التضخم يفرض ضغوطا على متاجر الدولار السريعة الانتشار في أمريكا


انتشرت متاجر الدولار بسرعة في جميع أنحاء الولايات المتحدة منذ الركود العظيم، وجذبت المستهلكين الذين يعانون ضائقة مالية مع تطور القرن الـ21 فيما يتعلق بأنموذج "خمسة وعشرة سنتات" الذي اشتهر به "وولورث" قبل قرن من الزمان.
تدير شركة دولار جنرال Dollar General الآن نحو 17800 متجر، ولدى "دولار تري" Dollar Tree أكثر من 15900 متجر، مقارنة بمنافذ البيع لشركة وولمارت في الولايات المتحدة التي يبلغ عددها 4740 منفذا.
من المتوقع هذا العام، افتتاح نحو ألفي متجر جديد لبيع السلع بدولار واحد، وفقا لأبحاث شركة كورسايت Coresight. يمثل هذا نحو نصف عمليات افتتاح متاجر البيع بالتجزئة في الولايات المتحدة المخطط لها، ويغير الاتجاه السائد في قطاع زعزعته "أمازون" وكوفيد - 19 وتفريغ مراكز التسوق.
أدت وتيرة النمو هذه إلى رفع الرسملة السوقية لـ "دولار جنرال" و"دولار تري" مجتمعتين، وهما أكبر سلسلتين، إلى 75 مليار دولار. تزامن ذلك مع فترة تضخم تحت السيطرة، ما جعل من السهل تحقيق هوامش إجمالية تزيد عن 30 في المائة على المنتجات التي تباع مقابل دولار واحد فقط.
تغيرت هذه الظروف بشكل مفاجئ، حيث سجلت أسعار المستهلك أكبر قفزة سنوية منذ 13 عاما في تموز (يوليو)، في الوقت الذي عانت فيه جميع شركات التجزئة اختناقات الشحن ونقص الموظفين.
يشكل التضخم معضلة خاصة للمتاجر التي تتقاضى دولارا واحدا مقابل سلعها. قال جون سترونج، أستاذ في كلية ويليام وماري للأعمال، "إنه تحدٍ حقيقي عندما يتعين عليك أن تكون متجرا لبيع السلع بدولارين".
في إعلانات الأرباح الأسبوع الماضي، ألقت شركتا "دولار جنرال" و"دولار تري" اللوم على ارتفاع تكاليف الشحن وزيادة الأجور للتأثير على الهوامش. توقعات أرباح الشركتين خيبت آمال المستثمرين.
رفعت شركة دولار جنرال، التي تبيع معظم المنتجات بأقل من خمسة دولارات، بعض الأسعار استجابة لذلك. لكن تود فاسوس، الرئيس التنفيذي، أقر بأن عملاءه الأساسيين "لا يستطيعون تحمل الكثير من الزيادات في الأسعار".
أثار ذلك تساؤلات حول ما إذا كان بإمكان متاجر الدولار الواحد الاستمرار في العثور على المنتجات ذات الأسعار المعقولة والموظفين لتحقيق أهداف النمو القوية.
ذكرت شركة دولار جنرال أن تكاليف الشحن أصبحت تشكل "رياحا معاكسة متنامية". وأوضحت شركة دولار تري حجم التحدي بالقول إن تكاليف الشحن ستراوح بين 185 مليون دولار و200 مليون دولار، أكثر مما كان متوقعا في أيار (مايو).
قال مارك كوهين، أستاذ في كلية كولومبيا للأعمال ورئيس تنفيذي سابق لشركة سيرز كندا، إن الحفاظ على عدد ثابت من المتاجر عندما تتعرض سلاسل الإمداد للضغوط يمثل تحديا، مضيفا أن تحقيق ذلك مع إضافة مئات منافذ البيع الجديدة يعد أكثر صعوبة.
يتطلب افتتاح هذه المتاجر العثور على آلاف الموظفين الجدد في اقتصاد يندر فيه العاملون وتتزايد فيه توقعات الأجور. شركة دولار جنرال وحدها كانت في حاجة إلى توظيف 50 ألف موظف جديد بين تموز (يوليو) وأيلول (سبتمبر).
شركات منافسة، مثل "وولمارت"، زادت الأجور، ووجد محللو "يو بي إس" في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي أن "دولار جنرال" دفعت أقل أجر لكل ساعة من بين 25 شركة من شركات التجزئة التي شملتها الدراسة، بمتوسط يبلغ نحو 9.68 دولار. مع تقديم مستودعات أمازون الآن 15 دولارا لكل ساعة، أي ضعف الحد الأدنى الفيدرالي للأجور، قد تكافح متاجر الدولار للمنافسة.
قال مايكل ويتينسكي، الرئيس التنفيذي لشركة دولار تري، إن نقص العمالة دفع الشركة إلى تقديم مكافآت توظيف بقيمة ألف دولار في مراكز التوزيع التابعة لها وأجورا أعلى في بعض الأسواق. في أيار (مايو)، أشارت تقديرات الشركة إلى أن زيادات الحد الأدنى للأجور على مستوى الولاية والمستوى المحلي قد تكلفها 50 مليون دولار هذا العام.
لاحظ كوهين أن تحسين إعانات البطالة الفيدرالية التي تم تقديمها لتخفيف الآثار الاقتصادية للجائحة ساهمت في مواجهة التحدي، لكنها ستنتهي هذا الشهر.
أشار جون جارات، المدير المالي لشركة دولار جنرال، إلى أن شركته تلقت بالفعل تدفقا من الطلبات بعد أن أنهت بعض الولايات هذه الإعانات مبكرا.
قال تشاك جروم، محلل في جوردون هاسكيت، إن احتمال عودة مزيد من الآباء إلى قوة العمل مع إعادة فتح المدارس قد يوفر أيضا بعض الراحة.
بحسب سترونج، متاجر الدولار لا تزال عرضة للخطر إذا رفع المنافسون توقعات الأجور، لكن "عمالتها غير كثيفة" مقارنة بالسلاسل الأخرى، فهي عادة ما تحتاج فقط من 15 إلى 20 موظفا لكل متجر. قال: "من المؤكد أنها ستتأثر برفع ’وول مارت‘ للأجور، لكنها لن تستخف بها كما لو كانت ستفعل مع شركات تجزئة أخرى".
لدى السلاسل أسباب أخرى للأمل في أن تتمكن من تجاوز رياح التضخم العكسية، بداية من أساسيات نماذج أعمالها إلى سجلها في التكيف مع خفض التكاليف.
قال سترونج إنها لطالما كانت "الشركات التي تصل إلى ما لم تصل إليه وول مارت"، مشيرا إلى أنها استهدفت أسواقا كانت أصغر من أن تبقى مراكز تسوق كبرى.
مع وجود ثلاثة أرباع سكان الولايات المتحدة على بعد خمسة أميال من متاجر دولار جنرال، لا يزال بإمكان هذه المتاجر، كما قال كوهين، الحصول على حصة سوقية من المتاجر الكبرى المحلية والمتاجر "العائلية" دون الاصطدام مع "وول مارت" التي تملك الكثير من الأموال.
في الوقت نفسه، نجاح متاجر الدولار يعكس "تشعبا في الاقتصاد"، كما قال كين فينيو، رئيس قسم الأبحاث والاستشارات في "كورسايت". الانكماش الناجم عن الجائحة العام الماضي جلب مجموعة واسعة من المتسوقين المهتمين بالميزانية، كما أن التضخم في أسعار كثير من السلع الاستهلاكية هذا العام اجتذب مزيدا من العملاء الجدد.
قال سترونج إن المتسوقين من الطبقة الوسطى الذين رأوا سابقا متجر الدولار القريب على أنه "آخر ما يمكن أن اللجوء إليه من متاجر التجزئة" اكتشفوا أنه "أجمل بكثير من ذلك"، مشيرا إلى كيفية قيام السلاسل بترقية المتاجر وتوسيع نطاقها.
في هذه العملية، أصبحوا بارعين في قيادة صفقة صعبة مع الموردين لأن "البنسات مهمة عندما تبيع أشياء مقابل دولار واحد"، كما قال ويتينسكي، من "دولار تري".
مع عدم الحاجة إلى تخزين مجموعة كاملة "إذا كان لدينا بعض الزيادات في الأسعار التي لا نعتقد أننا يجب علينا نقلها إلى (المستهلكين)، سنقوم بإسقاط (السلعة) والانتقال إلى سلعة أخرى"، كما قال فاسوس، من "دولار جنرال".
في غضون ذلك، تحولت السلاسل إلى تكتيك مألوف لضبط أحجام العبوات لذلك "إن كنت معتادا أن يكون لديك ست لفات من ورق المرحاض، سيكون لديك الآن أربعة"، بحسب سترونج.
تتكيف متاجر الدولار أيضا عن طريق إضافة منتجات طازجة ذات هامش أعلى: تجربة أشكال جديدة، وإضافة منتجات أغلى ثمنا. افتتحت شركة دورلا جنرال 16 متجرا من متاجر بوب شيلف Popshelf، تعرض ديكورات المنزل واللوازم المنزلية الأساسية التي تستهدف المتسوقين ذوي الدخل المتوسط. وبالمثل، أضافت شركة دولار تري أقسام "دولار تري بلس" في مئات المتاجر، حيث تكلف المنتجات في المخزون أكثر من دولار.
وفقا لكوهين، مع انخفاض مبيعات المتاجر نفسها على أساس سنوي في الربع الأخير من العام، تواجه كلتا السلسلتين تساؤلات حول مدى اعتماد نموهما على افتتاح متاجر جديدة، لكن التضخم وحده ينبغي ألا يجعلهما أقل قدرة على المنافسة.
قال: "لا أعرف أن بإمكانهما الاستمرار في فتح ألف متجر سنويا، لكن الناس قالوا قبل أعوام إنهم سيخرجون من موقع القيادة ولم يحدث ذلك".

تاريخ الخبر: 2021-09-03 22:23:23
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 36%
الأهمية: 35%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية