في الثامن والعشرين من مايو الماضي، تلقت إسراء إبراهيم، 29 عامًا، الجرعة الأولى من لقاح أسترازينكا المكافح لفيروس كورونا المستجد، وكان للقاح بعض الأعراض الجانبية الطفيفة والتي تصفها بالوهمية، نتيجة الخوف من تناوله والأحاديث المتواترة عن خطورته، فقد توهمت الصداع والحرارة من وقت للآخر.

وتروي أنه بعد الجرعة الثانية التي تلقتها في العشرين من الشهر الجاري، أنها شعرت بأعراض إعياء شديدة منها الحرارة الشديدة لثلاثة أيام، يصاحبها قيء، وصعوبة في التنفس ازادات عند ترددها على المسبح للتدرب على السباحة، لذا استشارت طبيب واشتبه في إصابتها بكورونا، وعليه أجرت مسحة و تبينّ إجابيتها ومثلها الزوج، وهنا لم يكونوا على دراية هل الإصابة بسبب المصل أم كانت حاملة للعدوى قبل تلقيه، وظهرت الأعراض بعد جرعته الأخيرة. 

عبد اللطيف المر: 60% ممن تلقوا اللقاح أصيبوا بكورونا مرة أخرى

ويجيب الدكتور عبد اللطيف المر، أستاذ الصحة العامة والطب الوقائي بجامعة القاهرة، بأن اللقاح ضروري وإلزامي في المرحلة الحالية لكل من تجاوز الثمانية عشر عامًا، لكن على متلقيه معرفة أنه لا يمنع الإصابة بعده بشكل تام فنحو 60% من سكان أوروبا وأمريكا ممن سبقونا في توزيعه قد أصيبوا بالسلالات المتحورة من الفيروس المستجد الأسابيع الماضية حسب ما أعلنت الحكومات ومنظمة الصحة العالمية، وهو ليس مقلقًا بالمرة فلقاح الإنفلونزا الموسمية لم يمنع إصابة أصحابه في جميع المواسم ومع تغير التركيب البروتيني له كل عام، لكن تتعظّم فائدته في تقليل الأعراض الجانبية وحماية الجهاز التنفسي.

وبالقياس، يذكر "المر" أن الحكومات ستتجه لتكرار جرعات كل أنواع لقاحات كورونا، ولم يحدد بعد أنها ستكون سنوية أو على فصول ربع سنوية لتقليل الوفيات منه وكذلك دخول المرضى للرعاية الحرجة في حاجة لتنفس صناعي واجهزة إعاشة، مكملًا أنه حتى الآن نتبع نظرية التجربة والخطأ.

أما عن الأعراض التي تلي اللقاح مباشرة فهي أثر جانبي طبيعي، نتيجة دخول أجسام حية من الفيروس للجسم، لذا تهاجمه المناعة وهنا ينتج قيء وحرارة وضيق تنفس، وتختلف الأعراض من شخص لآخر على حسب حالته البدنية، وطبيعي أن تكون نتيجة أي مسحة بعده إيجابية فهي تظهر الأجسام المضادة التي بدأت في طور التكوين ويتم التعامل معها بخوافض للحرارة ومجموعة فيتامينات، على حسب ما ذكر "المر".

أستاذ أمراض صدرية: يجب الالتزام بالإجراءات الاحترازية بعد تلقي اللقاح 

"لا يمكن إنكار فضل اللقاح رغم أنه صُنع سريعًا وانخفض  المنحنى الوبائي حول العالم، لذا وجدنا حركة الطيران عادت بين الدول وكذلك إلغاء فكرة الغلق الكلي وحظر التجوال"، هكذا بدأ الدكتور سمير السيد، أستاذ طب الصدر بالأكاديمية العسكرية حديثه لـ"الدستور"، موضحًا أن أرقام الإصابات بعد تلقي اللقاح ليست مقلقة بالمرة، فكانت متوقعة لاسيما أننا لم نصل لكميات جرعات يجب الاعتماد عليها بشكل نهائي للوقاية، فوارد بعد الانتهاء الجرعتين من سينوفارم أو أسترازينيكا - اللقاحين الاكثر استخدامًا على مستوى العالم _ تبيح شركات التصنيع تقديم جرعة ثالثة بعد 3 أشهر.

وأشار إلى أن نتائج التجارب السريرية كشفت، كما هو معلوم، قدرا من الفعالية بنسب تتراوح ما بين 80 و90% وهي تعد مبشرة للغاية، مما يعني أنها لا توفر حماية بنسبة 100% ضد الأمراض، فيستحيل علميًا أن يوفر لقاح هذا المستوى من الحماية لأي مرض،  لذلك فإنه من المتوقع في أي برنامج لقاح أنه ستكون هناك حالات نادرة بين الأشخاص الذين تم تطعيمهم بالكامل، وبالتأكيد بين بعض الأشخاص، الذين تم تطعيمهم جزئيًا، أي الذين حصلوا على الجرعة الأولى من لقاح من جرعتين، وعند حدوث ذلك يكفي للفرد العزل المنزلي بالبرتوكول العادي فلن تتدهور حالته حتى يصل للمشفى نتيجة تدعيم مناعته باللقاح.

ونبه أستاذ الأمراض الصدرية أنه يجب الاعتماد على التلقيح حاليًا في مواجهة الطفرات والسلالات الجديدة المتطورة من الفيروس، لأنها أشد فتكًا وأسرع انتشارًا، ويجب في أسرع وقت تحقيق مناعة القطيع الملقح كي تعود الحياة لطبيعتها.