق‏ ‏طاقاتنا‏ ‏وقوانا‏ ‏البشرية؟‏ ‏للأسف‏ ‏نحن‏ ‏نفكر‏ ‏في‏ ‏الله‏ ‏ونتذكره‏ ‏أثناء‏ ‏الصلاة‏ ‏فقط‏, ‏بينما‏ ‏نهمله‏ ‏تماما‏ ‏طوال‏ ‏اليوم‏, ‏لقد‏ ‏نسينا‏ ‏أن‏ ‏قوتنا‏ ‏الحقيقية‏ ‏تكمل‏ ‏مع‏ ‏الله‏ ‏عندما‏ ‏نطلب‏ ‏معونته‏ ‏اللا‏ ‏محدودة‏, ‏ونسأله‏ ‏أن‏ ‏يقف‏ ‏معنا‏ ‏في‏ ‏مهامنا‏ ‏الصعبة‏ ‏حتي‏ ‏نستطيع‏ ‏إنجازها‏.
‏كما‏ ‏يجب‏ ‏ألا‏ ‏ننساه‏ ‏في‏ ‏أي‏ ‏لحظة‏, ‏ونشعر‏ ‏بوجوده‏ ‏أينما‏ ‏كنا‏, ‏ونشكره‏ ‏علي‏ ‏كل‏ ‏عمل‏ ‏نقوم‏ ‏به‏.
‏مما‏ ‏لا‏ ‏شك‏ ‏فيه‏ ‏أن‏ ‏الله‏ ‏معنا‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏حين‏ ‏ببده‏ ‏الحانية‏ ‏والجبارة‏ ‏لتسند‏ ‏ضعفنا‏, ‏وتزيل‏ ‏العقبات‏ ‏من‏ ‏طريقنا‏, ‏كما‏ ‏أنها‏ ‏تساعدنا‏ ‏علي‏ ‏اجتيازها‏ ‏عندما‏ ‏نطلب‏ ‏معونته‏ ‏بكل‏ ‏ثقة‏ ‏ونعمل‏ ‏ببركته‏ ‏مما‏ ‏لا‏ ‏شك‏ ‏فيه‏ ‏أنه‏ ‏لن‏ ‏يخذلنا‏ ‏أبدا‏, ‏ولن‏ ‏يرفض‏ ‏لنا‏ ‏طلبا‏, ‏بل‏ ‏سيمنحنا‏ ‏بركاته‏ ‏ونعمه‏ ‏حتي‏ ‏نشعر‏ ‏بالسعادة‏ ‏الحقيقية‏, ‏عندما‏ ‏نتمم‏ ‏أعمالنا‏ ‏اليومية‏.
‏كما‏ ‏أن‏ ‏الله‏ ‏موجود‏ ‏معنا‏ ‏أيضا‏ ‏بكلامه‏ ‏الذي‏ ‏ينير‏ ‏عقولنا‏ ‏وقلوبنا‏, ‏ويشدد‏ ‏عزائمنا‏, ‏ويحثنا‏ ‏علي‏ ‏عمل‏ ‏الخير‏ ‏والتحلي‏ ‏بالفضائل‏, ‏ولا‏ ‏يفوتنا‏ ‏أن‏ ‏كلامه‏ ‏يوبخنا‏ ‏أحيانا‏, ‏ويعزينا‏ ‏أحيانا‏ ‏أخري‏.
‏إذا‏ ‏الله‏ ‏لا‏ ‏يتركنا‏ ‏أبدا‏, ‏لأنه‏ ‏معنا‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏حين‏, ‏حتي‏ ‏وإن‏ ‏لم‏ ‏ندرك‏ ‏هذا‏ ‏بسبب‏ ‏مشاغلنا‏ ‏وهمومنا‏ ‏وارتباطاتنا‏ ‏اليومية‏, ‏لذلك‏ ‏يجب‏ ‏علينا‏ ‏أن‏ ‏نتوكل‏ ‏علي‏ ‏الله‏ ‏القادر‏ ‏علي‏ ‏كل‏ ‏شيء‏ ‏وواهب‏ ‏النعم‏ ‏والعطايا‏, ‏والذي‏ ‏لا‏ ‏يتركنا‏ ‏وحدنا‏, ‏بل‏ ‏يستجيب‏ ‏لنا‏ ‏دون‏ ‏توان‏ ‏وفي‏ ‏كل‏ ‏لحظة‏, ‏ويزيل‏ ‏من‏ ‏أمامنا‏ ‏العقبات‏ ‏التي‏ ‏تقف‏ ‏في‏ ‏طريقنا‏ ‏وتعوق‏ ‏مسيرتنا‏ ‏مادام‏ ‏الله‏ ‏معنا‏ ‏فيجب‏ ‏أن‏ ‏نثق‏ ‏بأن‏ ‏كل‏ ‏العوائق‏ ‏ستزول‏, ‏والصعوبات‏ ‏تختفي‏, ‏لأن‏ ‏الإيمان‏ ‏بالله‏ ‏يمنح‏ ‏الإنسان‏ ‏الثقة‏ ‏والطمأنينة‏ ‏والأمل‏, ‏ويجعله‏ ‏يتخلص‏ ‏من‏ ‏المخاوف‏ ‏والقلق‏ ‏والاكتئاب‏ ‏الذين‏ ‏يسيطرون‏ ‏علي‏ ‏كل‏ ‏قواه‏, ‏ويمنعونه‏ ‏من‏ ‏القيام‏ ‏بواجباته‏ ‏علي‏ ‏أكمل‏ ‏وجه‏.
‏للأسف‏ ‏نحن‏ ‏نعيش‏ ‏عصرا‏ ‏فيه‏ ‏يتم‏ ‏تزييف‏ ‏كل‏ ‏شيء‏ ‏حتي‏ ‏أن‏ ‏الكثيرين‏ ‏قاموا‏ ‏بتزييف‏ ‏وتشويه‏ ‏صورة‏ ‏الله‏ ‏الحقيقية‏, ‏مستبدلين‏ ‏إياها‏ ‏بصور‏ ‏أخري‏ ‏تناسب‏ ‏مصالحهم‏ ‏الشخصية‏ ‏وأهوائهم‏ ‏الذاتية‏, ‏وبالرغم‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏الله‏ ‏هو‏ ‏الأب‏ ‏الحنون‏ ‏الذي‏ ‏يسهر‏ ‏علي‏ ‏أبنائه‏, ‏والمعلم‏ ‏الأمين‏ ‏الذي‏ ‏لا‏ ‏يخون‏ ‏أبدا‏, ‏إلا‏ ‏أنهم‏ ‏يعتبرونه‏ ‏أمين‏ ‏الخيزنة‏ ‏الذي‏ ‏يعطيهم‏ ‏المال‏ ‏لسد‏ ‏حاجاتهم‏ ‏وعوزهم‏ ‏كما‏ ‏أن‏ ‏البعض‏ ‏منهم‏ ‏يعتبرون‏ ‏الله‏ ‏ساحرا‏ ‏جبارا‏ ‏يستطيعون‏ ‏اللجوء‏ ‏إليه‏, ‏حتي‏ ‏ينزل‏ ‏العقاب‏ ‏واللعنة‏ ‏علي‏ ‏أعدائهم‏ ‏الخفيين‏ ‏والظاهرين‏, ‏وهناك‏ ‏بعض‏ ‏الذين‏ ‏يعتبرون‏ ‏الله‏ ‏موظفا‏ ‏في‏ ‏مصلحة‏ ‏الأراضي‏ ‏والعقارات‏, ‏جاهزا‏ ‏في‏ ‏أي‏ ‏لحظة‏ ‏لتسليمهم‏ ‏أراضي‏ ‏ومساحات‏ ‏خاصة‏ ‏لهم‏ ‏في‏ ‏السماء‏ ‏مقابل‏ ‏بعض‏ ‏الصلوات‏ ‏والعبادات‏ ‏الشكلية‏ ‏التي‏ ‏يقومون‏ ‏بها‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏هذا‏ ‏الغرض‏ ‏فقط‏. ‏
ومما‏ ‏لا‏ ‏شك‏ ‏فيه‏ ‏أننا‏ ‏نتقابل‏ ‏كل‏ ‏يوم‏ ‏مع‏ ‏هؤلاء‏ ‏الذين‏ ‏يعبدون‏ ‏المال‏ ‏ليلا‏ ‏ونهارا‏ ‏صانعين‏ ‏منه‏ ‏إلها‏ ‏لهم‏ ‏حتي‏ ‏أنهم‏ ‏يسعون‏ ‏بشتي‏ ‏الطرق‏ ‏والوسائل‏ ‏الشرعية‏ ‏وغير‏ ‏الشرعية‏, ‏للحصول‏ ‏عليه‏ ‏وامتلاكه‏ ‏ولا‏ ‏ينظرون‏ ‏أبدا‏ ‏إلي‏ ‏المعوزين‏ ‏والفقراء‏ ‏ليقدموا‏ ‏لهم‏ ‏ما‏ ‏يحتاجون‏ ‏إليه‏ ‏لسد‏ ‏حاجتهم‏, ‏كما‏ ‏أنهم‏ ‏يصمون‏ ‏آذانهم‏ ‏عن‏ ‏صراخ‏ ‏وشكوي‏ ‏المظلومين‏ ‏والأرامل‏ ‏والأيتام‏, ‏ويصل‏ ‏بهم‏ ‏الحال‏ ‏إلي‏ ‏أن‏ ‏يتحجر‏ ‏قلبهم‏ ‏ولا‏ ‏يهتز‏ ‏لأي‏ ‏مشاعر‏ ‏إنسانية‏.
‏أمثال‏ ‏هؤلاء‏ ‏يتساءلون‏: ‏أين‏ ‏الله‏ ‏في‏ ‏حياتنا‏ ‏ليعيننا؟‏ ‏نحن‏ ‏لا‏ ‏نشعر‏ ‏بوجوده‏, ‏هل‏ ‏هل‏ ‏خلقنا‏ ‏وتركنا‏ ‏ولا‏ ‏يفكر‏ ‏فينا؟‏ ‏هل‏ ‏الله‏ ‏بعيد‏ ‏عنا؟‏ ‏لذلك‏ ‏نقول‏ ‏لهم‏: ‏إن‏ ‏الله‏ ‏معنا‏ ‏دائما‏ ‏أبدا‏, ‏لينظم‏ ‏ما‏ ‏شوهناه‏ ‏من‏ ‏أمور‏ ‏حياتنا‏, ‏أو‏ ‏ليشوش‏ ‏ما‏ ‏رتبناه‏ ‏ليعيد‏ ‏تنظيمه‏ ‏علي‏ ‏أفضل‏ ‏وجه‏ ‏وأحسن‏ ‏حال‏! ‏إنه‏ ‏أبونا‏ ‏وكفي‏!.‏

تاريخ الخبر: 2021-08-28 13:23:35
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 56%

آخر الأخبار حول العالم

أبراج تنتظر الصيف للاستمتاع بالحفلات والسهر.. اعرف أنت منهم ولا لأ

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-29 06:22:17
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 42%

وزارة الأوقاف تفتتح اليوم 29 بيتًا من بيوت الله منها 22 مسجدًا جديدًا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-29 06:22:15
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 45%

البحوث الفلكية: كسوف الشمس الكلى المرتقب 8 أبريل لن يُرى فى مصر

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-29 06:22:19
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 38%

موعد الإفطار وعدد ساعات الصيام فى اليوم الـ19 من شهر رمضان 2024

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-29 06:22:13
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 41%

عبدالله في منزل "حسنين" - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-03-29 06:24:06
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 70%

دعاء اليوم التاسع عشر من رمضان.. اللهم اجعلنى متمسكا بسنة أنبيائك

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-29 06:22:21
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 37%

جنون السوشيال ميديا – صحيفة التغيير السودانية , اخبار السودان

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-29 06:23:17
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية