وداعا الإذاعي القدير”قالب دماغ إسرائيل”


رحل عن دنيانا بالأمس رجلا ذو قيمة وقامة فهو يعد من أبرز القوة الناعمة التي كان لها دورا في انتصارات حرب أكتوبر المجيد،فهو من أعطى لنا درسا في الوطنية ولكن كان درسا بعيدا عن الشعارات والكلمات الرنانة أو المستعارة مثلما يقدمها البعض من مدعي الوطنية.
حيث قدم لنا درسا عمليا في حب هذا الوطن ليبقى بمثابة منهجا معاشا أمام أرباب ورواد مهنته و كمثال وطني رائع لأبناء جيله وللأجيال المعاصرة و القادمة ايضا
،وذلك حينما طلب تقديم نفسه كمراسلا حربيا لكي ينقل الأحداث ويشعل حماس جنود الجيش المصري من داخل ساحة المعركة أبان حرب ٧٣ لينقل لنا عبر إذاعة الراديو من بطولات وتضحيات المقاتلين المصريين وكيف استطاعوا هزيمة الجيش الاسرائيلي رغم ندرة الإمكانيات مقارنتا بمعدات وعتاد الجيش الاسرائيلي،
أنه الاعلامي و الاذاعي القدير الراحل”حمدي الكنيسي”
الذي طالب الرئيس السادات بتكريمه قائلا عنه : ” دأ قالب دماغ اسرائيل” .

مولده:
ولد الكنيسي في ١٩ مارس ١٩٤١
بقرية شبرا النملة التابعة لمركز طنطا محافظة الغربية،

دراسته العلمية:
حصل على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية جامعة القاهرة عام 1961
وأنهى دراسته في الترجمة الفورية بالجامعة الأمريكية عام 1966.

حياته الاجتماعي
أنجبت له زوجتهّ ثلاث “بنات”
الابنة الأولي: مها تعمل بقناة المعلومات بالتليفزيون، ولديها ولد وبنت هما أميرة في المرحلة الجامعية، وأحمد في المرحلة الثانوية
الابنة الثانية :لبنى وهى أستاذ مساعد في قسم اللغة الإنجليزية ولديها ثلاثة أبناء هم شادى في المرحلة الثانوية، ويوسف في المرحلة الابتدائية، وجنى عمرها ست سنوات
والابنة الثالثة هي عبير، مهندسة معمارية ولديها عمر، 8 سنوات، وسارة، 11 سنة.

كيف تم تعينه كمراسلا بحرب أكتوبر:
عندما بدأ اندلاع الحرب مباشرة اتجه الكنيسي لرئيس الإذاعة
وكان حينذاك هو الإذاعى الراحل محمد محمود شعبان الشهير بلقب«بابا شارو»
وقال له أريد أن أتحرك لأن أكون المراسل الحربى للإذاعة، وأبدى «بابا شارو» دهشته ووافق بعد إعجابه بموقفه، وقال له الكنيسي :سأطالب باستدعائى للقوات المسلحة للقيام بهذا الدور، وساعده
” شارو” بالتواجد في المكتب العسكرى داخل ماسبيرو.

كيف أطمئن علي زوجته وهو بالحرب:
حينما قرر الكنيسي العمل كمراسلا حربيا فكان عمله يحتم عليه التواجد بموقع الأحداث فطالب من عمه بأن يأخذ زوجته ،وابناتهّ في ذلك الوقت إلى بيته لكي يكون مطمئنا عليهن حتى يتفرغ للحرب.

كان فخورا بعمله كمراسلا بحرب أكتوبر:
حيث كان الكنيسي فخورا بعمله كمراسلا حربيا أبان حرب أكتوبر وهذا الفخر دائما ما كان يعبر عنه حينما يتم أستضافته في الحوارات الصحفية والبرامج التلفزيونية، للحديث عن ذكري نصر أكتوبر المجيد،
كما قال عن نفسه في أحد اللقاءات الحوارية :
“أحمد الله أنى كنت جزءا من هذا المشهد العظيم، وأنى وُفِقت لأن أكون مراسلاً حربيًا للإذاعة في أكتوبر، ويكفى أننى رأيت فيها كيف يكون الإنسان المصرى عظيمًا ورائعًا وقويًا في مواجهة أخطر وأشرس التحديات، عشت وسط المقاتلين وهم يعلنون للعالم كله كيف أن الإنسان المصرى يمكن أن يتحدى المستحيل والعوائق المختلفة التي كانت تقف في وجه قواتنا المسلحة وكانت كفيلة بأن تمنع أي جيش في الدنيا من مجرد التفكير في مواجهتها، ومع ذلك قام بها جيشنا».

كيف كان عمله بالحرب شاقا:
ويعد الكنيسي أحد أشهر وأبرز مراسلى مصر الحربيين للإذاعة أبان حرب أكتوبر، حيث كان له دورا هاما في رفع الروح المعنوية لدي الجنود المصريين على الجبهة،وكأن الكنيسي يبدأ عمله يوميا بالتحرك بعد الفجر إلى الجبهة ثم يعود مساءً إلى ماسبيرو وكانت العملية على قدر أنها مرهقة لكن كان علي قدر عالي من السعادة.
حيث كان يري أنه يقوم بعمل وطنى وإعجاز كان يجعله يتناسي هذا المجهود الشاق، خاصة مع تزامن هذه الفترة بصيام شهر رمضان ،والتي ما كان يشعر معها بالجوع نظرا لحبه في تغطية هذه المواقف والتضحيات والبطولات الرائعة التي كان يقدمها الجنود المصريين بداحل ساحة الحرب،حبا في هذا الوطن،
فكان يروي الكنيسي عن تلك الفترة؛بأنه كان يري قوة المقاتل المصرى التي تتحدى المستحيل وتحطم أساطير الجيش الإسرائيلية،هذه القوة التي كانت غير متكافئة بالمقارنة بحجم القوة المقابلة من معدات وعتاد الجيش الإسرائيلي حينذاك. وكيف كان مزهولا عندما يشاهد بنفسه الجندى المصرى وهو يجرى خلف دبابة ويقفز فوقها ويفتح طاقتها العلوية ويلقى بقنبلة داخلها ويقفز من فوق الدبابة مسرعا قبل أن تنفجر.

مسيرته المهنية وتدرجه الوظيفي:
بدأ حياته العملية مدرسا للغة الإنجليزية بالتعليم الثانوي.
ثم عين مذيعا لقراءة النشرة بالبرنامج العام في عام١٩٦٣
،شارك في إنشاء مراقبة البرامج الثقافية والخاصة عام١٩٦٦،
ثم انتقل لإذاعة صوت العرب (مراقبا للبرامج الثقافية)عام ١٩٧١
بعد ذلك عين كمديرا عاما لإذاعة الشباب والرياضة عام
.١٩٨٨
ثم أصبح رئيسا لشبكة صوت العرب بدرجة وكيل وزارة عام ١٩٩٢.
ثم أصبح رئيسا لمجلس إدارة مجلة الإذاعة والتلفزيون من فبراير 1988 وحتى عام 2001 بجانب منصبه خبيرا دوليا في الإعلام لدى اليونسكو من عام 1975 وحتى عام 1977.مستشارا إعلاميا لمصر في لندن ونيودلهي من عام 1980 وحتى عام 1984.رئيس تحرير أول مسموعة أصدرتها شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات في ديسمبر 1995.أمينا عاما لمهرجان الإذاعة والتلفزيون في جميع دوراته.أمينا عاما لمهرجان الأغنية العربية السادس.عضوا في اللجنة العليا للمهرجان الدولى للأغنية ورئيسا للجنة الإعلامية للمهرجان.
ثم تولى منصب رئيس قطاع الإذاعة في الفترة من الأول من أكتوبر ١٩٩٧ وحتى ١٨ مارس ٢٠٠١ حتى بلوغه سن المعاش.

“قالب دماغ اسرائيل” :
يعد الكنيسى المذيع الوحيد الذى كان له برنامجين أبان حرب أكتوبر وهما “صوت المعركة ويوميات مراسل حربى”، وكان يبث فيهما عن لقاءات مع الجنود على الجبهة، وبعد أيام من حرب أكتوبر،قامت إسرائيل بتشكيل لجنة لبحث أسباب هزيمة الجيش الإسرائيلى، وكانت منبثقة منها لجنة أخرى لبحث أسباب انتشار برنامج “صوت المعركة”، بين الإسرائيليين المتحدثين بالعربية ، وعلم الرئيس الراحل محمد أنور السادات بهذه اللجنة، حينها اتصل السادات بوزير الإعلام حينذاك ، وقال له حرفيًا، “عايز أعرف حمدى الكنيسى تم تكريمه “ولا لأ.. دا قالب دماغ إسرائيل”، وهنا طلب وزير الإعلام الكنيسي قالا لى أنه سيتم تكريمه ليس لطلب الرئيس، ولكن لأنك كادر سياسى هائل، وأنا هرقيك ترقيتين، ولكن الكنيسي رفض الترقية قائلا، “لا تخدش العلاقة بينى وبين هذا الدور الوطنى”، وطلب أن يتم إنشاء نقابة للإعلاميين ووعده ببحث الأمر لكنه خرج فى التعديل الوزاري قبل تحقيق انشاء النقابة”.

حلمه بنقابة تحافظ علي شرف المهنة:
فكان دائما يراوده حلما بإنشاء نقابة تحافظ على شرف مهنة الإعلام،
وكان الكنيسي من أول المناضلين من أجل تأسيس نقابة الإعلاميين، من خلال موقعه كنائب في مجلس الشعب، حتى تحقق هذا الحلم عام ٢٠١٦م وصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء حينذاك بتشكيل اللجنة التأسيسية برئاسته، وصار الكنيسى رئيسا للجنة التأسيسية لنقابة الإعلاميين ليصبح الكنيسي هو أول من حصل عضوية النقابة.

أهم البرامج الإذاعية التي قدمها:
قصاقيص المجلة الثقافية،صوت المعركة،يوميات مراسل حربي ،تليفون وميكروفون و 200 مليون

نشاطه الثقافي:
عضو مجلس إدارة كتاب مصر ورئيس اللجنة الثقافية.كاتب قصص وعسكري وسياسي وله العديد من المؤلفات منها الحرب طريق السلام، عاشر العشرة، يوميات مذيع في جبهة القتال، وغيرها.

ناشطا سياسيا:
كان الراحل أمين إعلام القاهرة للحزب الوطنى الديمقراطى منذ عام 1994.عضو مجلس الشعب للحزب الوطنى الديمقراطى عام 2000.

له نشاطا اجتماعيا:
كان عضو المجالس القومية المتخصصة.عضو مجلس إدارة النادي الأهلي ورئيس اللجنة الإعلامية والثقافية لعدة دورات.سكرتير عام أندية الإعلاميين.

جوائز حصدها الكنيسي:
حيث حصد الكنيسي علي عدة جوائز ومنها:
درعا التفوق من وزير الإعلام تقديرا لتطوعه كمراسل حربي للإذاعة أثناء حرب أكتوبر.
وسام الجمهورية من الرئيس السابق/ محمد حسنى مبارك تقديرا لأدائه كمستشار إعلامي لمصر في لندن ونيودلهي عام 1982.
جائزة التفوق في الأداء من السيد/رئيس الوزراء عام 1985
نال كتابه الحرب طريق السلام.جائزة أفضل كتاب لعام 1997 في الدراسات الإستراتيجية العديد من جوائز التميز الإعلامي على مدى عدة سنوات متتالية .

أخر محطات حياته:
تعرض الإعلامي الكبير حمدي الكنيسي لأزمة صحية
ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسى، بتوفير الرعاية الطبية الكاملة لرئيس الإذاعة المصرية الأسبق
ونقل الراحل لمستشفى المعادى العسكرى،لكي يتلقى العلاج .
وتوفي بالمستشفى مساء يوم السبت ٢٨\٨\٢٠٢١ ، عن عمر ناهز 80 عاما.

تاريخ الخبر: 2021-08-28 17:23:39
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 50%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية